من مخازي أهل الفتنة / بقلم الشيخ أسامة السيد/الشراع
الشراع 24 آذار 2022
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى.
قال الله تعالى في القرآن الكريم: {ولا تقُولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلالٌ وهذا حرامٌ لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يُفلحون} سورة النحل.
ليس من الافتراء أن نقول لقد جاء أدعياء السلفية بما لم يُسبقوا إليه من المخازيوالغرائب التي تُخالف ما دَرَجَ عليه المسلمون سلفًا وخلفًا، وتراهم مع ذلك يعتقدون أنهم وحدهم أهل الحق ويُكفِّرون من سواهم ولا يرون سوى رأيهم السقيم وفيما يلي نضع بين يدي القارئ بعض غرائب هذه الفرقة الشاذة لينكشف للمنصفين زيفهم فنقول: لقد خالف الوهابيةُ علماءَ أمة محمدٍ صلى الله عليه وسلم في أشياء فلم يكتفوا بأن أُشربوا في قلوبهم عقيدة التجسيم الموافقة في حقيقة الأمر لعقائد اليهود وراحوا يُروِّجون لها بل زادوا على ذلك بما يندى له الجبين خجلًا وعجبًا فوق العجب من إصرارهم على التجسيم، فمن تلك المفاسد: فتوى الألباني بجواز إرضاع الكبير من ثدي المرأة مباشرة من غير حائل ليصير بذلك محرمًا لها، وزعم أنه يجوز أن يرضع من حلمة ثديها لأنها سوداء لا تُشتهى وذلك في تسجيل له مشهور ومتداول على وسائل التواصل. وألّف “محمد العريفي” كلامًا يُعارض فيه القرآن الكريم وصار يتلوه مقلّدًا قُرَّاء القرآن الكريم وسمَّاه “سورة التفاح” في تسجيل مشهور أيضًا، وقوله هذا ضلال مبين وخروج من الدين، وقد سار العريفي بذلك على خطى “مسيلمة الكذاب” حين زعم أنه يأتي بمثل ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: “يا ضفدع بنت ضفدعين تنقنقين ما تنقنقين“ الخ، فهل اتخذتم مسيلمةَ إمامًا لكم يا أدعياء السلفية؟!
غرائب وتناقض
وزعم ابن باز أن الله تعالى يتصفُ بالظل وقوله هذا تكذيبٌ لقوله تعالى: {ليس كمثله شىءٌ} سورة الشورى. وادَّعى أن تأويل الظل الوارد في حديث السبعة الذين يُظلُّهم الله يوم القيامة بأنه ظل العرش أنه تأويل لا يجوز وأن الواجب إمرار الحديث على ظاهره (أي بنسبة الظل لرب العالمين) وقال: “يظلهم في ظله على الكيفية التي يعلمها“ جاء ذلك في شريط “فتاوى متنوعة– الطائف”، وردَّ الشيخ ابن عثيمين هذه المقالة في “شرحه لرياض الصالحين” طبعة “دار البصيرة“ وقال في وصف من فهم من الحديث أن الله يتصف بالظل: “ومن فهم هذا الفهم فهو بليدٌ أبلد من حمار”. قلتُ: وصدق ابن عثيمين في هذا والعجب أن أدعياء السلفية مع ذلك يُدافعون عن مقالات الاثنين.
وأفتى أحد دُعاتهم وهو أبو الدماء القصَّاب على الهواء مباشرةً بجواز إتيان الذكرِ الذكرَ في دبره طالما يريد من اللواط توسعة دبره لتدخل فيه كبسولة التفجير لما يسمونه بالعمليات الاستشهادية وهذه الفتوى في متناول الأيدي على وسائل التواصل.
وأفتوا بتحريم قول “صدق الله العظيم” بعد الفراغ من قراءة القرآن كما في المجلة المسماة “مجلة البحوث الإسلامية” الصادرة عن رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء” فتوى رقم4310. وربنا تعالى قال: {قل صدق الله} سورة آل عمران. فمن أصدق حديثًا يا وهابية؟ أأنتم أم الله؟!!
