مقالات خاصة

الفتنة الجوّالة والإشاعة القاتلة

الفتنة الجوّالة والإشاعة القاتلة

(ملخص مقال نُشِرَ في جريدة البيان بتاربخ 30/5/2012)
كتبت:فلك مصطفى الرافعي

قالت الأمثال ( إذا أردت أن تقتل إنساناً فلا تطلق عليه رصاصة بل أطلق عليه إشاعة)، فالسهم يردي مرة والإشاعة تقتل مرات وتتسع لتشمل معظم المحيط.
والفتنة الجوّالة التي تشهدها الساحة العربية إن هي إلاّ ترجمة منقَّحة لحياكة ظلامية تبدأ بإطلاق “إشاعة” فتكبر دائرة رمي الحجر في البحر ليلفّ شواطئ وسواحل من إرتداد الإنتقال، مثل كرة الثلج تبدأ بما تحمله قبضة اليد لتصل إلى كتلة جبلية تقلع كل ما في طريقها. وقد لفت الشارع الكريم لضرورة أخذ الحيطة من “الخبرية” والتأكد من صوابيتها والتحقق من حدوثها، فجاءت الآية الخالدة ( يا أيّها الذين آمنوا إنْ جاءكم فاسقٌ بنبأ فتبيّنوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ).
كانت بداية أول إشاعة إنطلت على بني آدم هي ما وقعت على “سيدنا آدم” و”سيدتنا حواء” عندما غوى إبليس بهما وحثهما على ما نُهيا عنه مردداً أمامهما أنه الناصح وأنه يدلهما على شجرة الخلد.
الفتنة الجوّالة والإشاعة الكذوب طالت كل الأنبياء الذين رمتهم مجتمعاتهم
– إلاّ القليل- بالسحر والشعوذة والتضليل والكذب والإفتراء والجنون، وكم من مجتمع آثر البقاء تحت ظل صنم على الإعتراف بالخالق الواحد المدبّر . وإذا كانت السماء قد نصرت الأنبياء وأصحاب الرسالات السامية فقد قْفل باب الوحي، وإن هي إلاّ مرحلة ما بين إنتهاء زمن النبوة وزمن إقتراب الساعة، فاستراحت الفتنة الجوّالة وتراقصت عقارب الإشاعة القاتلة لتنال من المجتمعات البشرية للتقاتل والإحتراب بمنطق الغابة وحوار الأنياب والإحتكام إلى الغرائز والأحقاد المتراكمة والإحتقانات الموروثة ، وبغياب قطرة ربّما في برودتها تطفئ ناراً ، وكلمة ربّما في عذوبتها تعيد السيوف إلى أغمادها.
فكم من القبائل والعشائر سرت بهم رذائل الإقتتال والثأر لمجرد شائعة بثّها الشيطان على لسان إنسان فسرت مسرى النار في الهشيم ، وألهبت وأحرقت وقتلت وعبثت، وحتى جلاء الحقيقة تكون المقابر قد فاضت بما حملته بطونها .
وكم من إمرأة لاكتها ألسن الغيرة والحقد فوقعت في مكائد الإشاعات وقتلت عند بيئتها كل الفضائل .
وكم من قيادي ألهبته سياط الإشاعات والأقاويل فقد بريقَهُ ودفع كل تاريخه الأبيض لصالح الفبركات السود وحديث الغرابيب السوداء .
وكم من سلعة إرتفعت وتيرة سعرها إلى أضعاف بفضل إحتكار بغيض جعلها في مكانة لا تطال بسبب تهافت الناس لإمتلاكها ، حتى إذا ما دفعوا بها النفيس أدركوا أنهم ضحايا تجار لا يخافون الله سبحانه وتعالى فيما إستخلفهم عليه.
وكم من شعب آمن دفع أثماناً غالية بسبب إشاعة ، فكانت الفتنة الجوّالة التي تمطر الموت والسوء بعدما أحلنا إلى التقاعد غمام المطر الأبيض فتشرق الأرض بالسهام بدل السنابل ، وبالسّم بدل البلسم.
وإنِّها لصرخة ( تبيّنوا تبيّنوا تبيّنوا ) قبل فوات الأوان وحتى لا تصبح كل مدينة عربية تعيش هاجس “خراب اليصرة ” .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
Here you can just take everything you need for efficient promotion and get the job done well. o’tishingiz Surprisingly, this is not the same as the circumstance with Mostbet. agar o’yinchi MostBet in Bangladesh offers a plethora of pre-match picks in over 20 different sports. o’yin boshlanishidan oldin This means you may use the mobile version to safely make deposits and withdrawals. dasturi