حقيقة العلاقة بين الإيرانيين وقضية فلسطين / بقلم السيد صادق الموسوي- وردّ الشراع / حسن صبرا / على السيد الموسوي/الشراع

الشراع 13 تشرين ثاني 2022

أخي العزيز الأستاذ حسن صبرا

بعد السلام والتحية

لقد قرأت مقالك بعنوان:

” ايران والعرب بين فلسطين والطائف “

https://www.alshiraa.com/posts/ayran-oalaarb-byn-flstyn-oaltayf-bklm-hsn-sbra-206

ووجدت فيه عنوانين يتعارضان مع الحقيقة التاريخية لكل من العرب والفُرس، فالعرب قبل الإسلام كانوا أيضاً يتّصفون بصفات حسنة جداً حيث صفات الوفاء بالعهود والإلتزام بالكلمة والثبات في الموقف كانت شيمة كثيرين من العرب في أيام الجاهلية، ولذلك نرى الرسول الخاتم محمد صلى الله عليه وآله يقول: “

إنما بُعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق ” وهذا يعني أن تلك المكارم كان نماذج منها موجودة فجاء النبي صلى الله عليه واله ليُتمّها، بل الحفاظ على مبدأ الصداقة يتجلى في كلام لنبينا محمد صلى الله عليه واله:

” إني آمل أن أُشَفّع في ثلاث؛ أمي وأبي وصديق لي في الجاهلية ” حيث شفاعته لوالديه أمر مؤكد لصريح قول الله في كتابه: ( ولسوف يُعطيك ربك فترضى )، أما الصديق في الجاهلية والأمل في شفاعته يوم القيامة ( يوم يفرّ المرأ من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه ) فهذا يدلّ على منتهى الوفاء من جانب النبي محمد صلى الله عليه واله تجاه من كان صديقاً له قبل أن يبعثه الله للرسالة، والإمام الحسين عليه السلام أيضاً يشير إلى وجود تلك المكارم في العرب وذلك في يوم عاشوراء حيث قال لمن احتشدوا لقتاله:

” إن لم يكن لكم دين وكنتم لا تخافون المعاد، فكونوا أحراراً في دنياكم هذه، وارجعوا إلى أحسابكم إن كنتم عَرَباً كما تدّعون “، كان هذا حال العرب وشيمتهم عموماً حتى قبل أن تُشرق شمس الإسلام، هذا برغم وجود حالات مناقضة لتلك الأخلاق الحميدة يذكرها التاريخ.

إذن،

فلا يجوز وضع سلوك بعض الحكام العرب في العصر الحاضر على حساب العرب الأصلاء، بل يمكن البحث في أصول بعض أولئك الذين ينسبون أنفسهم إلى العروبة فلعلك لا نجد لهم أصلاً هناك، فكيف نأمل منهم سلوكاً كان من شيم العرب الأصلاء.

أما الفُرس فإن ما ذكرت من صفاتهم اليوم وطريقتهم الهادئة في التعاطي مع الأمور فهو أمر ناتج عن التزامهم بالمبادئ الإسلامية السامية والتي تحضّ على الصبر والتأني وانتهاز الفُرَص والنهي عن العجلة في الأمور و ” اقتطاف الثمرة قبل إيناعها ” حيث نرى الله سبحانه يأمر نبيه صلى الله عليه واله بقوله:

( إدفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليّ حميم )، وطبيعي أن جعل ( الذي بينك وبينه عداوة ) مستحكمة ليكون لك ( كأنه وليّ حميم ) يحتاج إلى صبر كثير وتأني وحكمة، وفي هذا المجال نرى الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يقول:

” أعجز الناس من عجز عن اكتساب الإخوان، وأعجز منه من ضيّع من ظفر به منهم “، حيث يؤكد على الفشل الذريع للذي يعجز عن اكتساب الإخوان والأصدقاء وغاية الفشل للذي لا يحافظ على الأصدقاء والصداقات التي حصل عليها، ومعلوم أن كسب الأصدقاء والحفاظ عليهم يحتاجان بالضرورة إلى وجود ملَكَة الصبر والتحمل وطول البال في الإنسان.

