انتخابات 2022: النتائج … بانتظار المشاركة السنية “غير الواضحة” و”فعالية” المجتمع المدني” المشتتة”/ خاص- “الشراع”

الشراع 9 أيّار 2022

من الآن وحتى الاسبوع المقبل لا صوت يعلو على صوت الانتخابات النيابية.ِ..

وعلى مّر الدورات الانتخابية السابقة وخصوصاً ايام حكم الوصاية السورية، كانت نتائج عمليات الاقتراع معروفة سلفاً سواء من خلال قانون الانتخاب الذي يتم اعتماده في توزيع الدوائر ونظام التصويت ( الاكثري او النسبي) او  من خلال التدخلات المباشرة.

اما اليوم فان الامر مختلف،

اذ ان ثمة تساؤلات لم تنفع كل استطلاعات الرأي حتى الآن في الاجابة عنها وتتعلق بالصورة الاجمالية لنتائج الانتخابات المرتقبة، ما يجعل الصورة رمادية الى حد ما، حتى الان على الاقل، رغم ان هناك ميلاً كبيراً لدى المراقبين للقول بان الاكثرية النيابية الحالية ستعود من جديد لتتبوأ المشهد في مجلس النواب الجديد، وان لا تبدلات فعلية ستحصل وتقلب الطاولة على رؤوس من يتولون حالياً زمام الامور وادارة البلاد وشؤونها.

ولهذا الامر اسبابه الكثيرة، لعل ابرزها اليوم هو ما يلي:

1-أولاً : الحالة غير الطبيعية لا بل الوضع الاستثنائي المرير الذي يعيشه اللبنانيون اليوم على المستويين الاجتماعي والاقتصادي. والقلق الذي يعيشه معظمهم من جراء الواقع القائم وما يمكن ان يؤول اليه في ظل غياب المعالجات الحقيقية والكفيلة بالخروج من نفق الازمات الذي أوصل البلاد الى الانهيار شبه الكامل.
ونظرياً يفترض بهذا الواقع الصعب والمرير ان يفضي أقله الى ثورة يتم التعبير عنها في صناديق الاقتراع من اجل الاطاحة بالذين تسببوا بالازمات وساهموا في تفاقمها ، والإتيان بطاقم سياسي جديد يحمل برنامجاً حقيقياً وفعلياً للاصلاح والتغيير واستئصال الفساد ومحاكمة المرتكبين و ناهبي المال العام .
الا ان هناك مسافة كبيرة بين تحقيق مثل هذا الحلم وبين الواقع . والسبب هو النظام السياسي اللبناني الذي يفتقد للديمقراطية الحقيقية والفعلية الضامنة لتحقيق التغيير المنشود منذ قيام لبنان الكبير ، وهو النظام الذي حوّل ويحّول اللبنانيين الى مجرد اتباع .

كما اختصر الديموقراطية تحت عنوان التوافقية ببضع قيادات اذا اتفقت انتظمت الامور واذا اختلفت تقوم الدنيا ولا تقعد.
ولو كان ما يجري في لبنان يحصل في اي بلد ، لكانت الامور تتجه الى ما هو اكبر من ثورة والى ما يشبه تسونامي من الثورات كون  الظروف مؤاتية جداً لذلك، الا ان ذلك وان كان مطروحاً الا انه غير مرجح لاعتبارات عديدة بعضها يتصل بطبيعة الانقسامات في لبنان كما ورد انفاً، وبعضها الاخر ناجم عن الخوف المستعر في صفوف الغالبية العظمى من اللبنانيين ازاء ما قد ينزلقون اليه في اي لحظة.

