قصيدة لشاعر فلسطين الأديب الأستاذ مروان الخطيب/ هُنا .. وهُناك

هُنا..وهُناك…!

هُنا وهُناكْ،
وذاكرةُ اللَّيلكِ-الأُرجوانْ…،
ومَنْ ذا سِواكْ،
تُعرّينَ حُزْني،
فأسمو رضيعاً،
أطيرُ مَلاكْ،
ويُفْرَشُ دربي وأُفْقي،
بسرِّ المَرايا، وبالكهرمانْ…..؟!
…، كأنّي بتلكَ على حَوْكِ ذاكْ…..!
…، هُنا وهناك،
وطَعْمُ الهديلِ،
يُراقِصُ حَلْقي ونَهري،
وضَفَّةَ وجْدٍ،
تندَّتْ سُلافاً،
فقامتْ وصلّتْ أمامَ الإمامِ،
وفاضَتْ ضياءً، وعطرَ عُلاكْ…..!
هُنا وهناكْ،
أراكِ ضُحايَ وشمسَ الأصيلْ،
ولَوناً تألَّقَ كالمستحيلْ،
زمانَ النّخيلْ،
وولّادة الشّعر والزّنجبيلْ،
أراكِ،… وفجري أسيرٌ…،
وأنتِ الصّهيلْ…..،
وقد كنتُ عكَّا ويافا،
وصِرتُكِ أنتِ،
وأنت الجميعُ، وفيحاءُ عُمري،
كتابُ الشآمِ، وفكرُ الخليلْ……!
…، هنا وهناكْ،
ضراوةُ شوقٍ، وحُلْمٌ يُحاكْ،
ورَمشٌ تسلّلَ من ناظريكِ،
فحنّاهُ صدري بخَفْقِ الشَّغافِ،
وبينَ الشّفاهِ، تهادى سواكْ،
ورفَّتْ جُفوني،
وطارتْ عيوني،
وقلبي تخطّى ضُلوعي إليكِ،
وراحَ يُحلّقُ نسراً، عُقاباً،
يضمُّ اصطفاقاً، حروفَ اليقينِ،
وينعي النّفاقَ، وأهلَ الهلاكْ…..!
…، هنا وهناكْ،
وصوتُ انتظارٍ،
تَهَجّى هسيسَ الرِّمالِ، ومِلْحَ الخِضَمّ،
فأدركَ بعدَ امتلاكِ الوصايا،
حقيقةَ “كان” و”صار”،
وحكمةَ ربٍّ تعالى،
وأنّ الرَّزايا،
تُفَتّتُ كيدَ الثّعالبِ والحاقداتْ،
وأنَّ المَماتْ،
_ مدادَ الملاحم، كُنْهُ الحكايا _،
سيبقى الإشارةْ،
ويبقى العبارةْ،
وسرَّ الحياةْ…..!
…، هُنا وهناكْ،
ومعنًى تَخَمَّسَ في وجنتيكِ،
تَصاعدَ نَجماً،
هِلالَ صيامٍ،
وكُوَّةَ أحمرَ نادى هَواكْ،
فَشَمَّرَ فجرُ اللُّجينِ عن السّاعدينِ،
تَتَبَّعَ وجداً نَداهُ هُداكْ،
وأخضرَ يحبو كطفلِ المغارة،
…، أيقنَ أنّ الرُّبى من جَناكْ،
وأنَّ الخمائلَ،
سحْرَ القَوافيْ،
“قفا نبكِ”، أطلالَ خَوْلَةَ، “وَدّعْ هريرةَ”،
والباقياتِ بأرضِ النّبوّةِ،
كانتْ لأجلكِ، تشدو، تطيرُ،
وترسُمُ يومَ التَّلاقي،
وجنّةَ عدْنٍ،هُنا وهُناكْ،
وتدعو الطيورْ،
وبوحَ القَرَنفُلِ، روحَ البَخورْ،
وكلَّ العُصورْ،
لِتَحرُسَ حُبّاً،
وذَوْباً صُراحاً،
نقاءً، ونوراً، صفاءْ،
بكأسٍ تَعَتَّقَتُ فيها،
فعُدْتُ إليكِ، إليَّ،
_ كما كان جَدِّي _،
كتابَ الصَّلاحِ، رُحاقَ الوَفاءْ،
وقامةَ سرْوٍ، وهيبةَ نخْلٍ،
وإرْثاً عظيماً، تعلّقَ حطّينَ،
أرضَ الشآمِ، ومِصْرَ المُعزِّ،
وبغدادَ هارونَ،
همَّةَ يوسُفَ يومَ البَلاءْ…!
…، هُنا وهُناكْ،
ورِحلةُ شَوْقٍ،
مَداها السَّماءْ،
بُراقُ سُراكْ،
فطَيّبْ ضُلوعي، بِعدِّ لَمَاكْ،
وَكَحِّلْ جُفوني، بِوَجْدِ سَناكْ،
فإنّي رأيْتُكِ مِزمارَ قلبي، نكهةَ حَرفي،
ونبضي المُذابَ، يُصَلّي العِشاءْ،
وَمِنْ ثَمَّ يَغفُو،
وبينَ بُخارى وكَشميرَ شَهْدي،
أتَتني رُؤايَ، رُؤاكْ:
هُنا وهُناكْ،
هَديلُ الأماني،
ومَرْوُ دُعاكْ،
وغَزَّةُ تَرْقَى،
وفوقَ الدَّيَاجِيْ،
طريقَ الرُّجوعِ، إليكَ، إليها،
لمعنى القَوافي، وفِكْرِ بَهَاكْ…..!.

مَروان مُحمَّد الخطيب