الشراع 29  كانون ثاني 2022

ضربت اسرائيل في حزيران 1981المفاعل النووي العراقي تموز الذي بنته فرنسا وقيل ان العدو الصهيوني استند الى معلومات دقيقة من خبراء فرنسيين ساهموا في بنائه اشتراهم فاعطوه معلومات ساعدتهم في تدميره وليس فقط في اعطابه او تعطيل اجزاء منه .
ومع هذا وعندما احتل الجيش الاميركي العراق في آذار 2003 فإن العدو الصهيوني لم يكتف بتدمير هذا المفاعل قبل نحو 21 سنة فقط بل انه وتحت جنح الظلام واحياناً في وضح النهار في العراق وخارجه قتل علماء عراقيين عملوا في الذرة وقتل باحثين واختصاصيين في مختلف الامور العلمية بدءاً  من سقوط بغداد في 9/4/2003 .. فقد اكتشف اعداء العراق ان علماءه وباحثيه واختصاصييه في مختلف شؤون الذرة والتقنية وكل مجالات التقدم العلمي بلغوا في عهد ألرئيس الراحل صدام حسين نحو 20 الف وهؤلاءكانوا هم ثروة العراق الحقيقية لذا اراد اعداء العراق حرمانه من هذه الثروة … وفي حين ان ايران لاحقت طيارين عراقيين قصفوا مواقعها خلال الحرب معها (1980-1988) كما لاحقت ضباطاً قادوا حرب المدن ضدها في هذه الحرب فإن اسرائيل استهدفت علماء العراق كما قتلت العالم المصري يحىي المشد وغيره قبل الغزو الاميركي كما الضباط الذين قصفوا الكيان الصهيوني خلال حرب التحالف الدولي الذي قادته اميركا ضد العراق لإخراج جيشه من الكويت اعتباراً من 17/1/1991…
ومن سخرية نتائج الغزو الاميركي وكارثيته على العراق ان من تبقى على قيد الحياة من العلماء العراقيين والضباط والباحثين إما هاجروا الى بلاد الله الواسعة ومنهم الى ايران نفسها واكثرهم الى اميركا وبعض دول الخليج العربي وإما لجؤوا الى الداخل العراقي بعيداً عن منازلهم وإما وجدنا ضباطاً او علماء يعملون سائقي اجرة او مسؤولي امن مع هذا الميليشياوي او ذاك …
عقول العراق هي التي يخشاها اعداؤه وهذه العقول هي المهيأة لو بقيت في بلدها وفي مواقعها… بل قل لو سمح بعودة هذه المواقع الى العمل وقد باتت مهجورة منذ نحو عشرين سنة وبعض المختبرات ومعامل البحث العلمي تناتشتها الميليشيات التي سيطرت على بلاد الرافدين وحولتها الى مكاتب لعناصرها وحلت الرشاشات مكان معدات البحث العلمي…  لو عادت هذه المختبرات بناسها وبمعداتها الى العمل لأعادت الحياة الى العلوم والإنجازات العلمية
في العراق … وهذا يعني ان العقول هي الاساس في بناء الامم وليس المعدات فقط….ولنتذكر ان اسرائيل تلاحق العقول الايرانية التي تساهم في بناء القدرة النووية الايرانية … وفي كل فترة نسمع عن اغتيال عالم ذرة ايراني داخل ايران وخارجها او تهريب احد العقول من ايران بإغراءات كبيرة … لكن طالما ظل في اي بلد في العالم مراكز ابحاث ومختبرات علمية وجامعات تخرج اختصاصيين وعلماء .. وطالما هناك صرف كبير على البحث العلمي فإن امكانية الحصول على القدرة النووية يصبح ممكناً الى ابعد الحدود .
انظروا الى ميزانية البحث العلمي في الكيان الصهيوني وقارنوها بميزانية هذا البحث في البلاد العربية مجتمعة وسترون ان كفة ميزانها عند العدو طابشة لمصلحته قياساً بما تصرفه البلاد العربية مجتمعة … والصرف على العقول في المقياس نفسه … تلك هي القضية

 

مجلة الشراع