كتب الإعلامي د. باسم عساف :* *أجولةكتلة الإعتدال …* *ستريح لبنان من الإعتلال …*
*عند كل إستحقاق رئآسي ، منذ منح الإستقلال وحتى يومنا هذا ، وخاصّةً ما بعد إتفاق الطائف ، فإن رئآسة الجمهورية ، تبقى عبئاً على لبنان واللبنانيين ، حيث تتجاسر كل القوى على هذا الموقع ، وتتكاثر الترشيحات على هذا المنصب ، إذ يرى كل ماروني بنفسه أنه الأوفر حظاً ، وأنه الأكثر قرباً ، من أن ينال هذا الشرف الكبير ، ومعها لا يقدر أحد أن يطلب منه الترَجُّل ، عن حصانه الأبيض المرصَّع بالذهب ، والموهوب بسرعة الوصول إلى نهاية الشوط ، والفوز بستة سنوات ، يقضي فيها جنى العمر ، ويعيش مع العائلة والحاشية في جنات النعيم ، ولو عاش الشعب في خلود جهنم وإكتوى بنار الجحيم …*
ليس لبنان وحده ، الذي تتقرر فيه الرئآسات والعروش ، وحتى المجالس واللجان من مطابخ دولية ، ومن قرارات فوقية ، تتجلى فيها الدول العظمى ، التي تدير اللعبة والطبخ على مستوى الولائم ، التي تفيد الكروش المنتفخة ، والمملوءة بمحاشي المصالح والمخططات ، حيث تزيد من التوسع والتسلط والهيمنة ، لأن دائرة المنتفعين من الولائم ، قد حدَّدت مراتب المدعوين ، ووزّعت طاولات الوليمة إلى ثلاث …
*فالطاولة الأولى المستديرة الرئيسية ، مخصَّصةٌ للدول الخمس العظمى ، التي تتمتع بالفيتو في مجلس الأمن ، وقد أطلق عليهم : العالم الأول …*
والطاولة المستطيلة والمخصّصة للدول المساندة، والتي تدخل في الأحلاف وفي التحرك السريع لنجدة الطبخة من الإحتراق ، وهم من يُطلق عليهم العالم الثاني والصناعي أو الإنتاجي …
*أما من يطلق عليه العالم الثالث فيفترشون الأرض وتكون سفرتهم تعتمد على بقايا الأطعمة وفُتات العظام ، المنهشة من المفترسين للحوم البشر ، والشارهين إمعاناً في إنتاج هؤلاء ، وفي خيرات أرضهم وبحرهم وسمائهم ، وحتى في هوائهم ، لإرضاء أهوائهم ، وقد سمِّي العالم الثالث ليتجانس مع الثالوث ، الذي يقضي على البشريّة ، ويجعل منها المطيَّة ، لحكم الكرة الأرضية ، وفق النزوات الشيطانيّة ، وهي التي تنشرها عندهم على السويّة ، (بالفقر والمرض والجهل) فيظل هذا العالم بالذات ، يسير بدربهم للولائم ، حتى لا يقوم له قائم …*
من هنا نشير إلى أهمية دور لبنان ، الذي يدور بفلكِ العالم الثالث ، ولتزيد عليه موقعه الإستراتيجي ، لشرقي البحر المتوسط ، وما أدراك مافي أعماق البحر المتوسط ، وهو يشكل نقطة العبور بين الشرق والغرب ، لتمر به طريق الحرير …
*وهو أيضاً يجَسّد حدود الإلتقاء مع الكيان الصهيوني المحتل لفلسطين ، وما يجرُّ ذلك من إحتكاكات وتجاذبات عسكريَّة وأمنِيَّة وإقتصاديّة ، وغيرها من مقومات المقاومة للإحتلال ، التي تزيد توتيراً وتصعيداً مع التحكم بخارطة الطريق ، وإكمال ما يهدفون من مخططات لتسوية وضع الشرق الأوسط الجديد ، ليكون لبنان نقطة الإرتكاز في التسوية للمنطقة ككل ، وبالتالي محط أنظار الطباخين ، وليتلقى فُتات أكلاتهم الدسمة ….*
