قصيدة لشاعر فلسطين الاديب الاستاذ مروان الخطيب

حَرَمُون…!

هُناكَ،
في مُنتَصفِ الطَّريقِ بينَ الحُلمِ والاشتياق،
بينَ رُوما ويثربَ،
بينَ زُوربا وكزانتزاكيس،
بينَ زغربَ وقُرطبة،
وبينكِ وبيني،
كانَ ابتهالُ التِّينِ وتَوقُ الزَّيزفون…!.

***

هُناكَ،
في أتُونِ الشَّوقِ للبنفسج،
تَسَلَّحَ أنكيدو بِهالةِ الانزياحِ للقلب،
فاكتشفَ سِرَّ المسافةِ التي تربطُهُ بِمَنْ أصبحتْ حبيبتَهُ،
ثُمَّ غَفَا في دائرةِ الظِّلِ مُسَوَّراً بالصَّفصافِ والحُور،
واغتذتْ نياطُ قلبِهِ من أبجديَّةِ الكينا وأمواهِ الأعماقِ المسكونةِ بالشَّوقِ إلى الرُّمان…!.

***

هُناكَ،
في مدينةٍ مَحْفُورةِ الجُذورِ في الطِّين،
قائمةٍ بينَ التَّكايا والمَرايا واللَّيلَك،
وَمَجبولةِ النِّطافِ بالمَريميَّةِ والحَنُّون،
وَتُجيدُ فقهَ القرآنِ والتَّنزيلِ الحكيم،
وَمُشْرِفةٍ على المَاضي كجَبلِ المُكَبِّر وحَرَمُون،
وَتُحسنُ قراءةَ الأسفارِ والأقمارِ والنُّجوم،
هُناكَ وُلِدَ الأملُ من دونِ يأس،
وكُتبَ على ناصيتِهِ: الياسمينُ لا ينحني،
ولا يَمُوتُ اليَقين…!.

***

هناكَ،
في غاباتِ السَّرو،
قرأتْ سُنونوةٌ الإلياذةَ والأوديسَّةَ، مَلْحَمَتَيّ هوميروس،
ونظرتْ إلى أوديسيوس وبينيلوب،
ثُمَّ ضرعتْ إلى باريها: اللهمَّ لا تمتحنْ قلبي بِفَقدِ مَنْ أُحِبُّ…!.
***
هُناكَ،
في بُقعَةٍ مُطِلَّةٍ على ذاكرةِ الوجع،
وقفَ مُنْتَصِباً الرَّيحانُ بنُ ماءِ الرُّمان،
ونظرَ إلى الأفقِ العليِّ،
ثُمَّ أجالَ ناظريهِ في الوديان،
ثُمَّ قالَ بالفمِ الملآن، وبكلِّ اطمئنان:
أيا حَرَمُونْ،
وهذا الأُفْقُ،
ذاكَ اللَّونْ،
وتلكَ الوردةُ الحِنَّاءُ في القَلَمُونْ،
أناجِيْها،
وَتَنْسَاني،
وَتَنْسَى القَمْحَ واللَّيمونْ،
وتنسى رَسْمَ تِرياقيْ،
وتنسى بَوْحَ أشواقي،
وَ تنسى هَمْسَ نَورَسَةٍ تجوبُ الأفْقَ فوقَ البحرِ كالحَنُّونْ…،
أيا حَرَمُونْ،
تَعَالَ نبدِّد الآلآمَ والذَّيفانْ،
ونقرأ سورةَ الإخلاصِ والرحمنْ،
لكي نرقى إلى التُّوليبِ والأورادِ والزَّيتونْ…!.

مَروان مُحَمَّد الخطيب

14/12/2022م