من قصص قصيرة / عملية للمقاومة في صيدا.. بقلم الدكتور احمد عياش/الشراع

الشراع 31 تشرين اول 2022

اواخر شهر تشرين الثاني من سنة 1983,تقدّم فتى في عمر العشرين نحو ساحة النجمة في صيدا المحتلة،كانت امنيته ان يعيد تمثيل واقعة مقهى الويمبي في بيروت الا ان الاقدار لم تسمح لسرعة انسحاب العدو الاصيل من بيروت .
مشى كالصيّاد الباحث عن طريدة ،عن فريسة،وقف ككمين محكم ينتظر ان ياتي الهدف اليه طالما الجنود هنا لا يجلسون في المقاهي.
لم ينتظر طويلاً لمح شاحنة صغيرة يسمّونها بالعامية “بيك آب” مغطى من الخلف بخيمة كاكية اللون تميّز المركبات التي كان يستخدمها العدو الاصيل ، يقودها احد جنود الصهاينة انّما بلباس مدنيّ للتمويه وللتخفّي.
اقترب كواثق الخطوة يمشي ملكاً متأكداً انها لحظة تحوّله من مقاوم في الخفاء الى بطل في السرّ،القى تحية الشالوم بالعبرية ليُطمئن الهدف وما ان سمع ردّ السائق بلكنته العبرية حتى محى الشك باليقين وتناول مسدسه ال 9ستار و افرغ  خمسة رصاصات في صدر وفي وجه الجندي الذي يجهل رتبته .
حاول انتزاع العوزي من بين يدي القتيل الا ان المضرّج بدمائه والمفاجأ بالحدث المباغت تمسك برشاشه المربوط بقشاط حول كتفه تلقائيا ما صعّب عليه المهمة.
في العصر المقاوم الحديث لا يأتي المحارب بفروة رأس القتيل المعتدي انما يأتي اما بجثته او بسلاحه.
لم يستطع اتمام مهمة نزع العوزي فقد ركض بإتجاهه كثيرون من الناس لالقاء القبض عليه.
نعم،تنافس البعض منهم لالقاء القبض عليه فهمّ هارباً شاهراً مسدسه نحو الخلف ما ارعب الجبناء صيادي الفرص للاستفادة بحفنة من عملة الشيكل كجائزة ما سهّل هربه و وصوله الى مركز الاطفائية.
في داخل المبنى التقى برجل ينظر اليه بتعجب ما زاد من حذره ومن خوفه منه ،كاد ان يرميه بطلقة من الطلقات الثلاثة التي بقيت في المسدس قبل ان يصرخ به الاطفائي طالبا منه ان يتبعه الى غرفة جانبية ثم رمى اليه بثياب رجل اطفاء ليبدل ثيابه بسرعة البرق وقبل ان يغادر الفتى البطل المبنى صاح به الاطفائي فرحاً وقال له:
لا اعرف ولن اعرف اسمك الا اني سأسميك عليّاً.
ركض الفتى البطل هاربا ومبتسما فالاسم الذي اطلقه الاطفائي عليه كان اسمه الحقيقيّ…
المجد للمقاومة الوطنية اللبنانية.
المجد للفدائي اللبناني.
“…خبّو اساميهن ما في حدا بشوفن الا اذا ماتوا…*”

د. احمد عياش
طبيب نفسي واجتماعي

مجلة الشراع