الخدمات الاعلامية

طوبى لمن اشتغل لآخرته في شهر الخير رمضان / بقلم الشيخ أسامة السيد/الشراع

الشراع 31 آذار 2022

الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى.

قال الله تعالى في القرآن الكريم: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرءان هدىً للناس وبيناتٍ من الهدى والفرقان} سورة البقرة.

بلهفة المشتاق ننتظره، وبالحب والتعظيم نستقبله، وبأعينٍ تلمع ببريق الفرح نتطلَّع لرؤية هلاله، وبأكبادٍ حرَّى نتوق إلى إشراقته، وبالتحايا العطرة نُحييه، وفي صميم الفؤاد حنين إلى أيامه العظيمة ولياليه الكريمة، لا يمحو الزمانُ أُنسَه ولا تطفئ الأعاصيرُ عبر الدهر نورَه، إنه خير شهور العام الذي اشتملت ساعاته على أفضل ليالي السنة ليلة القدر، هو شهر الهدى والندى والصبر والإخلاص والإحسانِ والصِّدقِ والحِلمِ والحياءِ والزهدِ والقناعةِ والتّسامحِ والتَّسامي والرأفة والرحمةوالأمانةِ وخفض الجناح للمؤمنين وإغاثة الملهوفين والتواضع والشفقة على الفقراء والمساكين والعطف عليهم والبذل والصدقة والجود بالنصيحة للتائهين وبالمال للمحتاجين وتعهد الأقارب والجيران وصلة الأرحام ومواساة المرضى وتخفيف معاناة المكلومين وحسنِ الـمعاملة وإصلاح ذات البين والتعاون على البر والتقوى وبذل الوسع في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتطبيق مبدإ التآخي في الله بأرقى صوره والاعتناء أكثر فأكثر ببر الوالدين المؤمنين سواءً كانا حيين فبالإحسان إليهما أو ميتين فبالدعاء لهما وزيارة قبريهما للسلام عليهما وقراءة القرآن لهما والاهتمام لطلب العلم الديني الذي هو دليلٌ على سعادة الدارين والمثابرة على السعي في تحصيله وحضور مجالسه المشحونة بالأسرار والبركات والنفحات وترتيل كتاب الله وغير ذلك من أمهات الأخلاق الفاضلة والخِصال الراقية التي جاء بها الإسلام العظيم وحثَّ عليها ورغَّب فيها، وهي بلا شك صفات سامية حوت معاني عالية يترقَّى بها صاحبُها في معارج الفضائل في شهر أنزل الله فيه القرآن الكريم هدىً للناس وبيناتٍ من الهدى والفرقان. فهو شهر بحقٍ أنيس الذاكرين وفرصة التائبين فكم من مكروبٍ يتعب أو مريضٍ يأْلَم أو فقيرٍ يجوعينتظرون في هذا الشهر يدًا بيضاء تمسح عنهم الألم والحرمان وتبلسم الجراح؟وكم من غافلٍ ينتظر من يوقظ له ضميره النائم ليصحو من رقدته ويُقبل على العلم والطاعة؟ وكم من عطشانٍ ينتظر كفًا نظيفًا طاهرًا يرويه من معين رمضان لتشفى نفسه التي أشرفت على الهلاك؟ وكم من عينٍ حجبتها ظلمات المعصية تفتح جفونها شمس رمضان؟

من بركات رمضان

وفي النفس لهذا الشهر الكريم مكانة عظمى وله بين الضلوع منزلة كبرى عند أولي الألباب، يسعد به المؤمنون ويستبشر في ظلاله المتقون ويهنأ في بحر فيوضاته الصَّالحون. فهذا عاكفٌ يقرأ القرآن، وذاك ساعٍ في طلب العلم نشيطٌ في حضور مجالس التَّعلم، وثالث يلتمس المستحقين ليدفع إليهم زكاة ماله، وجارٌ يُشرك جاره في طعامه، وآخر قائم يناجي اللهَ يسأله العفو والرحمة، وترى عيونًا باكيةً ومساجد عامرة ونفوسًا خاشعة ورقابًا لربنا خاضعة وصفوفًا كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضًا في صلاة الجماعة للمكتوبات الخمس والتراويح وقيام الليل.