إن الواقع المرير الذي ذكرته من تحلي الدول العربية وبعض الشعوب العربية عن قضية فلسطين بل والنظر إلى أبناء الشعب الفلسطيني المظلوم كأعداء تدينهم المحاكم والمجرمين الصهاينة كأصدقاء مقربين بل وحلفاء استراتيجيين هو ناتج عن التنصل من القيم العربية وانحراف غن التعاليم الإسلامية في وقت واحد، فالشعب الفلسطيني هو جزء من الشعب العربي وتجمعه مع كل عربي رباط الدم وهو في نفس الوقت شعب مسلم بغالبيته والقرآن الكريم يؤكد:

( إنما المؤمنون إخوة )، بل إن الله يتجاوز مرحلة الأخوة إلى مرحلة الولاية وذلك في قوله:

( المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر )، ويُضاف إلى عنواني رباط الدم ورباط الدين أنه لا بد من الإهتمام بالجانب الإنساني لهذا الشعب المظلوم، حيث جيء بالشُّذاذ من أقطار الأرض ليسكنوا فلسطين ويقوم المستكبرون بتغطية الجرائم الوحشية التي يمارسها الكيان الغاصب بحق أصحاب الأرض الحقيقيين، ويسكت على عمليات الإبادة الجماعية والتهجير بالآلاف التي قام ويقوم بها الصهاينة منذ ما قبل تأسيس الكيان في العام ١٩٤٨ وحتى يومنا هذا، بل إنه يضع أحدث أسلحة الدمار وأدوات الفتك تحت تصرف هؤلاء المجرمين ليمارسوا وحشيتهم بصورة يومية، لكن صراخ هذا العالَم الأصُّم الأبُكْم يشقّ عنان السماء إذا سمع عن كلب أو قطة أو حتى فارة تمّ تعذيبها على يد فرد في بلد لا يخضع لإرادة دول الإستعمار فإن تلك الدول تسخر كل طاقاتها وإمكانياتها وتحرّك جميع مؤسساتها بمختلف أسمائها لإدانة البلد وفرض العقوبات على الدولة والشعب وتقوم وسائل الإعلام التابعة لها بشنّ أشد حملات التشويه ضدها بدعوى الدفاع عن حقوق الحيوان.

إن الله سبحانه الذي كرّم بني آدم الذي نفخ فيه من روحه وفضّله على ملائكته المقربين ووعده الجنة التي عرضها كعرض السماء والأرض والرضوان والذي سخر له ما في السماوات والأرض فإنه يصف الذين يتخلون عن القيم الإنسانية وينحرفون عن التعاليم الإلهية بأنهم ( كالأنعام بل هم أضلّ )، حيث كل صنف من الحيوانات يلتزم بأصول وقيم وذلك بالغريزة التي كرسها الله فيه فيما بعض هذا الإنسان يتخلى عن الفطرة التي فطره الله عليها وينحدر في سلوكه إلى أدنى من مستوى البهائم بل السباع المفترسة، وهذا ما يؤكد على وجوب تزكية البشرية نفسها وتطهيرها من الدنس وتعليمها أصول الضوابط الإنسانية وحضّه على الإلتزام بالقيم من خلال تقوى الله سبحانه والورع عن معاصيه فلا يكون عندئذٍ لقوم على قوم فضل ولا يمتاز شعب على شعب بشيء، وذلك تطبيقاً لقوله تعالى:

( يا أيها الناس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) صدق الله العلي العظيم.

السيد صادق الموسوي

  • ورد الشراع / حسن صبرا / على السيد الموسوي

مع ان السيد صادق لم يدخل في رده الى صميم الموضوع وهو اتفاق الطائف ، والتعامل العربي معه ، وراح الى نقاش نظري جميل ، انما خارج السياق السياس ، فإننا نسجل الملاحظات التالية ؛

١- مع ايماننا بدور الاسلام في تشكيل ثقافة الفرس وكل الشعوب الايرانية، فإن اثار السلوك الفارسي العميق قبل الاسلام ما زال حاضرا وبقوة في المجتمع الايراني بغالبيته الفارسية، وهذه احدى ميزات الشعوب العريقة والمغرقة في التاريخ .

٢- نحن لم نجر مقارنة بين العرب والفرس ونحن اذا كنا معجبين بثقافة الفرس فنحن مغرقون في عروبتنا ، وقد وجدنا ان روحها هو الاسلام وان الفرس شركاء لنا في حمل هذه الروح كي نلتقي معهم في الاطار الانساني ، وفي الدائرة الحضارية الواحدة

٣- نحن نفرق دائمآ بين مواقف الشعوب العربية المظلومة ، ومواقف انظمتها الممعنة في تفتتها ومذهبتها والسماح بتسلط المؤسسات الدينية عليها

حسن صبرا

مجلة الشراع