الشراع 5 ايلول 2023

 

  • (المسكوت عنه في مقالة كريم.مروة عن نغمة ماسحي الاحذية)

لغط كبير يحكم العقل الشيعي الجماعي، بفضل الاعلام الداخلي القوي للثنائي المخيب للآمال ،المؤثر على ابناء الطائفة ،وفق معادلة الترهيب والترغيب بأنهما يقفان خلف اسباب تطوّر وتحوّل الطائفة الشيعية من عتالي ال”بور” المرفأ ،و من بائعي اوراق اليناصيب ،ومن الخدم عند الخواجه الى اطر  اساسية في العلوم والاداب والثقافة في المجتمع اللبناني.

غير صحيح فالتحوّل انما حصل نتيجة عدة اسباب جوهرية:

-ادت  احزاب اليسار والقومية العربية، وفيما بعد فصائل منظمة التحرير الفلسطينية دوراً بارزا واساسياً في نشر الوعي الثوري وتحفيز الشخصيات للمثابرة و  للنضال،من اجل تحسين شروط العيش.

وما مظاهرات التبغ ومعامل غندور وتاسيس النقابات الا عملا موفقا لنشر الوعي للسير نحو الافضل.

نجح ابناء اهل الشيعة والجماعة ،في تحويل مأساة الحرب الدائمة في الجنوب اللبناني الى نزوح ايجابي ،ساعد على تعليم ابنائهم في مدارس وجامعات بيروت والضواحي، كما ساهم في تحسن اوضاعهم المعيشية من خلال توفر المهن المربحة في العاصمة، اكثر من الريف البعيد،ما جعلهم يشترون الشقق ويبنون الابنية ويتملكون في دائرة صناعات القرار السياسي والاقتصادي وحتى التربوي والنضالي ،اي في العاصمة وفي الضواحي كما حوّلوا نزوحهم من دائرة الرصاص والقصف ،الى هجرة مفيدة باتجاه البلاد الافريقية ليعملوا وليربحوا المال الوفير ليرسلوه الى كوادر ابناء الطائفة ،كخمس وكتبرعات وكهبات وكدعم لاهلهم ساعد على التعليم ،وعلى بناء المعامل والمؤسسات الحديثة وتماما كهجرة اجدادهم ابان الحرب العالمية الاولى والثانية، انما باتجاه البرازيل والارجنتين ثم في وقت لاحق الى ميتشيغن الاميركيةوالى سيدني الاسترالية ،والى ستوكهولم السويدية ،والى ميونيخ الالمانية ،والى زيوريخ السويسرية…

ولو ان البعض منهم عمل بالممنوعات انما اتى بالمال.

نضال اليسار والاحزاب القومية من اجل  بناء الجامعة اللبنانية ،التي سهلت بقوة تعليم الطلاب المجتهدين الاكثر فقرا مجانا ،والذين كانوا بمعظمهم من شرائح مجتمع  اهل الشيعة.

استفاد اهل الشيعة وبامتياز من الاصلاحات المؤسساتية ،التي ادخلها الرئيس فؤاد شهاب الى الدولة اللبنانية، والتي في وقتها نجدها اهم بكثير مما قدمه اتفاق الطائف لاهل الشيعة.

المنح الدراسية التي قدمتها الاحزاب اليسارية لشبابها الثوري  ،للمقاتلين في صفوفها في الاتحاد السوفياتي العظيم الحسن الصيت ،وفي المنظومة الاشتراكية الجيدة السمعة ،في مناصرة حقوق المحرومين اضافة لتمكن ابناء الطائفة من دخول الجامعة الاميركية، ومن السفر الى جامعات فرنسا وبريطانيا ونيويورك بقوة اموالهم الخاصة.

