العلماء المسلمون والعرب … بقلم د. إبراهيم حلواني

(16) … ابن الجزار: أحمد بن إبراهيم القيرواني

في الجاهليّة كان الطبُّ بدائيًا، فقد اقتصر على التعاويذ الموروثة وضروب السحر والشعوذة من جهة، وعلى التجريب والوسائل البدائيّة، مثل الكيِّ بالنار واستئصال الأطراف والتداوي بالعسل والأعشاب النباتية، من جهة أخرى.

خلال العصر الذهبيِّ للإسلام حقق المجتمعُ العربي والإسلاميُّ قفزاتٍ مهمةً في تاريخ الطب وتطوره. فقد ارتكز أساسًا إلى التحليل العلميِّ والمنطقيّ، كما أنه كُتب باللغة العربية التي كانت لغةَ التواصل المشترك في زمن الحضارة الإسلامية. نشأ هذا الطبُّ نتيجةً للتفاعل الحضاريِّ بين شعوب المنطقة، مع بداية حركة النقل والترجمة في القرن التاسع الميلادي. كانت الترجماتُ الأولى للنصوص الطبية عاملاً أساسيًّا في تكوّن الطب الإسلامي. كما كان لترجمة الأعمال العربية إلى اللاتينية أثرُها البالغُ في تطور الطب في أوروبا في نهاية العصور الوسطى وبداية عصر النهضة.

أفرز الإسلامُ في العصور الوسطى بعضًا من أعظم الأطباء في التاريخ، مثل ابن سينا وأبي بكرٍ الرازي. وقد طوروا المستشفيات ومارسوا الجراحة على نطاق واسع. وظلت كتبهم تدرَّسُ في المدارس الطبية الإسلامية لفترات طويلة، كما تركوا عظيمَ الأثر على تطور الطب في أوروبا العصور الوسطى.

ابن الجزار
المولد: 285 هـ – 898 م، القيروان، تونس
الوفـاة: 369 هـ – 979 م، القيروان، عاش 81 سنة م.
عالم عربي مسلم من تونس. اشتهر بعمله وكتاباته في الطب.
كان طلاب الأندلس يتوافدون إلى القيروان لتحصيل الطب عنده.
نُقلت أعماله إلى جامعات ساليرنو ومونبيلييه.
عُرف بزهده وعصاميته وصَدَفِه عن قبول الهدايا من الأمراء.
عدّل في القوانين الطبية العامة وضبَطَ أسماء النباتات بثلاث لغات: العربية واليونانية والبربرية.

من أشهر كتبه “زادُ المسافر وقوتُ الحاضر”، كان نابليون بونابرت يحمله معه أثناء الحملة الفرنسية على مصر.
تُرجم هذا الكتاب إلى اللاتينية واليونانية والعبرية، ونُسِخ وطبع مراتٍ عدة في فرنسا وإيطاليا، في القرن السابع عشر.
اعتمده الأوروبيون كتابًا مرجعيا في الثقافة الطبية.
في هذا الكتاب، استعرض ابنُ الجزّار حالاتٍ مرضيّةً كثيرة، وكان يكتب اسم المرض وعوارضه وكيفية علاجه وأحيانًا توقعاتٍ بشأن تطوره.

كتب في المواضيع التالية: علاج الأمراض، الأدوية المفردة، الأدوية المركبة، العدة، التاريخ، النفس، المعدة، طب الفقراء، طب الشيخوخة، الزكام، النوم واليقظة، الجذام، المقعدة وأوجاعها، الأدب، الصحة، الدولة.
من مؤلفاته:
زاد المسافر وقوت الحاضر (وقد ترجمه إلى اللاتينية قسطنطين الإفريقي(، الاعتماد في الأدوية المفردة، البغية في الأدوية المركبة، طب الفقراء والمساكين، في المعدة وأمراضها ومداواتها، زاد المسافر في علاج الأمراض، طب المشايخ (في الشيخوخة)، العدة لطول المدة، وهو أكبر كتبه في الطب، سياسة الصبيان وتدبيرهم (مرجع في طب الأطفال).
وله إلى ذلك مؤلفاتٌ كثيرة أخرى.