2- ثانياً: ما يجعل معرفة وجهة الانتخابات النيابية رمادية حتى الان هو الخيارات التي سيعتمدها الناخب السني وهو ناخب اساسي ومؤثر في 11 دائرة من اصل 15 دائرة ستجري فيها الانتخابات.
وفي ظل الشائعات المتضاربة حول هذا الامر، فان الامر على هذا الصعيد مرهون بعدة امور اهمها:
مدى تأثير تعليق الرئيس سعد الحريري مشاركته مع تيار المستقبل في الانتخابات النيابية على نسبة التصويت سنياً، بين الذهاب الى مقاطعة التصويت وبين عدم التأثر بموقف زعيم المستقبل ، وبين نجاح او اخفاق المرشحين السنة في تقديم انفسهم كبدائل للحريرية السياسية .
واقل ما يمكن ان يقال على هذا الصعيد هو ان الانتخابات الحالية لن تشهد في هذه الدورة الحماس نفسه في اوساط قواعد تيار المستقبل المشهود له بامتلاكه اقوى الماكينات الانتخابية في لبنان . وهي قواعد لا يستهان بحجمها وثقلها وتأثيرها على امتداد كل لبنان وليس فقط ضمن نطاق منطقة او قضاء او دائرة.
وعلى هذا الاساس ،فان الرئيس سعد الحريري وفي حال بقي على موقفه و لم تطرأ مفاجآت قد يكون بصدد اعدادها، ما زال الرقم واحد سنياً ، على المستوى الشعبي والسياسي . والانتخابات النيابية رغم عزوفه عن خوضها قد تؤكد استمرار موقعه في هذا المجال الا اذا جاءت النتائج مغايرة لذلك وهو أمر مستبعد من الآن وحتى اشعار اخر.

3-أمّا الامر الثالث والذي قد يضمن الاجابة عن التساؤلات المطروحة حول نتائج الانتخابات فيتعلق بعدم نجاح ما يسمى لوائح المجتمع المدني بخوض الانتخابات النيابية بلوائح موحدة.
وقد ادى تعدد اللوائح التابعة لهذه القوى، تعبيراً عن عدم اتفاقها على برنامج موحد وفي ظل قيادة موحدة الى تبعثر اصوات الناخبين الذين يمكن لهم ان يصوتوا لها، هذا اضافة بالطبع الى السجالات الحاصلة بين مجموعات هذه القوى وما حمله ذلك من تأثيرات على صدقيتها، اضافة الى ان بعضها رفع شعارات شعبوية في الشكل وعنصرية وغير جامعة في المضمون ، ما ادى الى فقدانها الكثير من الرصيد الذي أمكن لها ان تجمعه بعد حراك السابع عشر من تشرين الاول – اكتوبر عام 2019.

ولهذا السبب ،

فان الحراك المدني ومهما قيل عن تعدد لوائحه وخلافاته وتمويل بعض مجموعاته، امام تحديات صعبة اهمها الانتخابات النيابية ،فإما ان يؤكد نجاحه في احداث اختراقات هامة ونوعية وإما سيؤكد ضعفه وعدم قدرته على ذلك.
4-يبقى الامر الرابع والذي يستبعد فيه حصول مفاجآت في دوائر الثقل الشيعي ، بعد ان نجح ثنائي حركة امل وحزب الله فيها باقناع شرائح واسعة من جمهور بيئته الحاضنة بان ما يحصل هو استهداف خارجي له ، ولدور المقاومة . وقد ساعده في ذلك خصومه الذين لم يحسنوا مخاطبة جمهور الثنائي بل عززوا ذلك من خلال شعارات اقل ما يقال فيها انه غير وطنية وغير جامعة .

على اي حال،

فان ما يفصلنا عن موعد الانتخابات هو مجرد ايام ، لا سيما بعد اجرائها في بلاد الاغتراب.
والاجوبة الحاسمة لكل الاسئلة المطروحة ستجيب عنها صناديق الاقتراع وحدها، وعلى رأس هذه الاسئلة ما ستحمله النتائج في ظل استطلاعات الرأي المختلفة والمتعارضة في عدد كبير منها.

 

مجلة الشراع