ومن اسباب تحول الطائفة الشيعية ككل من طائفة مهمشة الى طائفة ذات عقدة، فائض القوة من دون سلاح ،وجود رجال دين منفتحين ومتنورين ومستقلين بارائهم ومجتهدين يكتبون الشعر ويحبون الحياة ويحترمون الجمال…

متأثرين كغيرهم من ابناء جيلهم من زمن التنوير والتحرر من التبعية ومن الاستعمار غير معادين للافكار الاشتراكية بيساريتها ولافكار القومية العربية ،غير متزمتين ولا يدعون للاصولية الكيدية ولا يسوقون لافكار اسطورية تأتي عليهم بالويل وبالسخرية .

عندما يحكي اليساري اليوم يتهم بالزندقة، واذا حكى رجل معمم الكلام نفسه يصبح متنورا ومنفتحا!

كانت المبادرة الخلاقة فردية اكثر منها جَماعية، ولم تكن ضمن مؤسسة تُعنى بالتطور وبالتحوّل.

حصل كل ذلك قبل تأسيس حركة افواج المقاومة اللبنانية وقبل انتصار الثورة الاسلامية في ايران وقبل بروز حزب الله  بقوةما بعد سنة 1984،وقبل اغتيال  وتهجير اطر  اهل الشيعة من اليسار…

بل ان الثنائي المخيب للآمال حصد ما زرعته اجيال من جهد ومن مثابرة ومن تضحيات جمّة لتعليم ابنائهم، من اللحم الحيّ ومن عرق  الجبين ،بل ان سوء ادارة الصراع لدى الثنائي يضاف له الجوع والنهم المالي الفوضوي في الادارة وخارجها  ،قد اساء لاهل الشيعة وعرضهم في حقبات من الزمن لمطاردة انظمة عربية اميركية  الهوى ولصعوبات للحصول على تأشيرات سفر اضافة لسوء العلاقات مع باقي الطوائف نتيجة تحول الثنائي، اما لليد العسكرية لسياسة دمشق او اليد التنفيذية لعقل طهران وقم من حرب المخيمات ومقاتلة الاحزاب اليسارية والفلسطينية ،لوضع اليد على حدود الجنوب مع الشمال الفلسطيني الى حرب بين الشيعة انفسهم في اقليم التفاح وبعلبك والضاحية، حتى السيطرة على الحدود الجنوبية وصولا لحروب في سورية وفي العراق وفي اليمن..

وكل هذا كان مدفوع الثمن من ابناء اهل الشيعة غير المحازبين…

كانت النجدة الشعبية قبل مستشفى الرسول الاعظم وقبل مستشفى الزهراء.

نهضة اهل الشيعة الثقافية الاقتصادية التربوية المالية الادارية الاجتماعية سبقت الثنائي الحزبي بثلاثة عقود من الزمن ،على اقل تقدير .

حتى المقاومة فقد بدأت مع الحرس الشعبي منذ سنة 1971 وقتلى  الاحزاب الوطنية من علي ايوب مرورا بالاخضر العربي ما قبل بروز الثنائي على الساحات والرصاصة المقاومة الاولى في بيروت اسمها مازن عبود، والبطولة الاولى الاولى اسمها خالد علوان والمظلومة الحية الاولى اسمها سهى بشارة والطاهرة الاولى اسمها سناء محيدلي.

ربما و للاسف واحدة من انجازات الثنائي، انه في زمن قوة القبضة المالية في الدولة المحسوبة على الثنائي تم مصادرة اموال اهل شيعة افريقيا ،والكادحين اللبنانيين في المصارف ومن دون محاسبة ومن دون قطع يد.فاسد.

الذين فرّطوا بانجاز تحرير الارض على يد المقاومة الاسلامية البطلة هم انفسهم الذين تركوا الناس يواجهون اشرار رغيف الخبز لوحدهم.

من هنا ومن تحت شجرة عناب محررة في بلدة حاروف وجالسا على تنكة تاترا اتابع هجوم الذين لن يوافقونا الرأي وسيتهموننا بنسيان هذا وذاك ولا تعليق لنا الا القول:

والله اعلم.
د_احمد_عياش

مجلة الشراع