مع كل إستحقاق إنتخابي ، نيابي أو وزاري ، والأهم منها الرئآسي ، لا يمكن أن يمرَّ مرور الكرام ، ولا حتى يُترك فريسةً للطيور المهاجرة ، ولا للوحوش الكاسرة ، إنما وضعه ودوره ، يوضع بين الأيادي الجاسرة ، بإحتكارٍ محكمٍ على طريقة السماسرة ، حيث لا تكون ألاعيبهم خاسرة ، ولتكون دوماً ياسِرَة وليست مُعسِرَة …
*فيتشارك معهم ربائبهم في الداخل ، ويترافقون معهم بكل المناهل ، ويتلقون منهم التعليمات ، وفي كل خطوة توجيهات ، لا تحيد عنها القيادات ، حتى لو إستمر التسويف لسنوات ، وتمرير الوقت بات للمساومات ، والتمثيل في المجلس النيابي للمسرحيات ، حيث لم يحضر بعد قرار الإنتخابات ، ولأن صدوره يسلك درب العصابات ، ومنفذيه يتوسمون المحاباة ، لأخذ الرضا مع المناجاة ، أن تستديم مناصبهم ومراكزهم بالذات ، وألا يصلوا إلى الهلاك والمأساة …*
هذه مشاهدٌ من مسرحيّة الإستحقاق الرئآسي ، وهي تتم بفصولٍ متلاحقة ، ولكل فصلٍ وجوهٌ متسابقة ، على جلساتٍ إنتخابيّةٍ متبَدِّدة ، ملعوبةٌ بإتقان وصوَرٍ مُتجدِّدة ، وبتوجيهات المخرج المتفَرِّدة ، لصدِّ الكتل المتمرِّدة ، أو تسديد الأصوات المُتجرِّدَة ، لتكون مع الجهة المُتوَعِّدة ، ولتغلب الجهة المُتعنِّدة ، ومع الفشل تظهر المواقف المُنَدِّدة ، لحالات تطيير النِصاب المتعدِّدة ، وهكذا دواليك تكون الرواية المتسَرِّدة …
*وهكذا تكون تمريرات الأوقات الضائعة ، بألوان التمثيل الفاقعة ، وبالسمعة السيئة الذائعة ، لتجربة لبنان الرائعة ، على مدى عهود لامعة …*
يقال في الأمثال : *(تعددت الأسباب والموت واحد)* ، وهذه الحال التي تواجه لبنان واللبنانيين ، ينظرون إلى التآكل والإنهيار ، وإلى تقويض حصن الدولة ومؤسساتها ، وإلى التباغض والتباعد ، وكأنهم في حفلٍ للتهريج ، كلٌ منهم يغني على ليلاه ، غير عابئين مما يتهددهم في الداخل ، ومما يتوعدهم من المتربصين، رغم ما ينخر بهم من فالج ، دونما إيجاد الحلِّ المعالج ، ويتركون إتخاذ القرار للخارج ، ليستمر الفشل الثنائي فيكمله الثلاثي والرباعي ، إلى الخماسي ، وحتى لو أضافوا له السداسي ، فإن الطبخة لم تستوِ بعد ، حيث تم إشغالهم في وليمة أخرى ، وهي ليست ببعيدة المكان ، إذ يمكن إستكمالها بترسيم الحدود البرية…
*لذا عادت حليمة لعادتها القديمة ، وعادت طبخة لبنان لتتحرك من الداخل ، حيث رست الحال إلى الإعتدال ، وجالت على مراسي الأطلال ، علهم يستخرجون الحل الحلال ، ممن أصابهم مرض الغرور والإعتلال …*