المركز الثقافي الإسلامي بيروت / ليلة العزة ومذابح غزة الشيخ د. زياد الصاحب عضو مجلس الشرعي الإسلامي الأعلى قال اللّه تعالى (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان) سورة البقرة

قال اللّه تعالى (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان) سورة البقرة

وقال عزّ من قائل في سورة الدخان (إنّا أنزلناه في ليلة مباركة إنّا كنا منذرين) والليلة المباركة هي ليلة القدر.

وقال سبحانه (إنّا أنزلناه في ليلة القدر) سورة القدر.

ليلة القدر هي ليلة العز، القدر هو الشرف والجاه عندما يقول أحدنا للآخر (الله يكبّر قدرك) يعني جاهك وقيمتك والمقصود بالشرف والجاه القرآن، فهي ليلة القرآن.

عبد اللّه بن عباس رضي الله عنهما أوضح لنا (أن القرآن الكريم نزل جملة واحدة (دفعة واحدة) من اللوح المحفوظ الى بيت العزة في السماء الدنيا (السماء الأولى)في ليلة القدر في رمضان ثم نزل من السماء الأولى على قلب الحبيب المصطفى صلى اللّه عليه وسلم على مدة ثلاث وعشرين سنة منجماً(مفرقا كالنجوم) على حسب الوقائع والنوازل والأحداث بواسطة الوحي جبريل عليه السلام).

فالقرآن العظيم هو كتاب اللّه العزيز وهو العز والشرف والمجد.

قال الله تعالى(إنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون)والذكر هنا هو الشرف، وسوف يسأل المسلمون عن شرفهم قرآنهم، هل حافظوا عليه أم ضيّعوه، من الواضح أننا ضيّعنا عزنا قرآننا فضاعت منا العزة حيث نشاهد جميعاً مجازر غزة.

مجازر ومذابح بل محارق والتهجير القسري والإبادة الجماعية و تدمير كل مقومات الحياة، المدارس ومراكز الإيواء و الأفران، وتم قصف المستشفيات ومواكب سيارات الإسعاف إلى أنّ وصل الأمر الى سلاح التجويع فمات الأطفال جوعاً. إلى قصف وقتل المدنيين العزل وهم في طوابير انتظار استلام المساعدات.

كل هذا يدل على أمرٍ وهو حصول أهل غزة على أكبر عزة، وعلى أرفع وسام شرف تزامناً مع ليلة العزة والشرف، وذلك لأنهم حصل معهم ما حصل مع سيدنا رسول الله صلى اللّه عليه وسلم، ومع الصحابة الكرام، حيث حاصر كفار قريش النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة في شعب أبي طالب في مكة على مدى سنتين وثلاثة أشهر. منعوا أنّ يصل إليهم أي حبة طحين أو لقمة طعام ومعهم الأطفال، وكانوا يتضورون جوعاً، فأكل الصحابة من ورق الشجر تماما كما أكل أهل غزة ورق الشجر والعشب وعلف الحيوانات.

والحديث النبوي الشريف يعطي الجواب لمن يتساءل لماذا النبي صلى اللّه عليه وسلم والصحابة؟ ولماذا أهل غزة؟

يقول الحبيب صلى اللّه عليه وسلم (أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم العلماء ثم الأمثل فالأمثل يبتلى المرء على قدر دينه). نعم كل من أراد أنّ يحصل على شهادة عليه أنّ يجتاز الامتحان، وكل من يرفَّع الى صف أعلى أيضاً، والابتلاء هو الامتحان، ويكون صعباً وشديداً على حسب الشهادة. فكلما أرتقت المنزلة كلما صعب الاختبار، وأعلى مرتبة هي النبوة، فلذلك أشد الناس بلاءً الأنبياء، وهكذا أهل غزة يعتبرون هم أرقى الناس جميعاً بعد الأنبياء والصحابة، لأنهم وصلوا إلى أرقى منزله بعدهم، هنيئاً لهم، وتقبل منهم ثباتهم وصمودهم البطولي الرائع. صمود أطفالهم الذين أبهروا العالم، ونسائهم اللواتي ادهشوا العالم، وشيوخهم الذين أثّروا في العالم. نسأل الله تعالى في ليلة العزة أن يتمم لهم العزة بالنصر على الصهاينة المجرمين، قتلة الأنبياء وقتله الأطفال والنساء والشيوخ.