كتب الإعلامي الدكتور باسم عساف في جريدة الشرق – بيروت :* *بِخُذلانِ العرَبُ لِغزَّة … فَلَها ربُّ العِزَّة ….*
*الكيان الصهيوني بنيت فكرته على الغزو والإحتلال لأرض فلسطين ، وتجميع اليهود من الشتات في العالم لأجل الإستيطان فيها ، وقيام الوطن القومي اليهودي ، تمهيداً للتوسع في المنطقة العربية لقيام دولة إسرائيل من الفرات إلى النيل ، ويتم ذلك بمؤآمرة دولية كبرى ، تُسخَّر لها كلّ مقومات الدول ، وكلّ الوسائل المتاحة ، لأجل الوصول إلى الغاية الشاملة ، لقيام الحكم الواحد وبرأس واحد ، تكون فيه الصهيونية هي المهيمنة على العالم الذي يكون في خدمة ما يسمى (شعب الله المختار) …*
اليهود في العالم جميعهم لا يتجاوز عددهم /١٥ مليون نسمة ، بجميع الفئآت التي يتّبعونها *(تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى)* ، وهم إستخدموا كل الوسائل الشيطانية ، التي تغري الإنسان في الحياة الدنيا ، وإستخدموا الغرائز التي تغري النفوس الضعيفة ، اللاهثة بالوصولية إلى المراكز والمناصب والسلطة ، عبر الإنتهازية بالسياسة العرجاء ، أو إلى الشهوات والمزاجية ، عبر إستخدام إنحراف النساء وحفلات المجون ونشر المخدرات وشرب الكحول ، أو إلى الجاه والمال عبر الإستئثار بالذهب والألماس ، والتجارة العالمية والبورصة والمصارف وقروضها ، أو إمتشاق سيف الإعلام والحروب النفسية ، عبر الوسائل الحديثة والمتطورة وخاصة من خلال شبكات التواصل الإجتماعي وعبر الأقمار الصناعية …
*كل ذلك المعطيات ونقاط القوة ، قد بنوا عليها إمبراطوريتهم ، التي سيطرت على مفاصل الحياة لبني البشر ، وهيمنت بها على أفكار الناس بالبهرجات والإشاعات والأكاذيب والأضاليل ، التي تعطيهم أفضل الصفات وأنبل التسميات ، على أنهم يقودون العالم إلى السلام وإلى العيش الرغيد في ظل حقوق الناس والديموقراطية الني توصل إلى العدالة والمساواة …*
ما بُنِي على خطأ فهو خطأ ، وأن حبل الكذِب قصير ، والأمثال عبرَةٌ لمن يعتبر ، ففكرة الوطن القومي اليهودي الذي قام على فكرة الإحتلال لأرض فلسطين ، والإعتلال لشعبها ، والإستغلال لمقدساتها ومقوماتها ، كل ذلك يمثل الدلائل الكبرى عن الإنحراف والكذب والإحتيال بإطلاق الشعارات والصفات التي تدَّعي حقوق الإنسان والعدالة لبني البشر ، حيث بانت من المجازر الدموية التي إفتعلت مع شعب فلسطين من قبل عصاباتهم المسلحة ، في أكثر من موقعه وقرية ومنطقة بالأرض السليبة ، ككفر قاسم ودير ياسين وخان يونس وغيرها الكثير ، التي كانت سبباً في تهجير وتشريد أبناء الأرض وهدر حقوقهم ونهب خيراتهم ، سيما وأن فكرة قيام هذا الكيان قامت على القتل والتدمير والحروب العبثية ، التي تقتل بدمٍ باردٍ ومجازرَ لم تشهد لها الشعوب المحبة للسلام …
*إن فلسطين والمنطقة العربية المحصَّنة برسالة التسامح ، هي الهدف المفترض لتقسيمها إرباً إرباً و تشتيت شعبها ليكون شعوباً شعبوية حزباً حزباً ، والغاية الأساسية للكيان اليهودي أن تبقى المعارك والتناحر والفتن العمياء فيما بينها دائمة الإستنزاف ، حتى لا تبق فيها أي قوةٍ لمواجهة الكيان وإحتلاله ، وإقامة دولته من الفرات إلى النيل …*
لذا كانت دعوته لإتمام خارطة الطريق ، التي بنيت على أوهام وإدعاءآت الإنفتاح والتعاون مع الدول العربية المحيطة ، وذلك بمعاهدات وعقود السلام المزعوم ، ومن ثم التطبيع الذي يصُبُّ في تمتين غاية الكيان لبسط هيمنته وتحكمه بالعالم العربي وما حوله ، ومما يسمى بالشرق الأوسط الجديد …
*إن هذه الغاية لم تكن طارئة على العرب وقادتهم ، إنما بدأت مع قوى الإحتلال من قوات التحالف في الحرب العالمية الأولى وأبرزها إنكلترا وفرنسا ، التي ساهمت كثيراً في إستقدام اليهود من الشتات إلى أرض فلسطين ، وتزويدهم بالسلاح وتقويتهم على أبناء الأرض ، وتشجيعهم للقيام بالمجازر ، وتسخير قادة العرب للسكوت والخنوع لقراراتهم …*
كما تم مع وعد بلفور ، ثم إتفاقية سايكس – بيكو وأيضاً عبر رسائل مكماهون مع الشريف حسين ، التي سهّلت بالخيانة والعمالة ، العديد من التمريرات والإستقواء لليهود على العرب وأهل فلسطين …
*وإستمرت الخيانات عبر الكثير من الحروب الشكلية التي جعلت من اليهود وجيشهم أمام الرأي العام العالمي في حرب نفسية معيبة ، بأنه الجيش الأقوى الذي لا يهزم …*
ومع هذه الترهات والأضاليل ، باتت أنظمة الدول العربية طيِّعةً أمام الكيان ، وزاحفةً متسارعةُ ومتنافسةً بالسباق نحو التطبيع ، مغلفةٌ بلهاثها للتنازل عن الأرض مقابل السلام المزعوم ، الذي إنكشفت النوايا حوله بعشرات السنين من التنازلات ، دونما أن تشهد فلسطين والدول العربية يوماً واحداً من السلام وعدم التوسع والإستيطان ، الذي تجاوز كل الحدود ، فيما أنه غيّب كل القرارات الدولية والعربية والمحلية ، ومع إتفاقية أوسلو للسلطة الفلسطينية المركبة ….
