الخدمات الاعلامية

سقوط لبنان والمؤشرات الأربعة

كتب (عامر أرناؤوط)

شكل تعبير سقوط لبنان، في التاريخ الحديث هاجساً، لدى العديد من القوى الحية، التي اتخذته أحياناً سبباً ومبرراً لتنازلها، حتى عن أهم عناصر السيادة الوطنية، فضلاً عن خسارتها لشعبيتها المفترضة، ما دفع بعضها المتطرف، إلى الخروج من المشهد السياسي نهائياً، وهو خروج لن تكون العودة متاحة فيه، إلى المربعات الأولى التي تم الانطلاق منها.

هذا هو الواقع اللبناني وتاريخه، الذي عرف خروجاً، للعديد من القوى السياسية، من المشهد السياسي، بعضها عاد، لكن بوظيفة، وخطاب، ولسان سياسي مختلف، شكلاً ومضموناً، عما ترك الناس عليه حال انكفائه، وابتعاده عن لبنان.

لكن مع أهمية هذه الظواهر، وآثارها الممتدة، على كامل الرقعة السياسية اللبنانية، وتوازناتها المعقدة، إلا أن الواقع اللبناني اليوم، لا يقرأ إلا من خلال أربع مؤشرات، ستشكل فيما بينها الشكل، والمصير، الذي سيذهب إليه هذا الكيان المعتل، إن لم نقل المتهالك.

فالمؤشر الأول، يكمن في نجاح هذه الطبقة السياسية، في استيلاد ميزانية مالية، تمهد لفذلكة، تتضمن المحاور الأساسية، والخطوط العريضة، لخطة التعافي المالي، والاقتصادي اللبناني.

وهذا دونه العديد من العقبات، ليس أقلها عدم قدرة الثنائي الشيعي، على تحمل التبعات الشعبية لهكذا ميزانية، وخطة تعافٍ قد تجعل الدول العربية، والقوى الغربية، في قلب المشهد المتحكم في لبنان، عبر صندوق النقد الدولي، وشروطه في إعادة إنتاج النظام اللبناني المالي، بما يتيح استيلاد إدارة الدولة، خارج منظومة الدويلة، ما يسمح للقطاع الخاص، بما يمثله من ثقل على القرار السياسي اللبناني، في افتتاح شراكة مستجدة، مع بنيان القرار الإداري اللبناني، في صيغته الجديدة، التي قد تتولد بفعل الالتزام، بروزنامة الإصلاحات القاسية، التي ستحيل الدولة، إلى أحد الخيارات، التي تدير العملية الإدارية، والسياسية في لبنان.

لذلك فإن مخاطر الفشل، في إنتاج موازنة متجانسة مع الفذلكة، التي تشكل السقف، والمدخل لخطة التعافي الإقتصادي، والمالي اللبناني، ستكون له تداعيات خطيرة جداً، في وضع المسمار الأول، في نعش الدولة وستحيلها في أقل الحدود، إلى مكامن الدول الفاشلة، التي تحتاج إلى تدخل أممي لإعادة إنتاجها.

المؤشر الثاني، هو إعادة الحياة، إلى مفاوضات ترسيم الحدود البحرية، مع العدو الإسرائيلي، برعاية أميركية مباشرة، وبرودة إسرائيلية غير مسبوقة، وانقسام لبناني، حول الخيارات المتاحة، ما سيفتح الباب إلى إمكان فشل هذه الجولة، التي ستنسف كل المبادرة، وستضيع السنوات العشر، التي قضاها الرئيس نبيه بري، في تثبيت الحق اللبناني، وإيجاد أرضية صالحة، ومقبولة، للحل ضمن إطار فن الممكن.

ولعلّ المزايدات الداخلية “الغبية”، وضرورات إبقاء هذا الملف معلقاً لاستخدامه، كأحد جوائز الترضية الإيرانية، في محادثات فيينا، ربما تطيحان بهذه المفاوضات، وبالتالي ستنهيان احتمال الانتقال منها، إلى الحدود البرية، مع العدو الاسرائيلي، فضلاَ مع الدولة السورية، وهذا ما يمكن أن يسحب فتيل التفجير، ربما الأوحد المتبقي، كذريعة بين يدي حزب الله، في حشر وجوده “المقاوم“، في قلب المعدلات السياسية اللبنانية، بدعوى وجود أرض محتلة، وهذا المؤشر يتسابق للأسف، مع شهر شباط القادم، الموعد ربما الأقصى، لنهاية المفاوضات الإيرانية الدولية، المفتوح على كل الاحتمالات، التي لا يقوى لبنان على تحمل تردداتها السلبية، ولا حتى الايجابية.

