الخدمات الاعلامية

الحريري بين مطرقة الاعتذار وسندان الاستمرار / خاص- “الشراع

مجلة الشراع 14 حزيران 2021

تسعة اشهر مرّت على تسمية الرئيس سعد الحريري في الاستشارات النيابية الملزمة لتشكيل حكومة جديدة وفقاً للمبادرة الفرنسية تتولى اخراج البلاد من دوامة التخبط والانهيار التي تدور فيها  .

الرهان في الاسبوعين الماضيين كان على مبادرة الرئيس نبيه بري من اجل الدفع باتجاه تشكيل الحكومة على قاعدة 24 وزيراً لا ثلث معطل فيها لاحد، وقد تكثفت الاتصالات على غير صعيد معظمها بقي بعيداً عن الاضواء لتذليل اخر ما تبقى من عقبات وعقد من دون نتائج حاسمة حتى الآن تبشر بولادة قريبة للحكومة العتيدة.

وفي الاجتماع الاخير الذي وصف باجتماع البياضة بين جبران باسيل والخليلين ووفيق صفا جرى البحث والتداول في مجموعة من الافكار بينها:

-رفض جبران باسيل فكرة اسناد حقيبة الطاقة لوزير من تيار المردة، مقابل القبول بعدم اسنادها لوزير من حصة رئيس الجمهورية.وبعد التداول في الموضوع طرحت فكرة اسناد هذه الحقيبة لوزير من حزب الله كحل وسط بين المجتمعين.

-وافق جبران باسيل على ان لا يسمي رئيس الجمهورية الوزيرين المسيحيين المستقلين مقابل تخلي سعد الحريري عن شرطه بتسميتهما ، واقترح ان يسميهما بطريركا الروم الارثوكس والكاثوليك ،كما ورد في خبر سابق نشرته “الشراع” قبل ايام . وقد تولى النائب علي حسن خليل نقل الاقتراح الى الحريري الذي رفض المس بصلاحياته معتبراً ان ما يقوم به جبران باسيل هو عملية التفاف وتورية هدفها الحصول بطريقة او باخرى على الثلث المعطل والتحكم تاليا بالقرار فيها بما يؤدي الى جعل الحكومة عاجزة وغير قادرة على انجاز اي امر.

-رفض جبران باسيل شرط منح الثقة من قبل تكتل لبنان القوي الذي يترأسه للحكومة الجديدة رغم ان الحريري يشترط ذلك، من منطلق ان من يفاوض على تشكيل الحكومة ويشترط ان يحصل فيها على ثمانية حقائب وزارية لا يحق له ان يحجب الثقة عنها. وبعد مناقشة هذا الامر تم تركه الى ما بعد حل باقي العقد، علماً ان ثمة فكرة مطروحة لتجاوز هذه العقدة وتتمثل بان يترك تكتل لبنان القوي اي تكتل جبران باسيل الحرية لاعضائه في منح الثقة او حجبها عن الحكومة ، وهو ما كانت اشارت “الشراع” اليه في خبر سابق نشر ايضاً على موقعها قبل ايام .

وبالنسبة لحقيبتي الداخلية والعدل، فان توافقاً تم في الاجتماع المذكور تم على اسناد الاولى لوزير من حصة رئيس الجمهورية على ان يوافق عليه الرئيس المكلف ، على ان ينطبق الامر نفسه على حقيبة وزارة العدل التي يتم اسنادها لوزير من حصة الحريري شرط ان يوافق  ميشال عون على اسمه.

وكما هو معروف فان ما اعقب اجتماع البياضة بات معروفاً لجهة حرب البيانات التي تجددت بشكل اوسع واكثر حدة مما كانت عليه سابقاً ، وهي الحرب التي طغى عليها البعد الشخصي في العلاقة المتوترة لا بل المتأزمة بين الحريري وجبران باسيل، مع استمرار كل طرف في رمي مسؤولية تعطيل تشكيل الحكومة على الآخر .

هذا الجو السوداوي ، دفع عدداً من الاطراف الى ابداء ما يمكن تسميته الهلع من استمرار التأخر في تشكيل الحكومة ليس باعتباره الحل المطلوب بل باعتباره محاولة الفرصة الاخيرة من اجل الحؤول دون ما تعتقد انه ينتظر البلاد في الفترة القريبة المقبلة، وعلى رأس تلك الاطراف النائب السابق وليد جنبلاط الذي لم يترك فريقاً من المعنيين بتشكيل الحكومة الا وارسل لهم موفدين من اجل تحذيرهم مما يحصل على الارض ومما يمكن ان يستتتبع ذلك على كل الصعد والميادين ، ولسان حاله :المطلوب تسوية ثم تسوية ثم تسوية ولا شيء في هذه الظروف الحرجة والصعبة والمريرة سوى التسوية .

ومن الواضح ان جنبلاط يحث الاطراف المعنية بتشكيل الحكومة على تقديم اي تنازل يحتاجه هذا الامر ،وهو صاحب الخبرة الطويلة والتجربة العميقة باوضاع البلاد من خلال ما مرّ به من ازمات يعرف تماماً الى اين يمكن ان تفضي سواء الى الفوضى او الى التسيب الامني او الى انفلات الامور بطريقة يمكن ان تؤدي الى انواع عديدة من الاقتتال سواء ما هو معروف منها او غير معروف في ظل الضائقة المالية والاقتصادية والمعيشية المريرة التي يعيشها اللبنانيون ليس فقط في مناطق تواجد الحزب التقدمي الاشتراكي بل وفي كل لبنان بما يهدد بمجاعة كارثية لن يكون لبنان بعدها كما كان قبلها.

