مقالات

شاعر فلسطين الاديب الكبير الاستاذ مروان الخطيب يرثي القامة العملاقة العربية التي غادرتنا الى ضيافة الرحمن ،الاخ والاستاذ والاديب المناضل خالد ابو خالد عاشق تراب فلسطين الحبيبة طيّب الله ثراه .اللهمّ آمين .

رحيلُ الأرجوان…!

 

-إلى شاعرنا الكبير الرَّاحل خالد أبو خالد-

بعيداً عن صخبِ الأيام،
وفي شامِ المَرايا والأحلام،
ومن دونِ انصهارٍ بالأوهام،
يتركُ خالد أبو خالد مقودَ الشَّوقِ،
ويرحلُ مُمْسِكاً بمدادِ التُّوتِ،
بنكهةِ المتنبي صاعداً إلى مداراتِ الرُّؤى،
غيرَ ناسٍ جبلَ التُّوبادِ، وشُمُوخَ صِنين،
وذياكَ المنسرحَ فوقَ أعالي الجَرمقِ والكَرمِل،
يرحلُ،
وفي عينيه أشواقُ نمرٍ،
لا يُهادنُ،
لا يُساومُ،
وتَنزَرِعُ في دماهُ،
البَوارقُ في أربدَ وعَجْلُونَ،
وفي ذاك المَدى اللازورديِّ النَّابتِ في حُدودِ بيروتَ وهي تقهرُ مناحيم بيغن وشارون…!.
لم يكن ابنُ ملحمةِ الحنينِ إلى الفجرِ المشتهى، سِوى قَرَنْفُلةٍ وَمُصَلٍّ في مِحرابِ ” دمي نخيلٌ للنخيل”،
وكانَ يتهجَّى دوماً رُؤيا جلجامشَ في رغبةٍ تفوقُ نبضَ “الأنا” تصاعداً نحوَ سَرمديَّةِ فلسطينَ فوقَ القيدِ والاعتقال،
وكانَ يفوقُ حُضورَ أوديسيوسَ في نزوعِهِ إلى عودةٍ، تستغرقُ في أنفاسِها المَلحميِّةِ حَدَّ الانصهارِ في شُروقِ النَّصرِ الذي تبرَّأ من الذُّبولِ براءةَ الذِّئبِ من دمِ يُوسُفَ عليه السلام…،
وكانَ فوقَ الزِّئبقِ والرَّماد،
يُحِبُّ من الألوانِ الأبيضَ والأسود،
ويستحقُّ عن جَدَارةٍ وفاءَ بينيلوبي،
وينشرحُ صدرُهُ لتفعيلاتِ اللَّيلكِ والأُرجوان،
كانَ يُحِبُّ الفَجرَ بكُلِّ تجلِّياتِه،
كما أحبَّ الشِّعرَ النَّقيَّ، والشَّعرَ الطَّويلَ البَهِيَّ، وكما أحَبَّ تاريخَ عكَّا، ونكهةَ الجٌلَّنارِ حينَ تقرأُ عيناهُ سُطوعَه، وكما أحَبِّ بيسانَ ومواويلَها الشَّعبيَّةَ المُستَغرِقةَ في حنينِها إلى الخُبَّيزةِ وزهرةِ اللَّوزِ، والذَّائبةَ في أتواقِ جِنينَ إلى رجالاتِ الفداءِ والأمجادِ الذينَ قرأ عليهم معنى الانتماءِ إلى سُلالةِ البُرقوقِ والفجرِ والولادة…!.
…، واسألْ جان جينيه القائلَ يوماً: ” ولدتُ في الطريقِ، وسأموتُ في الطَّريق”، واسألْهُ سابعةً وعَمَّانَ عن خالد أبو خالد،
ولا تنسَ أنْ تسألَ عنهُ الكويتَ وصحيفةَ “الشَّعب” هناكَ، وناجي علُّوش، وما تبقَّى من مُروءةِ الأوفياءِ والنُّقباء،
ولا تنسَ أن تسألَ مجلَّةَ “الآداب” البيروتيَّةَ، وحَاراتِ وشَوارعَ بيروتَ: كيفَ كانَ خالد أبو خالد؟!،
والجوابُ الذي يحملُ كُلَّ الإجاباتِ، والصِّفاتِ العَلِيَّةَ لهذه القامةِ السَّخِيَّةِ والأبيَّةِ في كُنهِهَا وعطائها :
كانَ خالد أبو خالد في نهارِهِ عَكُوفاً على نبضِ الشِّعرِ والحرف،
وفي ليلِهِ، كانَ الفدائيَّ المُصَلِّيَ مع بندقيتِهِ حيثُ يلزمُ، ويُوجِبُ المُسارُ إلى فكرةِ التَّحريرِ الشَّاملِ لكلِّ ذرَّةِ تُرابٍ من فلسطينَ الأسيرةِ في قُيودِ الصَّهاينةِ ومُسَانِدِيهم…،
وكانَ كالرِّيشةِ الفتيَّةِ، يقومُ معَ الألوانِ البهيَّةِ لوحةً سامقةً لشمسِ الانتصار…!.
رحلَ عنَّا خالد أبو خالد جَسَداً، وبقيَ لنا، وللأجيالِ القادمةِ ولجميعِ الشُّرفاءِ قامةً صَدَّاحةً بما خَلَّدَهُ في سِجِلِّ ثقافةِ الشَّرفِ والبقاء، حينَ قالَ في المسرحيَّةِ الشِّعريَّة (فتحي):
“قاتِلْ…قاتِلْ،
إنْ لمْ تَقْتُلْ تُقْتَلْ،
إنْ لمْ تَحْمِ الأرضَ بِصَدْرِكَ،
مَنْ يَحميهَا؟،
إنْ لمْ تَزرعْ نَفْسَكَ في أرضٍ،
مَنْ يزرع مَنْ؟!”.
…، وهكذا يرحلُ الصَّادقون،
يَدوسونَ أوسلو، وخَارِطَاتِ الطَّريقِ المُزَيَّفات،
ويبقونَ على عهدِ الوفاءِ للحرفِ والشَّمس،
لا يبتغونَ رضىً من دايتون،
ولا ينشدونَ بلُغَةِ الدُّولارِ والذُّل،
يَحْفَظُونَ العَهدَ حَدَّ الدَّم،
ويؤمنونَ حَدَّ اليقين:
الفجرُ آتٍ، آتٍ، وآتٍ،
رُغمَ وسواسِ الشَّيطانِ الرَّجيم…!.

 

مَروان مُحَمَّد الخطيب
1/1/2022م

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Here you can just take everything you need for efficient promotion and get the job done well. o’tishingiz Surprisingly, this is not the same as the circumstance with Mostbet. agar o’yinchi MostBet in Bangladesh offers a plethora of pre-match picks in over 20 different sports. o’yin boshlanishidan oldin This means you may use the mobile version to safely make deposits and withdrawals. dasturi