التعصب المذهبي اقوى اسلحة الدمار الشامل/ الشاعر العروبي عمر شبلي/الشراع

الشراع 19 تموز 2023

 يقول الخليفة الراشدي عثمان بن عفّان:

“لا تَبَدِّياً بعد هجرة”

المعنى اللفظي لهذا القول ،هو لا عودة إلى البادية وحياتها بعد الهجرة إلى المدينة.

أمّا القصد الأبعد،

فالهجرة هنا تعني الخروج من زمن والدخول في زمن آخر، تعني الخروج من الجاهلية والدخول في تجربة الحضارة الإنسانية، التي هي إنجاز روحي  وأخلاقي واجتماعي، وهي ثورة على كل ما هو راكد وجامد ومتخلف قادها محمد بن عبد الله الرسول الإنسان.كان الجهد الإنساني فيها عالياً جداً في بناء الحضارة الجديدة التي لا تستطيع أن تنتهي ،لأن غاياتها أبعد من حدود الصحراء.

وكانت آفاقها الروحية بلا حواجز.

انها خلع زمن وارتداء زمن آخر أدركه الخليفة الراشدي الفاروق عمر بن الخطاب عندما جعل التقويم الهجري منطلقاً للوعي الجديد. وبهذا التقويم كان يثبت التأسيس الجديد لانتقال الإنسانية إلى مرحلةالتوسع الاستيعابي ليقبل الآخر بدينه وكان مندمجا مع الآخر في التأسيس الجديد حيث كنت ترى أبناء الديانات الأخرى يعملون في مؤسسات الحضارة الإنسانية الجديدة، ومن مختلف بقاع العالم.

هذه الرؤية المنفتحة هي روح الحضارة التي لا تنتهي.
والذي نراه اليوم من تخلف في مظاهر هذه الحضارة عائد للخروج من فهم كونية هذه الحضارة وأنا أرى أن المذهبيات هي قيود على هذه الحضارة. ان التعصب المذهبي هو أقوى أسلحة الدمار الشامل لحضارتنا الإنسانية، كل تعصب مذهبي هو عداء لروح الهجرة وقتل لها وهو انغلاق. إن أول عمل أنجزته هجرة محمد هو الإخاء بين المهاجرين والإنصار وهذا أعلى درجات التوحيد.

فهل نحظى اليوم بتلميذ من تلاميذ الهجرة المحمدية يوحِّد بين السنة والشيعة ويسير في طريق الهجرة ليؤاخي بين السني والشيعي جوهراً لا لفظاً وسلوكاً لا كلاماً.

طبعاً بداية هذه الهجرة ستلغي الطائفية أيضاً لان الهجرة هي خروج من الانقسام إلى التوحد والانسجام.
والطائفية هي مذهبية في غاياتها وسلوكها.

الشاعر العروبي عمر شبلي

مجلة الشراع