الخدمات الاعلامية

خطة بن غوريون لتطويق الدول العربية وخلخلة أنظمتها / كتب: عبد الهادي محيسن/ الشراع

الشراع 23 تشرين اول 2023

كان بن غوريون قد وضع نظريتين متكاملتين بشأن كيفيةتقويض القومية العربية : نظرية التحالف مع الدول المحيطة ، وتتطلب قيام الدولة اليهودية بعقد تحالفات مع الدول الأخرى المعارضة للقومية العربية في الشرق وفي الغرب من أجل خلق صراع دموي بينهم وبين العرب الذي صار يُعرف بصراع الحضارات بينما تتطلب ” نظرية التدعيم أن تُنشئ الدولة العبرية طوقا من الدول المعادية حول الدول العربية ، بإقامة علاقات إستراتيجية مع تركيا والدول الأفريقية مثل أثيوبيا وإيران قبل الثورة .

إنطلاقا من ذلك دأب الكيان الصهيوني على دعم الحركات الإنفصالية في السودان ومصر والعراق ولبنان وأي حركات إنفصالية في العالم العربي ، وكانت محاولات الكيان الصهيوني إقناع الولايات المتحدة بفوائد إقامة تحالف سري بين دولة الكيان وبين الدول المحيطة بالعالم العربي إيران وتركيا وأثيوبيا قد ظفرت بالتأييد في آخر المطاف .

أدرك بن غوريون أن هذا التحالف يمكن أن يضع الكيان الغاصب في قلب خطط أميركا للشرق الأوسط فلم يعد الكيان الصهيوني صغيرا ومنعزلا ، بل الرائد وحلقة الوصل بين مجموعة الدول التي يتجاوز عدد سكانها مجموع سكان الدول العربية مجتمعة ، أما فيما يتعلق بالعراق وإيران فهناك تاريخ طويل من تدخل الموساد الخفي الذي يعود الى عشرات السنين الماضية ، وعلى سبيل المثال بدأت السلطات الصيهونية قبل قيام الكيان بتطوير العلاقات مع الأكراد في العراق منذ عشرينات القرن الماضي .

في نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات من القرن الماضي أصبح الكيان الصهيوني المصدر الرئيسي للأسلحة والتدريب العسكري للأكراد في قتالهم ضد الحكومة العراقية المركزية ، ورغم أن التفاصيل الكاملة لم تكشف بعد إلا أن الألوف من عملاء الموساد وأفراد الجيش الصهيوني ، كانوا يتمركزون في أرجاء شمال العراق كمستشارين عسكريين وخبراء زراعيين ومدربين وأطباء .

وبالمثل يمكن رؤية تدخل الموساد العميق في إيران منذ خمسينيات القرن الماضي وقد تشكلت بداية علاقة الكيان الصهيوني مع الشاه ، عندما عمل جهاز الموساد بالتنسيق مع المخابرات البريطانية والأميركية على إسقاط الزعيم الإيراني محمد مصدق سنة 1953 ، وقد مكنت العلاقة التي أقيمت مع شاه إيران الى أن تصبح إيران المستورد الرئيسي للمنتوجات الصهيونية حتى ظهور ثورة الخميني ، كما لعب الكيان الصهيوني دورا في تدريب السافاك جهاز الإستخبارات الإيرني الوحشي الذي يحمي الشاه .

كان هدف الغرب والكيان الصهيوني العمل على إثارة الفتن والمنازعات الأثنية والطائفية في المناطق التي تحكمها ، ومن هنا آثرت بريطانيا وفرنسا أقامة دول قومية في المنطقة تضم كل منها مناطق يغلب عليها طابع أثني أو طائفي معيّن ، يُمّكن إذكاء نار الفتنة فيما بينها فيما بعد ، ومن هنا خططت الولايات المتحدة والكيان الصهيوني لتفتيت المنطقة والزج بها في أتون النزاعات والحروب الأهلية كلما كان الى ذلك سبيل .

إن الإدارات الأميركية المتعاقبة جمهورية كانت أم ديمقراطية ظلت على مدى عقود تمارس ثلاثة أهداف أساسية في المنطقة وهي : ضمان أمن الكيان الصهيوني وتدفق النفط الرخيص غربا واستقرار الأنظمة المتعاونة … وإن كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأميركية وفي كلمة ألقتها في الجامعة الأميركية في القاهرة صيف 2005 قد أجابت على هذا السؤال حيث قالت :

على مدى 60 عاما ظلت بلادي تسعى الى تحقيق الإستقرار على حساب الديمقراطية في المنطقة هنا في الشرق الأوسط ولم نحقق أي منهما ، والآن ها نحن نتخذ مسارا مختلفا حيث يجري إستبدال الإستقرار الإقليمي بسلسلة من الثورات الديمقراطية ، وكانت نتيجة إنهاء الإستقرار المفروض في الشرق الأوسط معروفة ومتوقعة وهي الحرب الأهلية والعنف الطائفي ، وتمزيق البلاد كما هي الحال في العراق وسوريا واليمن وليبيا وغيرها من البلدان العربية .

يتبين بوضوح أن ما ارتكبه اليهود من مذابح ومجازر في بلادنا ليس أسلوبا مارسوه تحت ذرائع وتبريرات فرضتها ظروف هجرتهم وعداوات واجهوها فكان ما قاموا به هو لتثبيت وجودهم ، لكن الإرهاب والقتل والسحق هو معتقد إيماني سياسي يطبع سلوكهم تجاه الآخرين فهم قتلة وقساة وقد وصفهم القرآن الكريم في الآية 47 من سورة البقرة : ” ثم قست قلوبهم من بعد ذلك كالحجارة أو أشد قسوة .. “

إن مناهجنا وثقافتنا باتت خاضعة للإملاءات والإيحاءاتالأميركية والصهيونية لذلك نجد إهتماما كبيرا وملحوظا من الصهيونية وأميركا في التدخل بمناهجنا المدرسية لأن تعاليم اليهود تتركز بشكل كبير على هذه الناحية وتوصي بروتوكلات حكماء صهيون بإيلاء هذا الموضوع أهمية كبيرة فتقول في البرتوكول التاسع :

” في تطبيق مبادئنا عليكم أن تتنبهوا الى الشعب الذين تقيمون بين ظهرانيه وتعملون في بلاده ، وهذا الإنتباه يتعلق بأخلاق ذلك الشعب فإننا إذا أخذنا بتطبيق مبادئنا عليه تطبيقا ظاهريا عاما وعلى نسق متماثل ودون تمييز … فلن يمضي على ذلك أكثر من عقد من السنين حتى يكون طور هذا الشعب قد تغير حتى في أصلب ما يُعرف عنه من خلق العناد والمشاكسة ، وبذلك نضيف شعبا جديدا الى صفوف الذين تم لنا اقتيادهم وإخضاعهم .

عبد الهادي محيسن … كاتب وباحث.

 

 

مجلة الشراع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Here you can just take everything you need for efficient promotion and get the job done well. o’tishingiz Surprisingly, this is not the same as the circumstance with Mostbet. agar o’yinchi MostBet in Bangladesh offers a plethora of pre-match picks in over 20 different sports. o’yin boshlanishidan oldin This means you may use the mobile version to safely make deposits and withdrawals. dasturi