من اوراق حسن صبرا: احاديث مع علي صبري ومحمد فائق عن جمال عبد الناصر/ الشراع

الشراع 24 اب 2023

سأبدأ مع الاستاذ محمد فائق اطال الله عمره وهو في سن التسعين ، وهو آخر رجال جمال عبدالناصر الذين ما زالوا ينشطون في الحقل السياسي العام .
قلت له في منزله في منطقة روكسي خلف حديقة ميريلاند المعروفة :
استاذ محمد ، هل سمعت عن اذاعة ام كلثوم التي كانت تبث اجمل اغاني الستينات لكبار المطربين والمطربات ، وكنا طلاباً لبنانيين وعرب ننشد اليها لسماع ما تبثه من الساعة الرابعة بعد الظهر الى الساعة الثانية عشر ليلاً ؟
ابتسم ابو هشام وقال لي سأعطيك سر هذه الاذاعة ..انها يا ابو علي ( هكذا ينادي المصريون كل من يحمل اسم حسن ) اذاعة تم انشاؤها بطلب من جمال عبدالناصر شخصياً ، والهدف من بثها يومياً في هذا التوقيت وبهذه النوعية من اجمل واعذب الاغنيات ، ومن حملها اسم اذاعة ام كلثوم ، وليس فيها صوت مذيع او مذيعة او فواصل او قواطع .. ان تجذب اكبر عدد ممكن من المستمعين ..
ظللت مشدوداً الى ما يقوله الاستاذ محمد ، وما سيكشفه من سر هذه الاذاعة الى ان كانت المفاجأة :
انها اذاعة سرية كانت موجودة في احدى غرف منزل الريس في منشية البكري  ، تحسباً لأي محاولة انقلاب قد تحصل ضده ، خصوصاً بعد محاولة الاخوان المسلمين قلب نظام الحكم عام 1965، وهي المؤامرة التي دبرها سيد قطب بالتعاون مع الاستخبارات الاميركية والبريطانية، واعترف العدو الصهيوني انه كان على علم به ، ومواكباً تحركات المتآمرين ، وهي المؤامرة التي كان في مخططاتها نسف الجسور في القاهرة الكبرى ، ونسف قطارات السكة الحديد بين القاهرة والمحافظات واغتيال رئيس الجمهورية وكبار القادة ، وقتل ام كلثوم ومحمد عبد الوهاب وعبد الحليم وفريد الاطرش وكل من كان بحضن الثورة ويغني لها ، ونسف المجمع الشهير وبعض المساجد ، والسيطرة على مبنى الاذاعة والتلفزيون الشهير على النيل في منطقة ماسبيرو
اقدم جمال على خطوة تأسيس هذه الاذاعة،  وفي باله مخطط الاخوان للسيطرة على مبنى الاذاعة والتلفزيون في ماسبيرو للسيطرة على الاعلام وعزل رئيس الجمهورية عن المصريين وعن العالم اذا فشلت محاولة اغتيال الريس عبد الناصر .
قلت للاستاذ محمد : ظللنا كطلاب لبنانيين وعرب من معارفنا  نتابع اذاعة ام كلثوم – كما اتفقنا على تسميتها -الى ان حصلت الهزيمة العسكرية بدءاً من 5 يونيو الى استقالة الرئيس ، وبعدها ما عاد لدينا اي استعداد لسماع اغان او اي برامج اخرى
ابتسم ابو هشام وقال بحسرة ؛ ما خلاص كل شيء كان راح يوميها
———-
الواقعة الثانية مع الاستاذ فائق كانت :
استدعاني الرئيس جمال عبد الناصر ليقول لي : يا محمد انا بستمع الى فيروز وبشعر انها بتنقلني الى جو جديد جميل وبرىء ، واكيد الست دي ليها تأثير على كل من يستمع ليها .. عايزين يا محمد فيروز مصرية تغني على طريقة فيروز إنما باللهجة المصرية .
هنا كشف الاستاذ فائق ,الذي تسلم وزارة الاعلام بعد الهزيمة العسكرية عام 67 ,وظل فيها الى ان انقلب انور السادات على نهج وثورة وسلوك وسياسة جمال عبد الناصر في 13/5/1971هذا السر هو -يتابع الاستاذ محمد – طلبت من مساعدي في الوزارة ومن اعلاميين كبار ومن فنانين ان يقترحوا صوتاً فيروزياً لتتبناه الدولة رسمياً … فكانت عفاف راضي التي انطلقت بصوتها الخليط بين اداء فيروز والاوبرالي ، وباتت في لونها الخاص مميزة سرعان ما انتشرت شهرتها واغنياتها الجميلة في مصر والوطن العربي.
( غنت عفاف راضي ردوا السلام وغنت النبي تبسم وغنت قاعدة وحدي في البيت ….)

• في الحلقة المقبلة نكتب عن واقعتين رواهما لي نائب رئيس الجمهورية العربية المتحدة الراحل علي صبري وايضاً عن جمال عبد الناصر

  مجلة الشراع