كتب الإعلامي د. باسم عساف /الأمم ، المتحدة على الشعب الفلسطيني …
كتب الإعلامي د. باسم عساف :
الأمم ، المتحدة على الشعب الفلسطيني …
إن إنشاء الأمم المتحدة ، جاء عقب الحرب العالمية الثانية ، وهي قد خلفت عصبة الأمم ، التي أنشئت بعد الحرب العالمية الأولى ، وقد جاء في غاية قيامهما ، أن تكون هناك هيئة عالمية للحد من أخطار الحروب ، ووضع حد لإتساعها ، والعمل على إحلال السلام بين الدول والشعوب ، إضافة إلى تفريع منظمات تتبعها لأجل التوجيه في تحسين العيش الكريم ، على كل الصعد التي تجعل جميع الدول تمنح حقها في المشاركة الفعلية ، لقيام عالمٍ أكثر أماناً وإطمئناناً ، ضمن العلاقات الدولية والمعاهدات التي تنتج المجتمع الدولي المتعاون…
هذا من حيث الشكل ، الذي بني على ميثاق الأمم المتحدة والقوانين الدولية التي تربط الدول ببعضها في هذا الميثاق ، أما من حيث المضمون والواقع ، فنجد منذ البداية ، الإنحياز التام للعنصرية ولللدول المتحكمة بمسار هذه الهيئة وما قبلها من العصبة التي كانت أداة في تأنيب الدول ، التي لا تسير بركاب دول الحلفاء المنتصرين بالحرب العالمية الأولى …
فكان لها ماتريد من وضع القانون الدولي ، الذي أرادوه ، ووضع المعاهدات والمنظمات ، التي تتوافق مع أهداف السيطرة والهيمنة على العالم ، كدول وشعوب ، لتسير بركاب الصهيونية التي برزت في حكومات دول الحلفاء وأبرزها إنكلترا وفرنسا ، وبعدها أميركا ، التي إستعمرت وإحتلت معظم دول الكرة الأرضية ، وتم لها ما أرادت من الإحتلال للأراضي ، والإستبداد والإستعباد للشعوب ، والسرقة والنهب لخيرات وإنتاج هذه البلاد ، وكل ذلك تحت غطاء ومسمى عصبة الأمم ، وأكملتها بهيئة الأمم ، بعد التوسع والإستكمال بوجود الدول الكبرى (أميركا ، روسيا ، إنكلترا ، فرنسا ، والصين ، فباتت هي صاحبة الإمتياز بالفيتو ، الذي يعطي كلٍ منها الحق بإيقاف أي قرار دولي ، ما لم يكن يحظى على موافقتها ، ولو صوتت معظم الدول عليه بالأكثرية الساحقة …
وهذا ماحدث كثيراً لقرارات دولية ، تدين إسرائيل على إعتداءآتها وتصرفاتها بالمجازر والإستيطان والقتل والتدمير خلافاً للقانون الدولي ، وتناقضاً مع قرارات الهيئة ودون إعتبارٍ لها مقابل إتخاذ الموقف المعاكس من أمريكا التي تقف مع إسرائيل قولاً وفعلاً …
وكأن هيئة الأمم وقرار الفيتو قد أعتمد فيها من أجل إسرائيل فقط ، كما حصل أيضاً في قرار الإعتراف بقيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين ، بعد أن جمعوا يهود الشتات في دول العالم ،وأودعتهم إنكلترا قسراً في هذا البلد الذي إحتلته وكان من نصيبها ، كما جاء بإتفاقية سايكس بيكو مع فرنسا ، وقد قامت بتسليحهم وتدريبهم لمواجهة أهل فلسطين ، ومن ثم تهجيرهم بعد القيام بعدة مجازر عنيفة بإرهاب قاتل ،أودت بحياة الآلاف منهم ، وشردت الملايين إلى مناطق أخرى ، وإلى الدول المحيطة فباتوا منذ أكثر من ثمانين سنة لاجئين في الشتات العربي والدولي …
لن يكون الإتهام لهيئة الأمم المتحدة بأنها وجدت لأجل إسرائيل ومساندة الصهيونية ، في السيطرة على العالم ، والهيمنة على الشعوب ، بإتخاذ المقررات الدولية عبر مجلس الأمن ، الذي إتخذوه لإسكات كل صوت أو تحرك لا يصب في مخططاتهم وبرامجهم التي يمررونها عبر المنظمات الدولية التي ترافق هيئة الأمم في التسلط على رقاب الشعوب ، وعلى حكومات الدول …
