*كتب الإعلامي الدكتور باسم عساف في جريدة الشرق – بيروت :* *للمسجد الأقصى أسرى … ولطوفان الأقصى أسرى…*

*تجري الأهمية المقدسة الكبرى للمسجد الأقصى في الرسالة السماوية الإسلامية ، بأن جعله القِبلة الأولى للمسلمين ، قبل أن تتحول إلى الكعبة المشرفة في مكة المكرمة ، يضاف إليها بالأهمية ، مسجد الصخرة التي كانت محطة الإسراء من مكة ، والمعراج للرسول الكريم محمد (ص.) إلى السماوات السبع ، يضاف إليها أيضاً ، مسجد الخليفة عمر بن الخطاب ، الذي شيِّد من بعد العهدة العمرية حيث حافظ بها على كنيسة القيامة وباقي الكنائس في القدس الشريف لما بعد إنسحاب الصليبيين منها ، وما يتبع ذلك من أرض فلسطين المقدسة بمهد ومقام الأنبياء والرسل ، من إبراهيم وحتى السيد المسيح ، وكل ذلك يعطي لهذه الأرض أهميتها وقدسيَّتها لتكون برسالاتها السماوية ، منارة للشرق والغرب ، حتى تهتدي بخير البشرية وأمانها ، والطمأنينة بالعيش الكريم ، الذي يحفظ للإنسان كرامته وعِزَّته على الدرب المستقيم …*
أمااليوم فتشهد أرض فلسطين ، صراعاً مبنياً على إبراز الحق من الباطل ، بحيث يتم التشديد على تثبيت أصحاب الحق فيها ، وإخراج أتباع الباطل منها ، وهذا ما تجسِّده الوقائع التاريخية ، فيمن هم أبناء هذه الأرض الأصليين والأصيلين ، ومن هم المفترين بأحقيَّة وجودهم عليها ، وكيفيَّة إستلابها وإحتلالها ، مع إستغلال القوة المغتصبة لها من بعد الحرب العالمية الأولى …
*وقد جرت أحداثها عالمياً من أجل التوصل لإستقدام الشتات اليهودي المنتشرين هنا وهناك ، وإحلالهم في فلسطين ، وإحتلالهم لأرضها تنفيذاً لمقررات المؤتمر اليهودي العالمي ، الذي عقد في مدينة بازل سنة/ ١٨٩٧/ وتنفيذاً أيضاً لوعد بلفور وزير خارجية بريطانيا سنة/ ١٩١٧ ، وتم تنفيذ الوعد من بريطانيا بعد إتفاقية سايكس – بيكو التي خصصت الإنكليز بحصتهم في إحتلال فلسطين ، وفق توزيع غنائم السلطنة العثمانية المنحلَّة بموجب خسارتها الحرب بسبب خيانة بعض زعماء العرب لها …*
إستمرت الخيانات والمتاجرة بالقضية الفلسطينية من قبل الزعماء العرب ، إمتداداً من رسائل مكماهون إلى الشريف حسين ومن ثم حفيده ، وبعض الولاة الذين يتحكمون بالبلاد ، فكانوا أداةً لخطط إعتمدت في سايكس – بيكو بعد الحرب الكونية الأولى ، وتكملة لها بما تم تقسيمه من الدول ، على ضوء نتائج مؤتمر يالطا ، بعد الحرب الثانية …
*بعد ذلك إستكملوا خططهم ، فعمدوا إلى إنشاء جامعة الدول العربية بناءً لطلب من( إيدن) وزير خارجية بريطانيا ودخولها على خط التسويات وتقسيم فلسطين إلى دولتين سنة /١٩٤٨ في الأمم المتحدة ، والسكوت الأعمى للدول العربية وتخاذلها أمام هكذا قرار …*
إلى أن دخلت أميركا على خط وراثة بريطانيا في دعم الكيان اليهودي وإفتعال الحروب التحريكية والمدبرة لأجل تقوية اليهود في كيانهم وإعطائهم مبرر (الجيش الذي لا يقهر) بعد حروب /٥٦ و/٦٧ و/٧٣ وحروب الإستنزاف ، التي مهّدت للمفاوضات المباشرة وبداية التسويات والإتفاقيات والعقود ، والتي أوصلت اليهود للتطبيع مع دول الطوق والسلطة الفلسطينية ، ليمتد بعدها إلى العديد من الدول العربية والخليجية بالذات ، لأجل الدعم الإقتصادي والتجاري ومنح الأمن والأمان للكيان اليهودي ، تحت ستار الأرض مقابل السلام …
