جبران باسيل اليوم بين مطرقة التمسك بازعور وسندان القبول بفرنجية / الشراع 19 حزيران 2023

الشراع 19 حزيران 2023

بعد جلسة الرابع عشر من الشهر الجاري النيابية التي لم تنته الى اختيار رئيس جديد للجمهورية، كان لافتاً وبشكل مثير للاستغراب حديث كل فريق من الفريقين الداعمين للمرشحين سليمان فرنجية وجهاد ازعور عن انتصاره.

والحديث يطول عما سمي انتصار كل منهما ،وعما اذا كان حقيقة او وهماً،فكل طرف أستفاض في الحديث عما حققه في الجلسة والتصريحات بهذا الخصوص ما زالت تتوالى  ولا مجال لتفنيدها في هذا السياق كون الأهم هو ان العنوان الابرز لما جرى هو العجز عن انتخاب رئيسوالعمل تالياًعلى إخراج البلاد مما تتخبط به من ازمات .

و بات من الواضح ان انتخاب رئيس بمعزل عن التوافق لن يفضي الى الحلول المرجوة طالما ان هناك انقساماً عامودياً يلقي بثقله على الوضع العام في  البلاد .و حتى لو جرى انتخاب رئيس بمعزل عن التوافق  فان الانقسام المشار اليه سيطال كل خطوة بعد الانتخاب ،من تسمية رئيس مجلس الوزراء في الاستشارات النيابية الملزمة ، الى تشكيل الحكومة وصياغة بيانها الوزاري الى نيلها الثقة وصولاً الى ما يمكن ان تقوم به في حال قيض لها الانطلاق بالنسبة لبرنامج الاصلاح المنشود وبالنسبة للتعيينات الادارية هذا فضلاً عن التوجهات والسياسات العامة التي ستتبع في كل القطاعات والميادين والصعد.

وفيما يتعلق  بالجلسة الاخيرة، فان هناك من دون شك رابحين اذا كان مقياس الربح يستند الى قطعهم الطريق على ما كان الخاسرون يريدون القيام به لهزيمتهم .وهذا الامر نسبي وفق المعايير الوطنية العامة لان الاساس في ذلك يبقى قائماً على معادلة اولوية انتخاب الرئيس وهو رئيس الدولة ويمثل الموقع الجامع والحاضن للجميع في ادارة اوضاع البلاد وشؤونها.

واذا كان منطق الربح نسبي في هذا المجال، بالنسبة للاطراف السياسية اللبنانية، فان منطق الخسارة ليس كذلك. خصوصاً ان هناك اكثر من طرف خاسر وفي مقدمتهم رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.

هذه الخلاصة عن جبران باسيل لا يتحدث عنها خصومه فقط ،بعد تداولها في اوساط قريبة من التيار حتى انهااصبحت  عرضة للتساؤلات من قبل شريحة واسعة من الشرائح الحيوية داخل التيار الوطني الحر.

وهناك اليوم نقاش واسع داخل التيار حول ما أدت وتؤدي اليه سياسات جبران باسيل الذي هدد بفصل النواب الذين لم يلتزموا بقراره بالتصويت لجهاد ازعور .

واذا كان جبران باسيل راهن على ان تبنيه لترشيح جهاد ازعور بالتقاطع مع قوى مسيحية اخرى هو لانهاء ترشيح سليمان فرنجية وحرقه. فان هذا الامر لم يحصل كون زعيم المردة ما زال مرشحاً لا بل ان هناك اصراراً على الاستمرار في ترشيحه من قبل داعميه لا سيما ثنائي حزب الله وحركة امل.

اما الامر الثاني الذي ظهر بوضوح فهو ان باسيل أخفق في إجبار كل نواب تكتله النيابي على الالتزام بقراره بالنسبة للتصويت لازعور. وثمة احاديث عديدة حول ان عدداً من النواب اقترعوا لسليمان فرنجية والمقصود هنا ليس نواب حزب الطاشناق الذين لم يترددوا في المجاهرة بذلك بل نواب في الكتلة النيابية المباشرة للتيار. وهو ما اثار استياء جبران وحفيظته وفقاً للمعلومات الشائعة.

وهذا الامر، اي تعرض تماسك ووحدة التيار الوطني الحرلهزات متلاحقة  ، لم ينحصر بالاطار النيابي، بل شملشرائح أوسع من ضمنها قواعده، رغم الجهد الذي بذله مؤسس التيار ميشال عون من اجل ابقاء الامور تحت سيطرة صهره وتجنب الخضات التي يمكن ان تزعزع حضور تنظيمه ودوره .

