ويبقى الإهمال مستمراً/ بقلم الإعلامية الأستاذة هيفاء جارودي

كم مرّة علينا أن نموت في هذا البلد؟! مرّة بانفجار عاصف، ومرة بحريق لاهب، ومرة بغريق الهارب من قدره ولبنانيته؟!
كم مرّة علينا أن نمر بكارثة تلو الكارثة، بيئية، وصحية ونفسية واقتصادية واجتماعية… ننام على رعب ونصحو على فاجعة، وإلى جهنم وبئس المصير؟!
حتى السماء التي نرفع إليها رجاءنا أصبحت أكثر من مرّة مضافة لسحابة سوداء تغطي فضاءات بيروت ولبنان، ثم تنزل كالمطر على الساحات لتلوث الأرض والزرع وما عليها.
نحن في بلد تكثر فيه الحرائق من كل نوع لسبب أو آخر، والأنكى أن ما من أحد في المرفأ مثلاً يعرف ماذا يوجد في عنابره وزواياه من مواد متفجرة قد تظهر فجأة، لتلتهب وتلتهم مستوعباته، وتؤكد لنا بالصوت العالي بأن لا رقابة ولا متابعة صارمة، ولا فرق للسلامة المهنية، ولا حرمة للمرفأ أساساً، والاهم ان لا فرق إطفاء خاصة به ولا حتى بغابات لبنان
ومن لم يقتلنا بالدمار والحريق والغريق قتلنا بالجوع والقهر والقلق والتلوث والاهمال وقلة التدبير.
هناك مَنْ يُصرّ على قتلنا أو تهجيرنا، يريد لبنان خاليا من سكانه ومواطنيه، ربما لتغطية «السموات بالأبوات»، وايهامنا بفكرة «الاهمال» والضحكة الصفراء شبراً على شفتيه. عموماً يبقى «الاهمال» على ما هو عليه وتبقى الشوارع والطرقات حزينة، وعلى المتضرر أن يلجأ للقضاء، ومن غير المستبعد أن يُقيّد «الإهمال» ضد مجهول بعد عمر طويل من البحث والتدقيق والتحقيق، أو نرفع له يافطة تحية، وعفا الله عمّا مضى! وما مضى يصبح قصة للتسلية والتندر وبتصير بأرقى الأوطان!..
يعني لازم علينا أن نموت أو ننسى.. لا والله لن نموت إلا بإذنه تعالى.. ولن ننسى حتى وان لم تشكل حكومة، فالانتخابات النيابية لا بدّ آتية ولا بدّ في نهاية الأمر أن نستعيد لبناننا وعاصمتنا الغالية. والاهم أن نعرف كيف نحمي وطناً سُلب منا ذات يوم.