البلد… في فوّهة البركان

البلد… في فوّهة البركان

كتبت فلك مصطفى الرافعي في جريدةالبيان ٢٩/١/٢٠٢٠

بالعودة لتاريخ الفلاسفة الذين ما انكفأوا يوماً على معارضة خلل الحاكم، نُذكر بالفيلسوف اليوناني القديم “ديوجين” صاحب المصباح المضاء نهاراً لحثّ الحاكم على العدالة والبحث عن الإنسان الفاضل، فقد كان الفيلسوف متقشفاً يقضي ليله في برميل واعتاد شظف العيش حتى بِيع من الوالي في سوق العبيد فقال أيضاً إنهم يبحثون عن سيد لتحرير العبد، وقضى عمره يحمل مصباحه الشهير بحثاً عن الحقيقة. كذلك كتب مؤلف بولندي وفسّر له الكاتب المتنوّر مونتيسكيو لكتاب “كوفاديس” وهي كلمة يونانية تشير بعض التفاسير أنها تعني “ماذا تفعلون؟” والبعض يرجع قولها للقديس بطرس الذي تجلى له خيال السيد المسيح عليه السلام فيقول له “إلى أين أنت ذاهب؟” وطارت الكلمة لتحط رحالها كتحذير من متنورين لكل مسؤول بمعنى “أين ستذهب البلد؟”.
نحن نعيش حاله كأداء، ومن المؤسف القول أن سياسة غريبة لإفقار الشعب رفعت التضخم المالي ليأكل سلسلة الرواتب ويطغى عليها، والغلاء يذبح بمخالبه حتى قوت الأرملة واليتيم. غلاء محكوم للنقد الأجنبي وكل سلعة دوائية أو غذائية تخضع لمزاج الدولار صعوداً، ولا من سعر ثابت، والإحتكار وإخفاء المواد الضرورية مهنة جديدة لفجار يتحكمون بالسوق التجاري، والإفلاسات والتصفيات تنذر بكارثة خطيرة، والمبكي أن الفقر وحجز أموال صغار المودعين ينال طبقة فوق خط الفقر بنصف نقطة بينما الأثرياء ينامون على أرصدتهم الهائلة في الخارج أو ضمن خزائنهم في الداخل.
ما زلنا نذكر الرئيس الفرنسي الراحل جاك شيراك الذي حكم فرنسا لأعوام وترأس قبلها بلدية باريس لسنوات طويلة تعرض لمساءلة ومحاكمة لأن القضاء الفرنسي اكتشف أنه يملك حساباً بحدود 200 ألف يورو، وان الرجل الذي تربع في قصر الإيليزيه يملك هذه الثروة الرهيبة!! وإنه قضى أواخر عمره في بيت بالإيجار! هذه قماشة لحاكم عملاق.
ولا ننسى منذ فترة ان زوجة الصهيوني نتانياهو تعرضت أيضاً لمساءلة لكشف فضيحة ارتكبتها بالحصول على “بعض الوجبات الغذائية” على حساب ميزانية رئاسة حكومة العدو المغتصب.
هل وصلت الرسالة؟.
لقد فُتحت فوّهة البركان، والحمم ستأكل الأخضر واليابس.