العلماءُ المسلمون والعرب … بقلم د. إبراهيم حلواني (17) … الأهوازيّ: عليٌّ بنُ عباسٍ الأهوازي

من اللافت أن عُصْبةً من علماء المسلمين تعود في أصولها إلى مناطقَ شرقية في فارس وشمال فارس، مثل كازاخستان وأذربيجان وتركمستان وأوزباكستان، وإلى مناطق المغرب العربي.

من المناطق الشرقية أذكرُ على سبيل المثال: الخوارزمي، الرازي، الفارابي، ابن سينا، البيروني، …

ومن المغرب العربي: ابن الجزار، القرطبي، ابن رشد، ابن خلدون، عباس بن فرناس، …

في عصر النهضة الإسلاميِّ، ساهم العلماءُ المسلمون والعرب في تطور العلوم في كافة المجالات، وخاصة في الفلسفة والفلك والطب والصيدلة والنبات والجغرافيا. في الطب، تميزوا بإجراء التجاربِ والتحقق من النتائج والاستفادة منها، وكانوا سبّاقين إلى الانتباه إلى حالة النفس ومدى تأثيرها على المرضى وعلى صحة الإنسان بشكل عام.

الأهوازيّ

عالمٌ مسلم من أصول زرادشتية.

وُلد في إقليم الأهواز قرب جنديسابور، وتاريخ ولادته مجهول.

يُذكر أنه توفيَ في بغداد، نهايةَ القرن العاشر الميلادي، بين 371 و 384 هـ؛ 982 و 994 م.

عاشَ في عَصر الطَّبيب أبي بكرٍ الرَّازي.

عمل في مستشفى البيمارستان العَضُدي الذي أسّسه عضد الدولة في بغداد.

وفّرَتْ له مُنجَزاتُه في الطبِّ المقامَ الأوَّل بين أطبَّاء عصره ممن سبقوه أو جاءوا بعده من الشرق والغرب.

وهو يُعدُّ من أوائل الأطبَّاء الذين اعتمدوا الدقَّةَ العلمية في أبحاثهم. وقد أوصى العاملين في مهنة الطبِّ بالتَّدرب الدائم والتأنِّي في استخلاص العلَّة، والاستفادة من الأطبَّاء السابقين.

عُرفَ عنه أنه أولُ من وصف عملية استخراج الحصاة من الكِلية بالجراحة.

الكتابُ الملكيّ

من أسباب شهرته كتابُه المسمّى “كامل الصناعة الطبية الضرورية” والمعروف بالـ “الكتابُ الملكيّ”. وهو مخطوطة فيها عشرون مقالةً في الطب وعلم النفس، وهو أكثر منهجية وأكثر اختصارًا من موسوعة الرازي “الحاوي”، ويتقدم في الناحية العملية على كتاب “القانون في الطب” لابن سينا الذي جاء بعده بثلاثة عقود.

يتضمن الكتاب:

• في الطبابة الجسدية:

مواضيعَ في الخصائص الطبية للموادّ، مفاهيمَ محدودةً عن نظام الأوردة الشعرية، تدويناتٍ سريريةً مهمة، وصفَ حركةِ الرحِم أثناء الوضع، إثباتَ أن المولودَ يخرجُ بسبب تقلّصاتِ الرحم وليس بسبب حركاته، تأكيدًا على أهمّيّة الحِمْية في المعالجة وعدم اللجوء إلى العقاقير والأدوية إلا كحلّ أخير.

• في الأعصاب

فصّل في علم الأعصاب وعلم النفس متحدثًا عن النظام العصبي وتشريحه وعلاج آلام الرأس والاضطرابات الذهنية والأرق وضعف الذاكرة والرهاب والغيبوبة وداء السحايا والصرع والشلل النصفي.

• في الطبِّ النفسيّ

كان رائدًا في الطب النفسي، إذ ربط بين حالة المريض النفسية ومرضه. بل ذهب إلى ربط المرض بسلوكيات المريض الاجتماعية وظروفه والعوامل المحيطة به.

استنتج أن الفرحَ والرضا ويُسرَ الحال أمورٌ تؤمّن للإنسان حياةً صحية أفضل من تلك التي يعيشها مَن يعاني من الإحباط والقلق والحزن والخوف.