إنه الشهر الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم:”إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة وغُلِّقت أبواب النار وصُفِّدت الشياطين” رواه مسلم عن أبي هريرة. فهوشهر التغلُّب على الخصومات والمشاحنات والتكالب على الدنيا ووسوسة الشيطانالرجيم والتخلص من براثنه وكسر النفس الأمَّارة بالسوء ومخالفة الهوى والندم على ما سبق من تقصير وسلف من كسل والتغاضي عن الترهات وسفاسف الأمورالتي تُعيق صاحبها عن بلوغ المعالي والكمالات وتطهير البال من رذائل الأخلاقِكالبخلِ والكِبرِ والحسدِ والحقد والرِّياءِ والغدر والخيانة وسوء الظن والكذب والغش والخداع والمداهنة وغير ذلك مما انتشر بين ظهرانينا من تلك المفاسد التي تفتك بالمجتمع بل وبجسد الأمة على امتداد الوطن الإسلامي فتكًا هو أشد من فتك الأمراض العضوية المستعصية بأصحابها.

فمن كان ذا عقلٍ واعٍ اغتنم الوافدَ الحبيبَ رمضان فاستعان بنفحاته على سموالنفس وتطهير الفؤاد فصام عن المفطِّرات وسائر المفاسد والشهوات المهلكات ونهل من معين فضائله، ففيه للنفوس تهذيبٌ عظيم ودواء وشفاء لمن أعياه الداء ولكن كثيرًا من الناس في غفلة وتراهم يرجون عفو الرحمن ويعصونه ويُقرُّون بعداوة الشيطان ويوالونه ويعرفون خطر المعاصي ويقترفونها ويُدعونَ إلى التوبة فينسونهاويعلمون فضلَ أوقات رمضان فلا يغتنموها وأن العمر ذاهبٌ فيقضون غالبه فيما لا خير فيه وأن الدنيا خدَّاعة فيركنون إليها.

وما أحوجنا حقيقةً إلى تطبيق كل ما ذكرناه من الفضائل الكريمة والابتعاد عن كل ما يشين لتتعود النفس الاستقامة على طريق السداد وليكن رمضانُ بدايةَ هذا الطريق لمن فرَّط قبل ذلك ومحطةً للاستزادة من زاد الآخرة لمن كان من الأبرار، وفي هذا المقام نقول:

يا أيها التقي قد صرت إلى الشهر الذي جاء فيه عن أم المؤمنين عائشة قالت: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في رمضان ما لا يجتهد في غيره وفي العشر الأواخر منه ما لا يجتهد في غيره” رواه مسلم. أفليست هذه الأيام إذًا فرصة لك لشد الهمة أكثر فأكثر نحو الخير اقتداءً بحبيبك محمدٍ صلى الله عليه وسلم؟ بلى.

ويا أيها العاصي الأثيم قد دخلت شهرًا قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: “من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه” رواه البخاري عن أبي هريرة. ومعنى “إيمانًا” تصديقًا بأن صومه حقٌ ومعنى “احتسابًا” طالبًا بصومه رضا الله تعالى وحده لا يقصد الرياء ولا شيئًا مما يخالف إخلاص الصوم لله تعالى. فاغتنمه راجيًا عفو ربك فعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “رَغِمَ أنف رجلٍ دخَل عليه رمضان ثم انسلخ (انقضى) قبل أن يُغفر له” رواه الترمذي. قال ابن منظورٍ في “لسان العرب”” يُقال أرغمَ الله أنفه أي ألزقه بالرَّغام وهو التراب هذا هو الأصل ثم استُعمل في الذل والعجز عن الانتصاف”.

فمن عجز في هذا الشهر الكريم أن يُنصف من نفسه ويحملها على ما يزينها من التَّجمُّل بالفضائل والعمل بأسباب المغفرة فيا ضيعان الأنفاس والأوقات والأعمار.ومَن فوَّت على نفسه اغتنام الأجر في هذا الزمان فقد ضيَّع خيرًا عظيمًا جدًا لا يردُّه إذا فات بكاء الدهر وليت شِعري من المقبُول في هذا الشهر فنهنِّيه ومن المحروم فنعزِّيه.

والحمد لله أولًا وآخرًا.

 

مجلة الشراع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Here you can just take everything you need for efficient promotion and get the job done well. o’tishingiz Surprisingly, this is not the same as the circumstance with Mostbet. agar o’yinchi MostBet in Bangladesh offers a plethora of pre-match picks in over 20 different sports. o’yin boshlanishidan oldin This means you may use the mobile version to safely make deposits and withdrawals. dasturi