*فيما الكيان اليهودي أكمل تماديه بالقتل والإجرام والتشريد والتدمير والتوسع بالإستيطان والرعونة بتجميع الأسرى في السجون ، وتزايد القصف والغارات المتكررة على المدن والمخيمات ، في الداخل الفلسطيني ، أو المحيط العربي ، حتى وصلت به الكبرياء إلى بغداد ، ليقوم بتدمير المحطة النووية فيها ، مع السكوت والخرس العربي الكامل ومن دون أي وقفة عزّ ولو بالرد المماثل والمناسب من الجيوش التي أنشئت لأجل الإستعراض والتنافس بأبهيتها في اليوم الوطني لكل دولة …*
الأنكى من ذلك فقد تطور الأمر لإستخدامها في القمع للشعوب المنتفضة على الإستبداد ضمن ثورات سمِّيَت بالربيع العربي تحت شعار : *(الشعب يريد إسقاط النظام)* ، إلى أن سقطت جميع الأقنعة ، التي كانت تضعها الأنظمة لإخفاء الوجه الحقيقي للخيانة والخذلان والزحف ، لتطبيق معاهدات صفقة القرن والسير بخارطة الطريق ، المؤدي إلى سطوة اليهود على قرار المنطقة العربية ، وهيمنتهم على مقدرات الأمة وشعوبها …
*كل ذلك كان يجري برضى وموافقة اللاهثين على العروش ، والنافخين للكروش ، والمستخدمين للجيوش ، من أجل فرض واقعٍ معيوش ، يشبه قانون الغاب والوحوش ، ولا يلزمهم إلا الوضع بالنعوش ، ودفنهم بالمعاول والرفوش ، لتتفتح عيون العرب من غبش الرموش …*
فيما تحركت ثلةٌ من المجاهدين ، الذين إقتدوا بسيرة صلاح الدين ، وساروا بدرب التقوى والدين ، وتعاهدوا على ردع الجلادين ، وتطهير اليهود من الميادين ، وهم لتحرير أرضهم مخلصين ، وعلى ربهم معتمدين …
*فتجسدت عملية طوفان الأقصى ، بكل صدق وأمانة ، ومن دون نفاق وخيانة ، ليلقنوا الأعداء درساً لا ينسى ، بالشجاعة والإقدام والإخلاص للقضية ، وكشفاً لحقيقة اليهود ، بالجبن والهوان والفزع ، على عكس ما ألبسوهم ولاة الأمور من لباس القوة والمنعة ، التي لا تقهر …*
لذا إنكشفت عوراتهم ، وتعالت صرخاتهم ، وتضعضعت نزواتهم ، حتى ظهرت شهواتهم ، في إراقة دماء الأبرياء ، بعدما عجزوا عن مواجهة الأقوياء ، فأمعنوا فيهم القتل والتدمير والتشريد ، دونما التوصل إلى أدنى الأهداف المعلنة بإسترداد الأسرى ، والقضاء على المجاهدين ، وإبادة المتحمسين ، وقد طال أمد التفتيش عن الأنفاق ، دون التوصل لتحرير الرفاق ، وإنكشفت أميركا وربيبتها بالنفاق ، واللعب بالفيتو لتضرب كل الآفاق ، متحدية للإجماع على وقف النار وحرب العبث والمشاق ، من دون رؤيا ولا أي إتفاق ، لتكون نهايتهم مرَّ المذاق …
*أكثر من شهرين قد مضوا ، دون تحقيق النتائج المرجوة في تحرير الأسرى اليهود ، في مقابل يوم واحد من أسرهم جميعاً ، وقتل مئآت من أمثالهم ، وحرق وتدمير العشرات من مقرَّاتهم ومدرعاتهم ، والقضاء على منظومة إتصالاتهم وإستخباراتهم ، كل ذلك قد مضى كالبرق بعونه تعالى، كما الباري قد أمر البراق من مكة للأقصى بالرسول قد أسرى ، كانت لعملية طوفان الأقصى سرعتها ونجاحها بجمع الأسرى …*