مقالات خاصة

صندوق الفرجة

صندوق الفرجة

نُشِرَ هذا المقال في جريدة البيان بتاريخ 30/11/2012

كتبت فلك مصطفى الرافعي

(يا مع معشر الجن والإنس إن إستطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فانفذوا، لا تنفذون إلا بسلطان) صدق الله العظيم (آية 32) (سورة الرحمن).
من الضروري الإستهلال والإستدلال بهذه الآية الكريمة حيث الشارع تباركت شرعته حثَّ الإنسان على التنور والتطور بإستعمال السلطان إن كان علماً أو مالاً أو قوة أو عزيمة. فما بين صندوق الفرجة(ملهاة صبية القرن الماضي) وما بين (الفيسبوك) و(التويتر) الكثير من القواسم المشتركة، والفرق بينهما هو (سلطان العلم) الذي نقل صندوق الفرجة من الشارع إلى قلب البيت، فلا يأتيه الولد لاهثاً بل يأتي هو طائعاً ويبقى بينهما الفارق الكبير .
إن الأول على سذاجة وتواضع وصدق وصور جامدة تحاكي الخيال، والثاني على تفوق ومكر ومكيدة وعلى غير طهارة ومن غير مصداقية صارخة. فالأزرار الحديثة تجعل من (عنترة) جباناً، ومن (أبو تمام) جاهلاً، ومن (السندباد الطائر) رئيس عصابة الأربعين حرامي. في الأول ترى ما يريك (المشخصاتي) ويشرح لك، وعليك فقط الإستئناس بتاريخ ومعنى كل صورة، والثاني ترى فيه ما يحاول أكثر دهاقنة العالم التشويه رغم الآف الأبواب الحضارية والعلمية والثقافية.. غير أن ما يفعله صندوق فرجة القرن الحديث من تداعيات وفحش وهتك أعراض وكشف أسرار ساهم بها المشترك على صنفين: واحد لأجل نشر بحث أو البحث عنه، وآخر بغية تركيب الأكاذيب وتشويه الحقائق وإعطاء صورة عن مضمون مختلف، وهذه ضريبة العولمة، إذا حَسُنَ إستعمالها سارعت بنا إلى مصاف التقدم، وإن أُسيء إستغلالها فإلى مرتع وخيم وقد تجعل من (الحر عبداً) إن طمِع، وتجعل من (العبد حراً) إن قَنِع…
صندوق الفرجة أيام زمان، كان كما الحديث من رواة عاصروه فعشنا معه كأنه الغول أو العنقاء “خرافات قابلة للتصديق أو حقيقة تحتمل التشكيك” هو الصندوق الخشبي المعشّق بنحاسيات تخترقه عيون زجاجية نجلاء واسعة شفافة، وبداخل الصندوق لفافة من صور لشخصيات تطلع من عدسات الصندوق حيث يجلس قبالتها أولاد على عددها. هنا (بساط الريح) يسبح في الفضاء من فوق قصور بغداد وأطياف هارون الرشيد وتحط على غابة من رطب البصرة، وفي القمرة الثانية (إبن شداد) يسبي صناديد (ذبيان لينسبه والده إلى مضارب عبس)، على مقربة منها (أبو زيد الهلالي) وفروسيات زمانه، ثم (شهرزاد تقصّ رواياتها قبل أن ينهال عليها سيف شهريار).
حكايات الزمن القديم بدون تزوير ولا تجميل ولا إكسسورات.. حكايات يحملها الأولاد إلى مخادعهم على فراش من صوفٍ كهلٍ أو قطن مصاب بالترهل.
يحملون كل بقايا الصور، يحلمون بها ويتباهون أمام من خانتهم الغروش القليلة فغابوا عن مسرح صندوق الفرجة المليء بأخبار الفروسية والشهامة. ملهاة أيام زمان بعيداً عن قنابل نووية مسحت (هيروشيما وناكازاكي) وملايين من قتلى جيوش (الحلفاء والمحور ). فرحة أيام زمان خارج إطار مراكز التجسس والمؤامرات وإكتساح الشعوب وبصورة بالألوان عن مجازر (التتار والمغول).
صندوق الفرجة اليوم ، فضائح (ويكيليس) و (قنابل ذكية) وتركيب (رأس اوباما على جسد بوتين) وغابات من المحارم تقرع الباب وتدخل بدون إستئذان. وإذا كانت الإمارة (حلوة الرَضاع مُرة الفِطام )، فالإمارة معقودة اللواء للشفافية والبراءة والصدق.
مابين صندوق الفرجة بصورة البارحة واليوم مسافة من زلزال ذي إرتداد أودى بالكثير من القيم .
ويبقى صوت صاحب الصندوق في ذاكرة المدينة يصدح 🙁 تعا تفرج يا سلام، شوف الدنيا بالتمام).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Here you can just take everything you need for efficient promotion and get the job done well. o’tishingiz Surprisingly, this is not the same as the circumstance with Mostbet. agar o’yinchi MostBet in Bangladesh offers a plethora of pre-match picks in over 20 different sports. o’yin boshlanishidan oldin This means you may use the mobile version to safely make deposits and withdrawals. dasturi