كتب الإعلامي د. باسم عساف

رئاسة الحكومة : وظيفة أم مركز ؟؟؟؟

مع إطلاق وإعلان دولة لبنان الكبير سنة/ ١٩٢٠ من قبل الحاكم بأمره الفرنسي الجنرال غورو…
وقد وضعوا له فيما بعد قوانين وأنظمته على غرار النظام الفرنسي بطبعةٍ لبنانية لإرضاء أبناء الأطراف التي ضُمت إليه من الجنوب إلى الشمال إلى البقاع… إضافة إلى بيروت وجبل لبنان.. كما كانت على عهد المتصرفية خلال الحكم العثماني…
وكما قضت معاهدة سايكس بيكو بتقسيم المنطقة إلى نفوذ فرنسي (سوريا ولبنان) وآخر إنكليزي بين (فلسطين والأردن والعراق…)
وطبعاً برزت الإمتيازات المارونية السياسية في لبنان (وفق الأم الحنون) على حساب الفئآت السياسية الإسلامية والبارزة منها السنيّة المتواجدة على الساحة اللبنانية وثقل إرثها العثماني والعائلي…
إلى أن تعاظمت الإحتجاجات والثورة ضد وجود الإحتلال الفرنسي.. وكان آخرها مجزرة سحق الطلاب المتظاهرين في طرابلس تحت جنازير دباباتهم… وبعد إعتقال رجال الإستقلال في قلعة راشيا.. ثم الإفراج عنهم لتوقيع ميثاق/ ١٩٤٣ وإعلان الجمهورية اللبنانية مع الإبقاء على النظام بإمتيازاته النيابية : /٥٤ نائب مسيحي و/٤٥ نائب مسلم… وإمتيازاته الوزارية بنفس النسبة.. إضافة إلى أن رئيس الحكومة يُعيّنه رئيس الجمهورية ويقيله وفق القانون وكان يسمى الوزير الأول ويحمل مسؤولية السلطة التنفيذية… بينما رئيس الجمهورية هو الذي يرأسها ويعقد إجتماعاتها… حتى وصل الأمر بتسمية رئيس الحكومة بباش كاتب أو ساعي البريد الحكومي ويعمل على تغييره عند أول مطب سياسي…
إلى أن تعاظمت الأمور بأحداث متكررة نظراً لتغيير الوضع السياسي والعسكري والأمني في المنطقة ككل وفي لبنان حيث بات التدخل الأميركي هو الأقوى إلى جانب تعاظم قوة الكيان الصهيوني وإحتلاله لمعظم أرض فلسطين.. وتعاظم وجود المقاومة الفلسطينية بقواعدها في لبنان مع إتفاق القاهرة.. حيث تصاعدت الأحداث الداخلية معهم بعد حادثة باص عين الرمانة.. ومن ثم فرط عقد الدولة وجيشها.. وإنتشار الأحداث على كافة المناطق اللبنانية… إلى أن تم عقد مؤتمر الطائف بالسعودية.. للنواب اللبنانيين برعاية أمريكية وعربية من أجل التوصل إلى ميثاق ودستور بديل عن ميثاق /١٩٤٣…
وهذا ماتم إعلانه بالجمهورية الثانية بعد إلغاء بعض الإمتيازات وتصحيح وضع رئاسة الحكومة وصلاحياتها وأن الرئيس يأتي بموجب إستشارات نيابية ملزمة لرئيس الجمهورية على أن يسميه ويفرد له تشكيل للحكومة بإستشاراته الخاصة وعلى أن تصدر بتوافقهما وتوقيعهما… ولكن تم تحديد ربطها بمؤسسة مجلس الوزراء حيث أعد لها نظام داخلي للعمل الحكومي…
لقد مضى على ميثاق مؤتمر الطائف أكثر من ثلاثين سنة… نصفها قبل إستشهاد الرئيس الحريري والوجود السوري في لبنان.. حيث لم يعملوا على تنفيذه رغم حكمهم المسيطر… ونصفها الباقي بعد خروجهم مع تعاظم قوة الثنائي الشيعي وتضامنهم مع سوريا.. إضافة إلى وجود الإتفاق بينهم وبين التيار الوطني الحر ورئيس العماد عون الذي كان معارضاً بشدة لإنعقاد الطائف وما نتج عنه عندما كان يحكم بعبدا من خلال حكومته العسكرية…
إضافة إلى العديد من القيادات المسيحية التي وقفت ضده وقاطعت الإنتخابات النيابية الأولى بعده… لتعيد الكرّة تلو الكرّة لتعديل الطائف بأكثر من مناسبة تتوافق مع الثنائي… ولكن كل يغني على ليلاه في التعديل والتغيير لمصالح طائفية ومذهبية تعود مجدداً على حساب رئاسة الحكومة وصلاحياتها وطائفتها بمسميات : المثالثة. أو الشعبوية في إسترجاع حقوق المسيحيين ورئآسة الجمهورية.. أو بالفيدررالية.. أو باللامركزية الموسعة.. أو بالإدارة المدنية أو بطروحات : ما لنا.. لنا وحدنا… وما لكم.. لنا ولكم…
وهكذا يبقى رؤساء الحكومات شاهد زور على ما يجري وما يحاك مجدداً على صلاحيات رئيس الحكومة والطائف حيث ينتقل معها من باش كاتب.. إلى كاتب الباشا مع كل التنازلات والتمريقات والسكوت عما يطرحه أو يمارسه كل هؤلاء على حساب الطائف وعلى الميثاق الذي أنهى الحرب اللبنانية وأحداث ميليشياتها وسلاحهم الذي يشذ عنها سلاح يتلطى بإسم المقاومة للإحتلال الإسرائيلي الذي بات خاضعاً لإتفاق /١٧٠١ الدولي وعدم إطلاق النار على اليهود منذ سنة /٢٠٠٦ حتى تاريخه…
نادي رؤساء الحكومات وإستخدام هذا الإسم… هل هو للتسلية واللهو ببعض البيانات والتصاريح.. أم للإستفراد بقرار الطائفة وفق المصالح والأهواء… أم للوصولية إلى المركز وحصريتها بأعضائه فقط..
الكل يخطط وينظم وينفذ ما يطرحون لمستقبل طائفتهم ومستقبل جمهورهم وحقوقهم وما يمكن أن يكسبونه لهم…
وتبقى القيادة المدنية والدينية للطائفة السنية.. رهينة ردات الفعل بالتخويف من الإرهاب والتشرذم والتآكل وهدر الحقوق.. بإنتظار عضّ الأصابع والملامة على قول : (أكلت يوم أكل الثور الأبيض)…
منذ ميثاق ٤٣… إلى الطائف… إلى اليوم.. أين من يقول رئاسة الحكومة وصلاحياتها وطائفتها خط أحمر.. وهو مركز السنّةالأول… والتفاوض على أي لبنان تريدون أن يتم من خلاله… وهو ليس وظيفة يقعد فيها من تعيّنونه…