كتب الإعلامي د. باسم عساف :العقوق … لمدعي صفة الحقوق

*كتب الإعلامي د. باسم عساف :*

*العقوق … لمدعي صفة الحقوق…*

*ما أكثرهم في ميادين المهرجانات ، أو تواجدهم في الإحتفالات ، أو أمام الكاميرات وفي معظم الحالات ، يتحركون وينشطون في التجمعات والمؤتمرات واللقاءآت ، من أجل إغراء الناس بالشعارات والعناوين والتعليقات ، وهم يحملون أرقى الصفات والكلمات ، لتزيد ترفاً في معاني الحياة ، حين تزعم بأنها منظمات وجمعيات ، تدافع عن الحقوق لكل الفئآت ، أكان للطفل أم المرأة أم الإنسان وفي كل المجالات ، وجميعها ترتسم فقط على الورقيات ، أما بالواقع فهي ليست من الأولويات ، لأن الأهداف المعلنة تخفي الغايات ، فهيهات معرفة حقيقتها هيهات …*
نعم إن تداعيات الزلزال الكبير في جنوب تركيا وغرب شمال سوريا ، الذي وصف بأنه الأخطر والأكبر حتى الآن ، لم يحدث مثله منذ مائة سنة ، أو في القرن الواحد والعشرين على الأقل ، وقد جاء في منطقة محورية ومفصلية تعوم على فوالق جيولوجية ، وصفائح متحركة من القشرة الأرضية وكانت نتائجه بالحجر والبشر كارثية …
*حيث حصد أكثر من خمسين ألف ضحية ، وأكثر من مائة ألف جريح ومصاب بالإعاقات الجسدية ، إضافة إلى الملايين من مشردي الأراضي التركية والسورية ، بسبب تهاوي آلاف الأبنية السكنية ، وآلاف الحالات المأساوية ، تعيش بالعراء مع الثلوج والأمطار والعواصف الرياحية …*
يتساءل هنا كل منصف عن المنظمات الدولية ، أو التي تتولى الدفاع عن المسائل الحقوقية ، فأين هم من المساعدات الإنسانية ، وأين هم من شعاراتهم الفضفاضية ، وأين هم بالنشاط على الأرض الواقعية ، فسلام سلام على الشفافية ، أو على الحقوق لنلقي التحية ، ولنرى فضائحهم في الأقوال النظرية ، التي تعاكس الأعمال الواقعية ، فهم الكاذبون حقاً مية بالمية …
*بالطبع ، فإنها ليست المرة الأولى التي تتبين فيها الأكاذيب والتدجيل بين الواقع والمأمول ، أو بين الأقوال والأعمال ، أو بين العناوين والمضامين ، فجميعها تدل على الخلفيات من تجارة الحقوق الفاسدة التي تدل على الأحقاد الدفينة ، لهؤلاء الذين يستغلون الإنسان بالإنسانية ، ويتلاعبون بالبشر عبر المشاعر البشرية ، ويلعبون على أوتار وأعصاب ونفوس الناس ، بركب موجات الخدمات والأعمال الخيرية ، والتصدي للحاجات الضرورية …*
ذلك كله يدور بوسائل الإستغلال والإعلام ، ليتصدروا الصفحات والشاشات ، والمؤتمرات والصالات ، على أنهم من يقود البشرية إلى مصاف الدول التقدمية ، والمبادئ العليا الحضارية ، لتدين لهم الأرض وما عليها ، فيتسلطون على خيراتها ومقوماتها ، ويهيمنون على شعوبها وسكانها بحجة أنهم القدوة بالدفاع عن الحقوق للإنسان وللطفل وللمرأة وللعمال والعاملين من كل الفئآت ، وهم يشبعون الناس بالشعارات ، والتعاون والتضامن على الإخاء والعدل والمساواة وهم منها براء …
*أين هؤلاء في أماكن الكارثة الزلزالية ؟؟؟ وأين مساعدتهم بفعل الإغاثة وتأمين المأوى وحاجياتهم منها ؟؟؟ أين منهم تأمين الغذاء والدواء والمؤن ؟؟؟ أليسوا هؤلاء المنكوبين من البشر والفئآت الإنسانية التي يزعمون الدفاع عن حقوقها ؟؟؟ أليس بين الناجين والمشردين نساءً وأطفالاً وشيوخاً مدعاة نشاطهم ؟؟؟ أليسوا بالشبه الكارثي مع مشردي أوكرانيا ؟؟؟ أم أنهم مختلفون باللون واللغة والإنتماء !!!*
ليست تركيا وسوريا وحدها التي تكشف حقيقة من يدعي الدفاع عن الحقوق ، ويتباهى بمنظمات دولية تطغى أسماؤها على كل العاملين بالخدمة وتقديم الإحتياجات والمساعدات ، فأين هم مثلاً في فلسطين ومعاناة الأطفال والنساء والشيوخ من الإحتلال ؟؟؟ وأيضاً من إغتصاب الأرض وإنتهاك العرض والإستغلال ؟؟؟ وأين هم من سرقة ونهب خيرات فلسطين من الإنتاج الزراعي والبترولي والغازي وكل أشكال الطاقة لأصحاب الأرض وشعبها ؟؟؟؟
*أين هم في العراق والتدمير والتخريب الممنهج والنهب لخيرات البلاد وتغيير وجهها ؟؟؟ أين هم في اليمن وفي ليبيا وفي بلاد كثيرة تعاني الإحتلال أو الإستغلال أو تعاني من التفرقة العنصرية والطائفية والمذهبية ؟؟؟؟*
أليس ذلك من حقوق الإنسان ، والدفاع عن الحريات العامة والحريات الشخصية حيث يتكلمون عن العدل ومعظم المساجين أو الضحايا بسبب حرية المعتقد والإنتماء الذي جاء في معظم شرعة حقوق الإنسان ؟؟؟؟
*الأكثر دهشة ، حين ترى العديد من الذين يطلقون على أنفسهم بأنهم مثقفون ومتعلمون ، وهم يسيرون في ركابهم ، ولم يكتشفوا إفتراءآتهم ، وهم يدافعون عن حبائلهم ، رغم كثرة فضائحهم ، فهم كالببغاوات في ترداد مفاهيمهم ، دون التفكر والتبصر بأهدافهم ، ودون التكلم والتفاعل بمحاسبتهم …*
وكأنهم بذلك يجسدون مجسم القرود الثلاثة بعدم السمع وعدم النظر وعدم التكلم معتمدين عل قواعدهم المبنية على مفاهيم خاطئة قد نشروها وغرسوها بأفكار أبناء هذه البلاد كمثل (الحيط الحيط ، يارب أوصل عالبيت ) أو (ألف كلمة جبان ، ولا رحمة الله عليه ) أو (فخار يطبش بعضو)…
*أو كمثل هذه العبارات التي تؤدي إلى الخذلان وإلى الخنوع لمن يقود البلاد والعباد بالهيمنة الفكرية بأنهم قادة ورواد الحياة ، وأنهم القدوة في التقنية الحديثة والوصول إلى العوالم الأخرى والبهرجات الفضائية الفضفاضة، التي غزت عقول الجهلة أو التابعين والمنتفعين بالعقوق ، من مدَّعي صفة الحقوق…*