كتب الإعلامي د. باسم عساف في جريدة الشرق – بيروت :*/ *إنهيار الكيان … بإنتظار العنوان ….

 

*إنطلاقاً من وعد بلفور الإنكليزي سنة/ ١٩١٨ وبعد أن دانت الأرض الفلسطينية لإحتلال بريطانيا ، من بعد إنتهاء الحرب العالميّة الأولى ، التي إنتصرت بها دول الحلفاء ، على دول المحور ومنها تركيا ، فقد بدأت الحركة الصهيونية العالميّة ، بالتحضير لتجميع اليهود من أوروبا وروسيا ومنظومتها الشرقية ، ونقلهم إلى فلسطين ، التي جعلوها وُجهتهم لإقامة دولة إسرائيل وفق مفهومهم التلمودي ، الذي إخترعوه للسيطرة على العالم وسيادتهم عليه ، حيث يعيشون حالة الإستعلاء ، بأنهم شعب الله المختار ، الذي يحكم العالم ، وأنَّ الأرض قد جُعلت لهم ولعيشهم بسلام ، والباقي من المخلوقات فإنما وُجدت لتأمين خدمتهم …*
من هنا… وبوجود الصهاينة في الإدارة الإنكليزية ، فقد وفَّرت لهم ما يُريدون وما يبغون ، من إستيطان هذه الأرض المقدسة ، وإيجاد المناطق المُلائمة لمخطَّطهم ، مع توسُّعهم بالإستيطان ، فقد وجدوا من المناسب أن يُزيلوا قرىً وبلداتٍ من الوجود الفلسطيني ، للإحلال مكانهم ، فكان التسلح بواسطة الإنكليز المحتلِّين ، والمباشرة بالمجازِرِ والإبادة أو النشريد الداخلي أو الخارجي لأبناء الأرض الأصليين ، والتي هي مستمرَّة حتى يومنا هذا …
*إن ما يجري من مجازر إبادةٍ جماعية وتدميرٍ شاملٍ في غزَّة والضِّفّة ، وما تطاله يدُ الإجرام الصهيوني على الأرض الفلسطينية واللبنانية والعربية ، وهذا التمادي والإمعان في القتل والتدمير ، لم يكن ، لولا مساندة ومساعدة كل الدول والمنظمات الدولية ، التي تسيطر عليها الصهيونية العالمية بالسر والعلن ، ومنها العربية التي وجب أن تكون ، إلى جانب الشعب الفلسطيني الشريد والطريد ، والمنكوب والمنهوب بالأرض والعرض ، ووجب أن تلتزم بما يعلنونه في مؤتمرات القمة العربية من تحرير وصد العدوان وإزالة آثاره إلى عدم التفاوض والإعتراف والصلح مع العدو الصهيوني …*
وإذا بنا نراهم ، ينفذونها جميعاً بالوجه الآخر ، الذي كانوا يُخفونه عن شعوبهم العربية ، المتمثل بالعمالة والخيانة والنفاق ، الذي أدَّى إلى سيطرة إسرائيل على المنطقة كلها ، وتنفيذ مآربهم وغايتهم بالوطن القومي اليهودي تحت شعار :*( أرضك يا إسرائيل ، من الفرات إلى النيل )*…
*خمسة حروبٍ خاضتها الدويّلة الصهيونية مع الدول العربية ، وجميعها أتت بنتيجة الهزائم ، التي كانوا يغلِّفونها تارَةً بمعنى النكبة أو النكسة ، وطوراً بالهدنة والإتفاقات والمعاهدات ، التي تخضعهم لشروطها ، في كل المفاوضات والإتفاقيات والتطبيع ، والتي جعلت منهم طَيِّعين لأوامرهم ، في كل الشؤون المتعلِّقة بفلسطين ، وكافَّة الدول والأراضي والشعوب العربية …*
