كتب الاستاذ معن بشور / في ذكرى استشهاد القادة أبو أياد، وأبو الهول، وأبو محمد العمري

معن بشور

14/1/2022

خلال الاعداد للدورة الثانية للمؤتمر القومي العربي في عمان – الأردن، قمت بتكليف من الأمين العام المؤسس للمؤتمر الراحل الدكتور خير الدين حسيب بجولة في أقطار المغرب العربي في أواخر شهر كانون الأول/ديسمبر 1990، حاملاً دعوات إلى أعضاء المؤتمر في ليبيا وتونس والجزائر والمغرب.
خلال زيارتي لتونس قمت بزيارة الأخ الحبيب الشهيد هايل عبد الحميد (أبو الهول) والتقيت هناك بالقائد الكبير صلاح خلف (أبي أياد)ٍ، والمناضل القيادي الفتحاوي أبو محمد العمري، وجرى حديث في الأوضاع العربية العامة، لاسيّما في ظل الحشود الأمريكية والأطلسية لشّن حرب على العراق باسم “تحرير الكويت”، والتي كانت شعاراً لحرب تدمير العراق التي لم تتوقف منذ ذلك الحين، وما زالت مستمرة حتى الآن، وبأشكال مختلفة وعناوين متعددة.
لم أكن أدري أن المنزل الذي جمعنا يومها بالقادة الفلسطينيين الكبار هو نفسه الذي سيكون بعد أيام ساحة اغتيال القادة الثلاث وقبيل ساعات من الهجوم على العراق.
كان القادة الفلسطينيون متخوفين جداً لما يحاك للعراق من مخططات وحروب وفتن إتخذت من تحرير الكويت ذريعة، ولكنها بقيت مستمرة رغم خروج القوات العراقية من الكويت، وكان القادة الفلسطينيون يتطلعون، وعلى رأسهم الرئيس الشهيد ياسر عرفات إلى حلّ عربي لأزمة الكويت يؤدي إلى انسحاب القوات العراقية من الأرض الكويتية وإفقاد واشنطن وحلفائها المُبَرر لغزو العراق.
لكن الذي كان يخطط للحرب المستمرة على العراق، كان يخطط أيضاً لاستهداف فلسطين، لاسيّما بعد انتفاضة الحجارة عام 1987، والتي أكدت أن قضية فلسطين لا تموت رغم الزلزال الذي أصاب ثورتها في لبنان عام 1982، لذلك رأى كثيرون في عملية اغتيال القادة الفلسطينيين الثلاث في تونس إشارة بدء الحرب على العراق، تماماً كما كان اغتيال القادة الفلسطينيين الثلاث في بيروت في نيسان 1973 (أبو يوسف النجار، كمال عدوان، كمال ناصر) إشارة البدء في الحرب على لبنان وفيه، بدءاً من 2 أيار 1973، حيث كانت المواجهة الأولى بين الثورة الفلسطينية والجيش اللبناني آنذاك، والتي تم استيعابها من خلال دور عربي قادته سورية والعراق ومصر، وحكمة لبنانية وفلسطينية.
لقد جاء اغتيال الشهداء القادة في تونس عشية الحرب الكونية على العراق دليلاً على عمق الارتباط بين فلسطين والعراق، بل بين هذه القضية الإنسانية العادلة وكل دولة عربية ترفض التنازل عن الحق الفلسطيني مهما اشتدت الضغوط.
لست أدري يومها، لماذا شعرت أنه اللقاء الأخير مع أخوة أعزاء جمعتني بهم أيام صعبة في لبنان، بل جمعتنا مسيرة نضال طويلة عنوانها فلسطين، ولم أخف قلقي على القادة الثلاث بوداع حار لكل منهم..
كان صلاح خلف وهايل عبد الحميد ورفيقهما أبو محمد العمري مشاعل مضيئة على طريق الثورة، وسيبقون أسماء خالدة في ذاكرة فلسطين ووجدان الأمّة.
رحمهم الله.