*وأخيراً وليس آخراً ، من أحداث وحروب اليهود مع العرب والفلسطينيين ، منذ نشأة كيانهم المفتعل ، وحتى أحداث وحرب غزة الإجرامية والتدميرية والتشريدية ، والمستمرة بالجنون والهستيريا الصهيونية ، مع حكومة المجرم نتنياهو وأركان حربه ، المتطاولين على نساء وأطفال وشيوخ وأبناء غزة والضفة المدنيين العُزَّل ، مع سكوت الأنظمة العالمية ومنظماتها العميلة…*
والأنكى من ذلك أن الأنظمة العربية والإسلامية الخيانية ، تقف مكتوفة الأيدي من ردع وصد المحتلين الظالمين المعتدين ومنعهم لها من التمادي في غيِّهم وظلمهم ، بل نراهم يتنافسون على مساعدتهم ، وتزويدهم بكل الوسائل والمنتوجات ، وتسهيل مرور كل المواد الإستهلاكية والغذائية والزراعية ، في مقابل منعها وقطع كل الطرق والمعابر عن وصولها لإخوانهم (كما يقولون) ، في غزَّة المنكوبة بالقتل والإجرام والتدمير والجوع ، ومنع وصول الغذاء والماء والدواء ، وأبسط مقومات العيش في البيوت والمستشفيات ومراكز الإيواء ، وحتى السكن بالخيام وفي العراء …
*هؤلاء الخونة يقومون بمسرحيات إلقاء المساعدات من الجو بالإتفاق مع الأعداء ، والتي تذهب إلى أعماق البحار ، عبر أيدي هؤلاء الفجار ، وكأن إتفاقهم مع الأعداء ، لا يُجيز لهم إيصال المساعدات عبر المعابر البرِّية ، كم يوصلونها لهم بكل حرِّية …*
لو لم تكن عملية طوفان الأقصى ضد هذا الإستبداد والظلم ، لوجب على الأمة وشعوبها أن تهبَّ جميعها لقيام عملية طوفان الأقصى ، بل عملية تحرير الأقصى وكامل أرض فلسطين ، لما تشهد من وحشيةٍ وإفتراسِ هذه الوحوش الكاسرة ، وإمعانها بالسيادية الدموية ، التي تسود المنطقة منذ أكثر من مائة عام ، وهي تغلي على المجازر والحروب العبثية دون حسيب ولارقيب ، وهم فرحون بأمتلاك الفيتو على القرار الأممي ، وإستباحة القانون الدولي الإنساني والمحاكم الدولية ، وعدم تطبيق العدل من خلالها …
*بالفعل كان لا بد من طوفان الأقصى لوضع حدٍّ نهائي ، وقطع دابر الفساد والإفساد في العالم ، لهؤلاء المزورين للحقائق ، ومستخدمي الإحتيال على العدالة والمساواة والديموقراطية ، وقد تكفي هذه العملية على فضحهم وتعريتهم من لباس الإنسانية وأقنعة السلام ، فيما بانت حقيقتهم الإجرامية في كافة المشاهد التي إرتسمت على أرض ووجوه أبناء غزّة خاصّة وفلسطين عموماً …*
، وقد كشفت أيضاً :
– تآمر الدول الكبرى والخوض بالإستعباد والظلم والكراهية …
– خيانة وعمالة أنظمة الدول المسماة عربية وإسلامية والذهاب إلى آخر الدرب بالخنوع والخضوع …
*- إثبات أن شعب غزة وفلسطين هم شعب الجبارين الذي تجلى بأبهى صور الصمود والثبات بالأرض والعرض ،والصبر على كل الصعاب بأبسط ما يملكون من سلاح يدوي بالصاروخ والرشاش ، وأبسط ما يملكون من معنويات بالإرادة والإيمان ، وقد أعطوا العالم الدروس والعبر ، أن صاحب الحق لا تسحقه الهزيمة ، طالما أنه يتمتع بالعزيمة ، وإن تخلى وتخاذل قادة العرب والمسلمين عن شعب غزَّة ، فله الفضل والسمو والإعتماد على نصر ربِّ العزَّة ….*