المركز الثقافي الإسلامي بيروت /بمناسبة شهر رمضان المبارك الصبر ضياءٌ ونعمةٌ بقلم الدكتورة فاطمة عز الدين

في خضم التطورات المتسارعة والإستثنائية والتغيرات الحياتية التي يشهدها عالمنا اليوم، يواجه الإنسان العديد من التحديات التي تتطلب منه التحلي بالصبر والثبات. ويصبح الصبر فضيلة نادرة وأكثر أهمية من أي وقت مضى. لذا، يعدَّ الصبر صفة عظيمة وجوهرة النفس الإنسانية، وسر السعادة في الدنيا والآخرة. ربنا سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم: “وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّنْ رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ”. وقوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ”. وقوله تعالى “واستعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين”. وعن النبي صلى الله عليه وسلم “ما أعطي أحد عطاءً خيرًا وأوسع من الصبر”.
من أكثر أنواع الصبر أهمية: الصبر على الطاعة وهو الالتزام بأوامر الله تعالى واجتناب نواهيه، والصبر عن المعصية وهو الامتناع عن فعل ما نهى الله عنه، والصبر على المصيبة وهو تحمل ما يصيب الإنسان من أمراض أو فواجع أو فقدان.
ومن أهم فوائد التحلي بالصبر: التحكم في المشاعر والتفكير بعقلانية في ظل كثرة الضغوطات، تحقيق الأهداف والمثابرة والسعي دون ملل أو يأس حتى الوصول إلى النتيجة المرجوة، تخطي العقبات والصعوبات بعزيمة وقوة، تحسين العلاقات مع الآخرين، الشعور بالسعادة والرضا والسلام الداخلي.
هناك العديد من الوسائل لتنمية فضيلة الصبر في أنفسنا، أهمها: الاستعانة والتوكل على الله بالدعاء والصلاة، تذكر فضل الصبر وثوابه عند الله تعالى، التأمل والتفكير بإيجابية، الإيمان بالقضاء والقدر، مطالعة سِيَر الأنبياء والصحابة والصالحين الذين صبروا على الابتلاءات والمحن العظيمة، وتوطين النفس على الاقتداء بهم.
ونحن في شهر رمضان شهر الصبر والشكر والإنتصارات والتضحيات، ففي هذا الشهر كانت غزوة بدر الكبرى التي سماها ربنا جل جلاله “يوم الفرقان”، وفي شهر رمضان كان فتح مكة “الفتح الأعظم” على يد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم… وما تلاها من انتصارات جميعها عنوانها الصبر…
شهر رمضان هو شهر إمساك النفس عن خسيس عاداتها وحبسها عن شهواتها، ومنعها عن مألوفاتها، إن الله قد جعل الصوم سببًا قويًّا في إزالة العوائق وحجب النفس، على صعيد الأفراد يُعَدُّ الصبر ثمرة من ثمرات عبادة الصوم، فلنغتنم شهر رمضان شهر الصبر، ولنستلهم منه الدروس النافعة التي ترسخ فينا الأخلاق والفضائل التي دعا إليها
الإسلام.. بلّغنا والله وإيّاكم صيام هذا الشهر المبارك وقيامه…مبارك عليكم شهر رمضان…
وكل عام وأنتم بخير…

د. فاطمة عز الدين