الخدمات الاعلامية

بكركي تتصدر المواجهة في الانقسام اللبناني : الاسباب البنيوية لرفض العلاقة بالحرب على غزة/ كتب علي يوسف

في عظة الاحد للبطريرك الراعي لفتني أو بالأصح أكثر ما لفتني هو فوله “أن الشعب اللبناني لايريد الدخول في الحرب ” وقوله ان هذه الحرب لا علاقة للبنان بها ” … ولو كان القول الاول مجرد تعبير او رغبة فيكون طبيعيا اذ ان لا احد يرغب في دخول حرب ! إلا ان ربط هذا لقول بالقول الثاني واعتبار ان لبنان لا علاقة له بالحرب الدائرة في غزة هي فكرة لن اصفها لتلافي تعابير استفزازية إلا انني اعتقد ان هذه الفكرة هي تعبير واضح عن الانهيار الفكري للموارنة الناتج عن عدم استيعاب المتغيرات الاقليمية والدولية اذا لم نقل رفض استيعابها انطلافا من موقف تعصبي قبلي دفع لبنان عموما والموارنة والمسيحيين خصوصا اثمانا باهظة له وما يزالوا يدفعون ..
يُصرّ الموارنة خصوصا وبعض اللبنانيين على فكرة قديمة لاسباب انشاء لبنان وهو ان يكون صلة وصل بين الغرب والشرق المتناقضين وعلى اعتبار ان الموارنة والمسيحيين الذين كانوا اكثرية يومها هم امتداد للغرب وان المسلمين هم امتداد للشرق …
ولعل هذه الفكرة اللعنة هي التي منعت تحويل لبنان من كيان الى دولة اذ منعت القدرة على ان يكون للبنان امن قومي موحد هو العمود الفقري لبنية الدولة وذهبت نحو شعارات التبعية كشعار قوة لبنان في ضعفه ….!!!!
وبما ان الغرب كان الطرف الأقوى في معادلة صلة الوصل فتحولت الساحة اللبنانية (و الساحة اسم واقعي) الى صلة لوصل المؤامرات والمشاريع الاستعمارية لضرب الاستقرار في الشرق القريب على المستوى السياسي والى دور سمسار بين الغرب والشرق على المستوى الاقتصادي وهذا ما برر طغيان قطاع الخدمات التقليدي على الاقتصاد الكياني …
ورغم كل التطورات التي حصلت في لبنان والمنطقة اعتبارا من الحرب التي نشأت بفعل الانقسام والصراع بين حلف بغداد وبين مصر عبدالناصر وما تلاها لاحقا من تهجير الفلسطينيين الى لبنان وصولا الى الحرب الاهلية وما تلاها من تغييرات بنيوية في الدور والسلطة ….ورغم االتغييرات الاقليمية لجهة التطبيع مع العدو الاسرائيلي وبروز ادوار جديدة اقليمية سياسية او اقتصادية للبحرين وقطر ودبي لم يع اللبنانيون وخصوصا المسيحيين الذين يعتبرون انفسهم اصحاب المصلحة الاساسية في الكيان ،وهم كذلك ،اي ضرورة لمراجعة ما يحصل واستيعاب الوقائع المستجدة وكيفية التعامل معها …
لم يع المسيحيون ان دخولهم في حلف بغداد كان تغييرا في دورهم من صلة وصل الى طرف في الصراع لمصلحة الغرب في مواجهة المحيط وان قبولهم بتهجير الفلسطينيين الى لبنان بإغراءات مالية هو ايضا ادخال لبنان في الصراع بين الشرق وبين الغرب وضرب دور صلة الوصل بالعمق وكانت الضربة القاضية لدور صلة الوصل هي التي وجهها حزب الكتائب في حربه على الفلسطينيين في لبنان والذي تطور الى استدعاء العدو الاسرائيلي كحليف في مواجهة المحيط العربي بما حسم تحقيق الانقسام الحاد في البنية الاساسية للبنان …..
ولم يكف رفع شعار “حروب الآخرين على الارض اللبنانية ” في تعمية تحول الدور الماروني كقيادة مسيحية الى شبه ذراع مشاغبة مساعدة لمشروع السيطرة الغربي و بحيث بات الدور المستجد للمسيحيين مواجها لكل ما يعتبره الشريك المسلم جزءا من مشروعه الوطني التحرري من الاستعمار ..!!! حتى ان البعض كان يعتبر أن لا علاقة بتحرير الارض في الجنوب من العدو الاسرائيلي …؟؟!!