ويسجل لجنبلاط على هذا الصعيد ليس فحسب واقعيته ومقاربته للامور بطريقة تلحظ ما يحصل من تغييرات في الشارع على وقع المعاناة المريرة للناس وخوفهم على حاضرهم ومستقبل ابنائهم وذلك خلافا للكثير من القيادات التي لا تهتم الا بمكاسبها في السلطة والمال والعمل على تزخيم هذه المكاسب وزيادتها وتعزيزها من خلال ما تفرضه من شروط … يسجل لجنبلاط اضافة الى ذلك  دعمه الكامل لمبادرة الرئيس نبيه بري والاتصالات التي يجريها ثنائي حركة امل وحزب الله من اجل الدفع بمسألة تشكيل الحكومة الى الامام. الا ان جنبلاط لم يعد مقتنعاً بان استمرار حالة المراوحة او شراء الوقت من قبل معطلي تشكيل الحكومة يمكن ان ينفع احداً لانه بات واضحاً بان الهيكل عندما سينهار سينهار على رؤوس الجميع . فاي شيء خارج اطار التسوية المطلوبة وان كانت انتقالية يصبح من نوع البحث عن جنس الملائكة او تعبير عن عدم وجود تقدير حقيقي للطبيعة الخطيرة للاوضاع التي يشهدها لبنان وهي الاخطر منذ اعلان ولادة لبنان الكبيرفي العام 1920 وما يترتب عنها قد يكون اسوأ بما لا يقاس بما شهده خلال فترة الحرب البغيضة التي شهدها بين العامين 1975 و1990.

ومع اصرار الرئيس نبيه بري على احداث اختراق ايجابي في جدار الازمة المسدود، فان محاولات استغلال مبادرة رئيس المجلس النيابي من قبل فريق العهد خصوصا من اجل كسب الوقت “وتمغيط” التعاطي مع الازمات بانتظار ما ينتظرون حصوله ،جاء حملة باسيل على مجلس النواب لافتة في توقيتها وتعبيراتها لاسيما في  اطلاق سهامه ضد مبادرة بري ما يعني ان فريق العهد ووريثه السياسي بدأ فصلا جديدا من التصعيد لم يعد يخفى على احد ما ينطوي عليه من اهداف خاصة لجبران لم تعد خافية على احد لاسيما بالنسبة لمشروعه الرئاسي . ولذلك ، فان السؤال المطروح اليوم هو:

هل يمكن للبلاد تحمل المزيد من تضييع الوقت؟

اما السؤال المتصل بموضوع تشكيل الحكومة فهو: هل يقدم الرئيس المكلف على الاعتذار ام يواصل السير في مهمته رغم علمه بان فريق العهد سيواصل ما بدأه لفرض واحد من امرين لا ثالث لهما:

إما القبول بشروط فريق العهد وتحديدا شروط جبران باسيل لضمان تعويض كل ما فقده الاخير بسبب سياساته وتوجهاته وادائه، ومحاولة تعويم نفسه وهو الذي يرشحه عمه ميشال عون لخلافته في رئاسة الجمهورية.

وإما القبول بما يريده فريق العهد ايضاً وهو الاعتذار من مهمته ، كمقدمة لتعيين رئيس مكلف جديد يلتزم بما سيفرضه عليه هذا الفريق.

ويمكن القول في الاجابة على هذا السؤال المتعلق بالحريري هو انه يقف اليوم بين مطرقة الذهاب الى الاعتذار وفقاً لما يتمناه ميشال عون وجبران باسيل وخلافا لارادة الاكثرية النيابية التي سمته وخصوصا بعد تجديد الثقة بتسميته في جلسة تلاوة رسالة ميشال عون امام المجلس النيابي، وبين سندان الاستمرار في مهمته وهو مدرك ان الفريق الاخر لن يترك وسيلة الا وسيستخدمها من اجل الحؤول دون نجاحه في تأدية مهمته ليس فقط على مستوى تشكيل الحكومة بل وفي الاساس على مستوى بذل كل جهد ممكن من اجل فرملة الانهيار الحاصل والانطلاق في برنامج الاصلاح الذي تضمنته المبادرة الفرنسية.

نعم الحريري اليوم بين مطرقة التخلي عن مسؤوليته الوطنية والاعتذار بما يعني هروبه من اداء الدور المطلوب منه، وبين البقاء في أسر الدوامة التي يجد نفسه فيها بعد تسعة اشهر على تكليفه نتيجة العراقيل والعقد والشروط التي يضعها جبران باسيل في وجهه.

فماذا يقرر الحريري الواقف اليوم  بين خيارين احلاهما مر؟

وهل ان الانتظار يمكن ان يؤدي الى  تحقق المعجزة بحلول لحظة تشكيل الحكومة التي لا يستطيع احد اليوم تحديد موعدها؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Here you can just take everything you need for efficient promotion and get the job done well. o’tishingiz Surprisingly, this is not the same as the circumstance with Mostbet. agar o’yinchi MostBet in Bangladesh offers a plethora of pre-match picks in over 20 different sports. o’yin boshlanishidan oldin This means you may use the mobile version to safely make deposits and withdrawals. dasturi