وذلك بفرض شروطها وتحقيق ما تصبو إليه إسرائيل من غاية العدوان والهيمنة ، حيث من خلالها أن تحكم العالم بأخبث وسيلة مشيطنة ، ومغلفة بقواعد حقوق الإنسان وإحلال السلام ومحاربة الإرهاب وتطبيق الديموقراطية ، وتعميم مبدأ الحريات العامة وحرية القول والعمل ، …
إن من الوسائل التي تستخدمها إسرائيل في كل تحركاتها وفي كل التدابير التي تتخذها ، خاصة للشعب الفلسطيني تدل على الإرهاب ، وعلى الخروج عن تنفيذ القرارات الدولية ، و الإنحراف عن كل المبادئ والمعاهدات التي وضعت لخير البشرية ، أكان في التوسع الإستيطاني وإحتلال معظم أراضي فلسطين ، خلافاً لما أقرَّته الهيئة الدولية بحجج واهية وغير معتبرة وهي تتراكم في الأدراج دون حسيب أورقيب …
من مجزرة كفر قاسم ، وحتى مجزرة غزة الأخيرة ، والحكومة والجيش الإسرائيلي يمعنون قتلاً وتدميراً وتشريداً ، وبكل المشاهد المخذية والمعيبة بحق الإنسانية ، والمشوهة لكل المعايير والحقوق البشرية ، فيما كل الدول ، الكبرى في مقدمتها ، والصغرى على دربها ، والعديد من العربية ، تشاطر الظلم والإستبداد وتقف إلى جانب القتل والتدمير وإرهاب الدول على الشعوب والمدنيين العزّل ، خاصة ممن يلجأوون للمساجد والكنائس والمياتم والمستشفيات والمدارس ، حيث يفترشون أرضاً ، وهم محرومون من أدنى الحقوق الإنسانية ، كالماء والغذاء والدواء ، ليزيدهم العدوان وقادته وصفاً ، بأنهم كالحيوانات ويلزمهم القتل ومجازر الفناء والقضاء عليهم أجمعين…
إن عملية (طوفان الأقصى ) قد قلبت الموازين وقضت على أسطورة الكيان اليهودي ، في يوم واحد ، وبمئآت من المقاومين الصادقين ، فغيّرت عمليتهم مسألة قواعد الإشتباك واللعب بها ، وأيضاً وضعت حداً لمقولة ( الجيش الذي لا يقهر ) ، وألغت مفاعل التطبيع ، لمن قاموا به ووضعت حداً للمتشدقين المقبلين عليه ، كما فضحت دول العالم ، شرقها وغربها وعربها ، بالوقوف مع الباطل المحتل ، والغاصب المعتل ، والكشف عن الوجوه السافرة ، التي تحتال وتنافق على الشعوب والرأي العام ، أنهم يؤيدون حقوق الإنسان ، وحقوق الشعوب بتقرير مصيرها ، وأنهم بمواجهة الإرهاب ، وهم الذين يجسدونه بإرهابهم وإستخدامهم سلاح الدمار الشامل للشعوب …
وباتت جميعها في خندقٍ واحدٍ مع إسرائيل تسير في مواجهة الشعوب ، التي إنتفضت في كل الدول ، وخاصة الكبرى حيث ذاب الثلج وبان المرج عن الكذب والرياء بإظهار الشعارات الفارغة عن الديموقراطية وحقوق الإنسان وهم يؤيدون ويمعنون بالإرهاب وقتل الأبرياء ، وقد إتخذ الأمين العام للأمم المتحدة : (غوتيريش) الموقف العادل من قضية غزة ودعا إلى وقف المجازر بحق المدنيين والأطفال والنساء العزل ، وهو أول موقف على هذا المستوى الذي إستدعى أبناء الباطل من الصهيونية وأتباعها ، للدعوة إلى طرده من الهيئة وإستبداله بمن يناصرهم في الأمم المتحدة …
فهي التي باتت مطية لهم بإتخاذ الموقف الإستبدادي الذي يحكم شعوب العالم على مستوى المشهد الذي تتلقاه غزة وكامل فلسطين الجريحة والسليبة ، منذ أكثر من مائة عام ، والسكوت المطبق على إغتصاب أرضها والتشريد والتنكيل والقتل بأبنائها، فباتت فعلاً :
الأمم المتحدة ، على الشعب الفلسطيني..