ويتحدث معارضون لجبران عن ان دائرة منتقدي جبران باسيل اتسعت بشكل غير مسبوق ، حتى ان نائباً سابقاًفي التيار يتحدث عن ان عصر الصهر قد بدأ بالافول وان النتائج لن يطول وقت ظهورها.

عملية الاهتزاز التي اصابت التيار لم تقتصر على تماسكه ووحدته فقط، بل امتدت لتشمل صورة التيار وصدقيته بعد ان تبنى ترشيح ازعور  المتهم في منشورات التيار السابقة بانه جزء من المنظومة التي يقول زعماء التيار انهم في مواجهتها من اجل تحقيق الاصلاح والتغيير . وهذا الامر يناقض ما ورد في كتاب “الابراء المستحيل” .

وهذا الامر رغم الشعبوية الطائفية التي حاول جبران باسيل اضفائها على تبنيه لترشيح ازعور يتناقض مع كل ما درج التيار على الترويج له كتيار اصلاحي ، بصرف النظر عما اذا كان ما ورد كتاب الابراء المستحيل دقيقاًاو غير دقيق في الاتهامات التي وجهها.

اما اكثر ما جعل النقاشات تحتدم داخل التيار فيتعلق بما آل اليه مصير تفاهم مار مخايل مع حزب الله ، وأقل ما يقال فيه انه في وضع حرج حتى لا يقال انه انتهى وصار من الماضي.

ورغم ان الغالبية الساحقة في التيار ترفض اي تبعية لحزب الله او لاي طرف اخر، فانها ترى كما يقول احد قياديي التيار ان جبران باسيل لم يقم الا بخسارة الحزب كحليف قوي ولم يحسن التعاطي معه ،من دون ان يربح شيئاً في المقابل.

والخسارة على هذا الصعيد لا يمكن تعويضها بالنظر الى ما حققه التيار من خلال العلاقة مع الحزب على كل المستويات والصعد والحقول لا سيما السياسية منها. وبدلاًمن تدوير الزوايا كما يقول القيادي نفسه وادارة الخلاف مع الحزب حول موضوع ترشيح فرنجية ، فان ما قام به باسيل هو ضرب العلاقة مع الحزب في الصميم من خلال ما قام به لا سيما بتصريحاته عندما اتهم الحزب بانه يعمل على اختراق الكتلة النيابية للتيار الحر ودفع بعض اعضائها باتجاه التمرد عليه والتصويت لسليمان فرنجية .

اما الاسوأ كما يقول القيادي نفسه فان جبران باسيل حقق لسمير جعجع ما يبتغيه بالنسبة لفسخ العلاقة بين التيار بالحزب ، من دون ان يحقق بالمقابل اي خطوة  على صعيد كسر حالة التنافس والخصومة لا بل حالة العداوة التيتحكم علاقة التيار بالقوات كما لم يحقق اي خطوة على صعيد فك العزلة التي يعيشها التيار سياسياً .واذا كان يقال ان باسيل لم يترك له صديقاً او حليفاً نتيجة توجهاته وسياساته في كل البلاد ، فانه بتسببه باهتزاز العلاقة مع الحزب أغرق التيار بعزلة خانقة لا يمكن له ان يخرج منها بسهولة.

ازاء هذا الوضع المستجد:

هل يعيد باسيل النظر في ما قام به وما هي الخطوة المقبلة التي سيقدم عليها ؟

هل يستمر في التصويت لجهاد ازعور في الجلسات المقبلة؟

ام ان ما جرَبه في هذا الصدد هو مقدمة للعودة الى التواصل مع حزب الله والتفاوض مع قيادته بعد تخليه عن شروطه السابقة؟

وهل يستطيع بالتالي الخروج مما يمر به سياسياً وداخل التيار ؟

الاجابة على كل هذه الاسئلة ليست بالامر اليسير .وجبران نفسه حائر هذه الايام وفق معلومات خاصة ب”الشراع”حيال الخيارات التي يمكن ان يعتمدها وهو يشعر   بانه بات اسيراً بين مطرقة الاستمرار في خياره بالتصويت لجهاد ازعور والابتعاد عن حزب الله، وبين سندان القبول بالتصويت لسليمان فرنجية وبما يضمن له تعويم تفاهم مار مخايل.

 

مجلة الشراع