كل ذلك كان يجري بعمليّات إرتهانٍ وخضوعٍ وإذلالٍ ، قد شهدها العالم والعرب بعد كل إتفاق ، كما شهدتها الأيام الأخيرة من حرب القضاء على قطاع غزَّة والضفَّة ، والإبادة الجماعية التي تستخدمها سياسة الكيان مع الفلسطينيين ، والتدمير الشامل لأرضه ، من دون أيِّ موقفٍ أو قرارٍ أو تحركٍ ، لمواجهة هذا العدو ، الذي أشبعوا شعوبهم بالعداء له ، والعمل على دحرِه وردعِه والقضاء عليه ، مع تحرير الأرض من براثن أنيابه ، الملطَّخة بدماء الأبرياء ، من أطفالِ ونساءِ وشيوخِ أصحاب الأرض السليبة ، والذين يتاجرون بهم في سوق النخاسة الدولية …
*جاءت عملية طوفان الأقصى ، مع بدائية وسائلها ، وبساطة رجالها ، وقلَّة عتادها ، ومحدوديَّة قوتها ، لتشكِّل أكبر هزيمةٍ (للجيش الذي لايقهر) بنظر كل الدول ، التي خاضت الحروب المسرحِيَّة مع الكيان وأدوارها التمثيلية على شعوبها …*
إنقلب السِّحر على السَّاحر ، مع المواجهة الحقيقية من أبسط قوة ، في العدد والعتاد والسلاح ، ضد أعتى الجيوش في المنطقة والعالم ، وهم يملكون أقوى سلاحٍ للدَّمار الشامل ، وأحدث ما يملكه الإنسان ، من وسائل الفتك والقتل ، والإجرام النووي والجرثومي ، والتغيير الجيني ، والغلبة بعد تسعة أشهر من المواجهات غير المتعادلة ، تشير إلى غلبة ونصر الفئة القليلة ، على الفئة الكثيرة ولو أعجبتهم ، بإيمانها وصمودها ، وبالدفاع عن حقوقها وأرضها وشعبها ، فأعطت العالم والتاريخ ، الدروس والعبر بالإخلاص للقضية المحقة ، من دون خيانةٍ وعمالةٍ ونذالةٍ ، تبقى هي المنصورة وتدين لها الأرض المعمورة ….
*إن العدو الذي إغتصب الأرض والعرض ، وعاش كل تاريخِه بالحرب والقتل والتدمير من جهة ، وعاش بالكذب والرِّياء والنِّفاق من جهة أخرى ، وإستمر بالمواربة والإفتراءآت والمتاهات ، وإستعمل التورية والتعمية والتسوية ، مع المراهنين على إستلاب الكروش والعروش ، وإستعراض الجيوش ، ليسودوا في الأرض ، ويبقى لهم التسلُّط والهيمنة المرَكَّبة على الحبال البهلوانية ، والمعتمدة على عصيِّ السّحرة ، لتأتي عصا المقاومة في غزّة ، لتطيح بعِصيِّهم ، كما تلقَّفت عصا موسى سَحرَةُ فرعون …*
فبُهِت الذي كفر ، وإرتدُّوا على فرعون وربوبيَّته ، كما إرتدَّ العالم اليوم ، على هيمنة الصهيونيَّة وبرتوكولاتها ، وكما نسَفوا إدِّعاء تلمودِهم ، وألغوا من حساباتهم قصَاصَ العداء لسامِيَّتهِم المزيَّفة الباهرة ، وإنكشف القِناع عن الوجوه السافِرة والعاهِرة ، بتسميات النفوس الطاهِرة ، والعيون الساهِرة ، والكذِب بالسلام مع القدس وعَمَّان والقاهرة ، ثمَّ بالتطبيع مع البحرين وعُمَان والإمارات الزاهِرة ، ومع الترغيب والترهيب للعواصم الأخرى بالأساليب الواهرة ، فتصدت لها صواريخ المقاومة الزاجرة ، وقضت عليها عملِيَّة الطوفان الناصرة …
*مع تقلب الزمان والمكان ، ومع تبدل الأشكال والألوان ، ومع صمود غَزَّة الذي كشف إنهيار الكيان ، وأمعن التفكك في جيشه ومجتمعه وحكومته الذي بات ظاهراً للعيان ، كما أثقلته بالقصف والتهجير جبهة جنوب لبنان ، ليتحقَّق النصرُ المُبِينُ بفضل المنَّان ، فلتكن تسميتُه بأيِّ عنوان …*