دائماً.. فتش عن اميركا / من كتاب الزميل حكمة أبو زيد: قضايا وخبايا/الشراع
الشراع 26 كانون ثاني 2022
كان التاريخ الخامس من تشرين الاول 1980، وكنت في نيويورك لتغطية اعمال الجمعية العامة للامم المتحدة، وكان هناك وزير الخارجية فؤاد بطرس على رأس الوفد اللبناني وكان هناك ايضاً العميد ريمون اده الذي اقام له سفير جامعة الدول العربية في الامم المتحدة د كلوفيس مقصود والسيدة عقيلته
المرحومة هالة مالك سلام مأدبة غداء في منزلهما الانيق في احدى ضواحي المدينة .
في المنزل كانوا متحلقين حول عضو مجلس الشيوخ الاميركي السابق جيمس ابو رزق ، وهو يبرر لهم كيف تغلب عليه سميح الصلح وكان يومها مديراً عاماً لوزارة الداخليةفي لعبة طاولة الزهر ، وكان يقول لمستمعيه ان زهر ” مستر ” صلح عظيم جداً ويستطيع ان يغلب بطل العالم بطاولة الزهر.
تقدمت منه وقلت له على الموجة نفسها: ليت زهر لبنان مع اميركا مثل زهر الاستاذ الصلح معك، لكان انتصر على محنته التي طالت كثيراً كثيراً .
وقبل ان يجيبني ابو رزق تدخل العميد ريمون اده: بدك زهر لبنان يكون منيح مع اميركا؟ مستر كيسنغر في الماضي اعتبر ان لبنان بلداً يمكن الاستغناء عنه ، والسناتور ابو زرق اكد لي ذلك عام 1975!!
وسألت السناتور ابو رزق : ما رأيك بما يقوله العميد ؟ فأجاب it is right-.هذا صحيح – انا قلت له هذا الشيء لأني كنت عرفته لكوني عضواً في مجلس الشيوخ في ذلك الوقت .
وعدت اسأل الممثل السابق لولاية داكوتا..الآن وقد ابتعد كيسنغر وادارته عن موقع القرار في السياسة الاميركية هل ابتعدت معه ومعها المخططات التي كانت قد اعدت للبنان؟
شدني الرجل من يدي وجلسنا معاً في في احدى الزوايا بالقرب من د مقصود ثم قال : اسمع يا عزيزي ، انا الآن بعيد عن الكونغرس والادارة الاميركية ، ولكني لست بعيداً عن هموم لبنان وحاجاته ويمكنني القول ان المخطط السابق قد وضع على الرف ولكن لم يلق به في سلة المهملات ، فالدول الكبرى لا تلغي خططها بالكامل ، وانما تهمل بعضها او تضعه في الاحتياط الى حين الحاجة . المهم ان يكون لبنان قد اثبت-وقد اثبت فعلاً – انه بلد لا يمكن الاستغناء عنه ،وان اشعال النار فيه قد يشعل بلداناً اخرى.
تسلم العميد اده زمام الكلام وقال يا اخي علينا ان نفهم ثلاثة امور مهمة واساسية:
- الاولى لو كانت اميركا تريد انهاء المحنة اللبنانية لكانت إنتهت.
- الثاني لو لم يكن لإسرائيل وسورية اليدالطولى في اشعال الفتنة في لبنان لما اشتعلت ولما اتسعت واستمرت.
- الثالث ان اللبنانيين وحدهم هم الذين يستطيعون التخفيف من خسائرهم بإنتظار ان يتم الاتفاق على الحل الشامل لقضية الشرق الاوسط ، ومنها المحنة اللبنانية .
( تعليق الشراع : اليس هذا حال لبنان وهو ينتظر الاتفاق الاميركي – الايراني ؟ )
علق السناتور ابو زرق على كلام العميد ” مستر اده هو الذي يقول ذلك ؟”
فهتف العميد بحيويته المعهودة : نعم انا اقول ذلك الآن وقلته في السابق وسأقوله في المستقبل الى ان يثبت العكس .
وغيب الموت العميد من دون ان يثبت العكس الذي كان ينتظر
