كتب الإعلامي د. باسم عساف : /توافق الحزب – باسيل … مهمة لودريان إلى التعطيل …

*الدستور اللبناني وقوانينه ، أكانت بميثاق / ٤٣ ، أم بإتفاق الطائف ، تقوم على مبدأ فصل السلطات ، التشريعية ، والتنفيذية ، والقضائية ، وذلك من أجل إحلال الديموقراطية في العمل السياسي بلبنان ، على أساس : أن النظام فيه يعود لدولة مدنية ، قد أعطت هامشاً في مقدمة الدستور لخاصيَّة الطوائف بإدارة شؤونها وأحوالها الشخصية ، ومع بعض التعديلات الشكلية ، في نتائج مؤتمر الطائف ، الذي كرَّس مبادئ عرفية، لتستفيد منها الطبقة السياسية ، ويفسرونها وفقاً للأهواء والمصالح والأساليب المحاصصية …*
حيث إبتدعوا العديد من المفاهيم في هذا المجال ، وخاصة وضع مبادئ لهم يجري الأمر بإتباعها من المنظومة السياسية ، كمثل الديموقراطية التوافقية ، ومثل الميثاقية الطائفية والمذهبية ، وكمثل المحاصصات في المشاريع التنموية ، والوظائف الإدارية ، الداخلية والخارجية ، والأسلاك الأمنية والتشكيلات القضائية … إلخ…
*إن هذه التفسيرات والبدع السياسية ، أدت إلى تعطيل مبدأ فصل السلطات ، والأهم : كربجة بنود إتفاق الطائف وجعله مطِيَّةً لمصالح المنظومة السياسية ، التي وضعت يدها على مقومات الدولة ، ونصَّبت نفسها على حكم لبنان ، والهيمنة على مقدراته في شتى الميادين ، لذا عمَّ الفساد وبات الهَمُّ الأكبر عندهم بكيفية نهش الدولة ومؤسساتها وتقويض أركانها وأعمدتها في السلطات الثلاث ، فباتت خاويةً على عروشها ، بدل أن تكون كشجرةٍ طيبةٍ أصلها ثابتٌ وفرعها في السماء ، تؤتِ أكُلها كل حين ، ولمن تشاء وخاصة للشعب اللبناني ، الذي هو صاحب الحق في المنفعة والإفادة ….*
إنقضى العهد الجهنمي ، دون حسم وإصلاح هذا الخلل الكبير ، رغم الإنتفاضة الشعبية العارمة على الفساد والفاسدين ، ورغم رفض مسار ومسيرة العهد ، الذي تلهى بالجشع والنهب والبلع ، وكان أشبه بعهد نيرون ، الذي أحرق البلد ليرضي تيار العائلة والأصهار ، ومنها تعطيل بنود الطائف ، بحجة الشعبوية بإسترداد الحقوق والصلاحيات المزعومة ، وفتح العديد من من المعارك الوهمية بين الرئآسة الأولى والثالثة وخاصة تفسير الصلاحيات ، التي أحدثت الخلل السياسي ، وأماتت مؤسسات الدولة ، وتعطل الدستور وبالتالي تشكيل الحكومات ، التي كانت على قياس الأقزام والمستشارين الأتباع ، الذين كانوا كحصان طروادة ورؤوس الحراب ، حيث كانت مهمتهم تغطية السرقات الكبيرة والنهب الجماعي من مدخرات الدولة ، وقد طالت أياديم السوداء مدخرات المودعين في المصارف ، فكان النهب على الميلين ، من المصرف المركزي ومن مصارف الشعب ،وفي كلتا الحالتين : هي أموال الشعب وحقوقه …
*بهذه الأساليب الشيطانية ، التي بات إبليس تلميذاً لهم ، بالتعلُُم منها ونشرها في البلدان التي يريدون القضاء عليها وإفلاسها ، لتكون مطيةً بالهيمنة والتسلط ، ومفتاحها بيد الطباخين الدولييِّن الِلئآم ، ليطبخوا لشعوبها السُمَّ الزؤآم ، فيجعلوهم حائرين كالأيتام …*
وهكذا بات لبنان رهينة شروط صندوق النقد الدولي ، ولا عودة له إلى حالته الطبيعية ، ما لم يركب موجة التطبيع والتركيع والتطويع ، كما بدأت مع الترسيم البرِّي والبحري ، وتجري إلى الترسيم الطائفي والمذهبي ، حتى تكتمل خيوط التسويات ، وتتجسد خطوط خارطة الطريق بالترسيمات …
*إن الفراغ الرئآسي لم يعد من الأولويات ، وقد مضت الأيام لتكرِّس السَنَة الأولى بالفراغ اللبناني من دون رئيس ، وحتى الحكومة المتصرفية العرجاء من دون أرجُل وصلاحيات ، فيما المجلس النيابي مفَرَّغٌ من مضمونه ومحتواه ، وهذا لم يكن عبثاً ، ولا هو بقرار داخلي ، والإشارة بتشغيل العجلات ، ليست بعرض العضلات ، والأحداث المتنقلة هنا وهناك ، للتجييش الشعبوي ولتوتير النفوس ، قبل إعادة العمل بالنصوص …*
هذا ما كشفته القمة الخماسية ، من فشلٍ بإستحقاق المحاولة الرئآسية ، ووضع لودريان كأستاذ الأبجدية ، وإجراء إمتحاناته للكتل النيابية ، بأسئلة من خارج المناهج المدرسية ، التي تعطى في السياسة اللبنانية ، كما يجري في المباحثات الحزبية – الباسيلية ، وبحث التوازنات والحصص المصالحية ، التي تفيد مراكز القوى الشعبية ، حتى تدوم المسيرة التوافقية ، وتجد لها المخارج الرئآسية ، من دون حاجة للأسئلة التعجيزية ، التي تنزل مع المهمات الفرنسية …
*ولو دريان ، ما سلك درب العميان ، على أنه يتعامل مع أبالسة لبنان ، حيث باتت مهمته تغرق بالتعطيل ، وهي للإنحياز تميل ، وللهيمنة الحزبية لا تزيل ، ولهموم وحاجات الشعب لا تكيل ، ولطالما أنه يتواجه برئآسة الجبر مع باسيل …*