ولم يشكل اتفاق الطائف الذي تم تحت الضغط وكوقف للحرب الاهلية والذي اعتبره الجزء الاكبر من المسيحيين اتفاق اذعان مناسبة لمراجعة سياسية لكل القوى السياسية بما في ذلك المسيحيين …
كما لم تشكل عودة العماد عون لاحقا تحت شعار المسيحية المشرقية تصحيحا فعليا للدور المسيحي وانهاء اثار تحول المسيحيين الى طرف مواجهة للمحيط الذي يشكل الجغرافيا السياسية للبنان فحدث الانقسام المسيحي من جهة ومن جهة ثانية لم تستطع العونية السياسية ان تقدم نموذجا في مشروع في الاتفاق على صياغة امن قومي لبناني بحيث لم يتعدى شعار اعتبار الكيان الاسرائيلي عدوا كونه جزءا من ورقة تفاهم مع حزب الله وان دور العونية دعم الحزب في مهمة الدفاع عن لبنان في مقابل دعم الحزب للعونية السياسية في تأمين استعادة موقع مميز للمسيحيين في السلطة .. وبما يعني تحويل الامن القومي الى مشروع مشروط تبادلي للمصالح .. وهو اسخف ما يمكن ان يعتبره البعض مشروع بناء دولة … ولهذا اختلف الموقف بين حزب الله وبين العونية السياسية حول موضوع الدفاع عن لبنان في مواجهة المنظمات الارهابية في سوريا بما اظهر بوضوح ان التفاهم اشبه بتبادل مصلحي على القطعة وليس مشروع تفاهم على امن قومي …وهكذا تحولت المسيحية المشرقية الى مشروع مصالح مسيحية اصطدمت بالحصص المسيحية في السلطة مع القوات اللبنانية اضافة الى الخلاف حول الموقف من حزب الله واصطدم المشروع الذي اخذ شكل تعصب طائفي بخلاف مع القوى الاسلامية المختلفة مما ادى الى انهيار مريع لعهد ميشال عون …..
وفي ظل كل هذه التطورات الكبيرة التي هزت الكيان اللبناني واوصلته الى ما هو حاصل فيه من انهيار في مؤسسات الدولة وفراغات في المؤسسات تكوينا ودورا مع انهيار اقتصادي كامل في جميع القطاعات إضافة الى الهجرة الواسعة .. بقيت بكركي تراوح في موقع الانتماء الغربي للمسيحيين من دون اي مراجعة لمضامين هذا الانتماء ولتأثير هذا الانتماء ولفاعلية هذا الانتماء ولمستقبل هذا الانتماء … ومن دون اي مراجعة للتطورات الحاصلة في الاقليم والادوار المستجدة لدول المنطقة وخصوصا قطر ودبي والتي اخذت الدور الذي كان قد اعطي للمسيحيين في لبنان قبل تحولهم الى طرف في مواجهات المنطقة وفي المشاريع الغربية للحفاظ على السيطرة على ثروات وقرارت المنطقة .. وهذا ما يُفسر ما قاله البطريرك الراعي في عظة الاحد وهو رفض الدخول في حرب لا علاقة للبنان بها والاصح انه يقصد في حرب الدفاع عن غزة لأنها تشكل النقيض لدور الانتماء الى المشاريع الغربية …
وبكل أسف ان هذا الموقف وفي الظروف التاريخية الراهنة ينم عن تجاهل لكل الواقع والتطورات المحتملة وقد يكون بمثابة المسمار الاخير في نعش الكيان اللبناني الذي عرفه اللبنانيون حتى الآن ….
وأكتفي بهذا القدر مع الأمل بيقظة ما … وقيامة ..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Here you can just take everything you need for efficient promotion and get the job done well. o’tishingiz Surprisingly, this is not the same as the circumstance with Mostbet. agar o’yinchi MostBet in Bangladesh offers a plethora of pre-match picks in over 20 different sports. o’yin boshlanishidan oldin This means you may use the mobile version to safely make deposits and withdrawals. dasturi