ومن غرائبهم أيضًا أن أفتى شيخهم الفوزان بحرمة إهداء المريض شيئًا من الزهور وزعم أنه محض تشبه بالكفار، كما في الوثيقة الصادرة عمّا يُسمى “الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء” فتوى رقم 21409.
وإذا ما كان إهداء الورد للمريض تشبهًا بالكفار بزعمكم أيها الوهابية فلماذا أجاز أحمد الغامدي وهو مدير عام ما يسمى “هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” بمنطقة مكة المكرَّمة سابقًا الاحتفال بالفالانتين بدعوى أنه مناسبة اجتماعية ولماذا قام بعض مشايخكم بإهداء الورود للناس في الشوارع في هذا اليوم؟! فما هذا التذبذب أم لا تفقهون ما تقولون؟!
هذا وقد رُفع سؤال عن حكم قول “دمتم أو دايمة” عند الضيافة كما يجري على ألسنة العوام إلى اللجنة المسماة “اللجنة الدائمة للإفتاء” فأفتوا بحرمة ذلك، فما هذا التناقض والفتوى صادرة عما يُسمى “اللجنة الدائمة” يعني أنهم قد حرَّموا مثل ما عنونوا به اسم اللجنة. وأفتى الألباني بحرمة التسمية بعز الدين ومحيي الدين وناصر الدين كما فيما يُسمَّى “السلسلة الصحيحة” الحديث رقم 207 بينما أتباعه يسمونه بالمحدث محمد ناصر الدين الألباني وهذا معناه أنهم يقولون ما لا يفقهون فما أحيلا حُسن الفهم.
وفي الكتاب المسمى “معلومات مهمة من الدين” لمحمد بن جميل زينو يُحرِّم قول “مرحبًا“، وهذا معناه تخطئة رسول الله صلى الله عليو وسلم، فاعجب لهذه الجرأة على الله ورسوله، فقد روى البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لوفد ربيعة: “مرحبًا بالوفد أو القوم” وروى البخاري ومسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: “مرحبًا بأم هانئ” وقال في عمار بن ياسر “مرحبًا بالطيب المطيَّب” رواه الترمذي في سننه وابن حبَّان في صحيحه والطبراني والحاكم وغيرهم، وقال يوم جاءه عكرمة بن أبي جهل مسلّمًا: “مرحبًا بالرَّاكب المهاجر” رواه الترمذي والطبراني والحاكم.
فقولوا لي بربكم أي دين تدعو إليه الوهابية؟! أبهذا جاء رسولُ الله صلى الله عليه وسلم؟! أم لمثل هذا دعا أصحابه؟! أم كان على هذا السلف الصالح؟! بالتأكيد لا، وتراهم مع ذلك يرمون غيرهم بالكفر ويرون أنهم وحدهم المؤمنون فيا ويلكم يا وهابية يوم يقوم الناس لرب العالمين، والذي نراه أنه صار يصدُق عليكم قولُ الله تعالى في اليهود: {قل بئسما يأمركم به إيمانكم إن كنتم مؤمنين} سورة البقرة.
وليعلم القارئ أن ما ذكرناه هو قليل من كثيرٍ من أضاليل هذه الفئة والحق أنه لا يغتر بهم إلا ضعاف النفوس أما من بحث بإنصافٍ ونظر في تُراث أهل العلم عرف أنهم لا علاقة لهم بالسلف وليس لدعوتهم سندٌ متصلٌ إلى النبي ولا إلى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأن مذهبهم قائمٌ على أهواء يراها كل شيخٍ منهم برأيه ولو أراد الواحد تتبُّع مخازيهم لسطَّر فيها المجلدات وتراهم فوق ذلك متكبرين لا يقبلون النصيحة أجلافًا كالحجارة أو أشد قسوة فنسأل الله حُسن الحال.
