بين قمة عبد الناصر وقمة الجزائر هناك فارق عصرين / بقلم حسن صبرا الشراع 2 تشرين ثاني 2022

الشراع 2 تشرين ثاني 2022

اول قمة عربية عقدت من اجل فلسطين ، دعا اليها جمال عبد الناصر عام 1964 وعقدت في الاسكندرية ، وبنى جمال من اجلها فندقاً لاستقبال الضيوف اطلق عليه اسم فلسطين..

كانت المناسبة فلسطينية ، وهي محاولة العدو تحويل مجرى نهر الاردن ، واثمرت القمة محاولة تشكيل جيش عربي موحد ,لمنع العدو من تحويل النهر الى الاراضي المحتلة في فلسطين منذ العام 1948 ، ولأجل ذلك انشئت القيادة العربية الموحدة برئاسة الفريق علي علي عامر ، وجرى توزيع المسؤوليات بين دول مواجهة تقودها مصر ، ودول مساندة وضع فيها جمال لبنان ، لمنع تحويله الى دولة مواجهة كما ارادها الزعيم العراقي  عبد السلام عارف .

كان هذا عصر جمال ، وكان ممنوعاً فيه ذكر اسم إسرائيل ، وكان اسمها دولة العصابات الصهيونية ، او الكيان الصهيونى الغاصب ، وكان اسمها فلسطين المحتلة ، ولا يظنن احد ان الامر هو في الشكل فقط ، بل هي ثقافة سياسية تجسد الرفض العربي رسمياً وشعبياً لوجود هذا الكيان الغاصب ، وهذه الثقافة العربية العميقة في الوجدان العربي ، هي التي نزلت الى شوارع المدن والقرى العربية تطالب جمال عبد الناصر ان يعود عن استقالته ، التي قدمها متحملاً مسؤولية الهزيمة العسكرية امام العدو الصهيوني ،اثر عدوان الخامس من يونيو / حزيران عام 1967 ..

وهذه الثقافة هي التي ولدت المقاومات العربية الفلسطينية ثم اللبنانية للاستمرار في قتال العدو تحت شعار خالد جسده جمال ” ان ما اخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة ”
وهذه الثقافة هي التي تدفع شباناً في فلسطين في اعمار الورود لملاحقة العدو الصهيوني المحتل لأرضهم ، بالحجارة وبالسكين وبالدهس وبالقنابل البدائية الصنع  وبالمسدسات والرشاشات…

  هذه كانت قمة جمال عبد الناصر ، وقمة العمل الفدائي وقمة رفض وجود الكيان الصهيوني ، وكانت اشنع تهمة تسقط على من يتعامل مع هذا العدو،  انه خائن مصيره الاعدام ، وأسوأ سمعة يمكن ان تطال عربياً انه عميل

 انظروا الى فارق التوقيت بين قمة جمال عام 1964 , وقمة الجزائر
العام 2022،

انه فارق عصرين:

عصر جمال وقيمه وثقافته وناسه..

وعصر انسياب العدو الصهيوني في عواصم العرب من المحيط الى الخليج ، منذ ان اطلق انور السادات اسم عزيزي هنري…  على اشرس الصهاينة تطرفاً في اميركا هنري كيسنغر الذي ظل يدفع لتكون ” إسرائيل ” متفوقة وجزءاً من المنطقة حتى حقق لها اتفاقية كامب ديفيد ، ليسقط بعدها السقف العربي ، وتتداعى الامور حتى وجدنا مجرم الحرب بنيامين نتانياهو زائراً دائماً لعواصم عربية ، كان يمنع ذكر اسمه الا مسبوقًا بكلمة العدو .

قمة الجزائر تعقد في ظل ثقافة رسمية ، وتكاد تكون نخبوية ، وجزء منها شعبيةُ تعادي كل مقاومة متبقية ضد العدو الصهيوني لإعتبارات مذهبية وحزبية ليس إلا .

معظم حضور قمة الجزائر ، يقيمون علاقات مع العدو الصهيوني فعن اي قمة عربية تتحدثون؟

وما هو هدفها او اهدافها ، اذا كان لهذه القمة من اهداف غير الروتين ، الذي منع استمراره وباء كورونا ، وما شعر احد في الوطن العربي بأي فراغ سياسي نتيجة غياب هذه القمة..

  ولا يظنن احد اننا ضد انعقاد قمم عربية ، او ضد تواصل اللقاءات العربية ، فهي على الاقل تجسيداً  ولو شكلياً  للعروبة ، ولذلك النداء الذي جمع العرب وهم ينشدونه:

بلاد العرب اوطاني
من الشام لبغدان
ومن نجد الى يمن
الى مصر فتطوان
غير اننا نحتاج ليكون هذا الحلم حقيقة الى جمال عبد الناصر ضحى بنفسه

من اجل فلسطين اين هو؟

بل اين هي ؟

مجلة الشراع