المؤشر الثالث، القريب الأجل، هو الرد اللبناني المرتقب، على البنود الأثنتي عشر الخليجية العربية، الإقليمية الدولية، على حد قول وزير الخارجية الكويتي، في زيارته الأخيرة، من على منبر الرئاسة اللبنانية، والتي يمكن أن يلجأ لبنان فيها، إلى ديباجات ممجوجة، لن تمر في الأروقة السياسية الخليجية، والغربية، التي تنتظر من الدولة اللبنانية، موقفاً سيادياً، ربما لا تقوى عليه الآن، لكنها على الأقل يجب أن لا تلتف عليه، وتقوضه عبر سياسة التكاذب، التي اعتادت القول، أن لبنان بخير وأن الإستراتيجية الدفاعية، ستنتجها الدولة اللبنانية، عبر الحوار الوطني.

وهو الحوار،الذي قال عنه محمد رعد رئيس كتلة نواب حزب الله، أنه لا يساوي الحبر، الذي كتب فيه، والذي يتعارض مع “الجندي الصغير”، في ولاية الفقيه الايرانية، التي تركز في مصالحها الاستراتيجية أولاً وأخيراً، وربما يأتي لبنان في أواخر اهتماماتها، وأوائل استخداماتها.

هذا المؤشر، تكثر التكهنات حول الرد العربي، والدولي، عليه لكن المؤكد أنه لن يكون هذه المرة كما كان قبل ذلك، فربما تنحو الدول العربية، والخليجية تحديداً، ومن ورائها القوى الغربية، نحو عزل لبنان، واعتباره دولة فاشلة، وحتى عدم السماح له، بترؤس الجامعة العربية، وربما أكثر من ذلك، إلحاقه بسوريا في عدم دعوته للحضور من الأساس، والبدء، في تحضير الآليات، التي تخرجه من الوصاية الإيرانية، مع ما قد ينتج ذلك، من احتمال التطورات الدراماتيكية، الأمنية، والإقتصادية، والإجتماعية، في تداعياتها التي ستجعل مما نعيشه اليوم جنة، بالمقارنة مع ما قد نذهب إليه.

أما المؤشر الرابع والأخير، فهو إقدام الطبقة السياسية اللبنانية، على الإطاحة بالإنتخابات النيابية، خصوصاً أنها ستأتي بعد انتهاء المفاوضات الإيرانية الدولية، وأحد احتمالاتها الفشل، مما قد يدفع القوى المتحكمة في لبنان، إلى اختطاف الكيان اللبناني، والتمسك “بالشرعية“، عبر التمديد لها، بشتى الوسائل الممكنة، ما سيفتح المجال هذه المرة، إلى تفكك هذا الكيان، بإرادة أبنائه لنتحول إلى مرحلة لبنان “المفيد” ولبنان ” غير المفيد”، وهو أن حدث فستكون له تداعيات أمنية خطيرة جداً، ربما تفتح الباب لمواجهة إقليمية دولية شاملة، تعيد رسم الخرائط، وإنتاج صيغ مستجدة، تعكس حجم القوى العالمية، المسيطرة حالياً على المشهد الإقليمي، والمحلي.

كل هذه المؤشرات تتشابك على عنوانين اثنين.

إما حياد لبنان عما يجري في المنطقة، وبالتالي خروجه المتسارع من الأزمة، التي تحيط به.

أو الدخول، إلى تقاطع الأزمات الدولية، والإقليمية، ما سيحيله إلى ساحة مواجهة “رخيصة“، وعندها على الكيان السلام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Here you can just take everything you need for efficient promotion and get the job done well. o’tishingiz Surprisingly, this is not the same as the circumstance with Mostbet. agar o’yinchi MostBet in Bangladesh offers a plethora of pre-match picks in over 20 different sports. o’yin boshlanishidan oldin This means you may use the mobile version to safely make deposits and withdrawals. dasturi