الشراع 23 اب 2023

كنا في مهمة صلة رحم لأحد الأقارب، داخل ضواحي مدينة سرت ، تحركنا بعد صلاة العصر ،  كسى المشيب وجوهنا و  نثرت طاحونة الزمن غبارها على ما تبقى من شعر في رؤوسنا،  و بلغنا من العمر عتيا، فسابعنا و هو أصغرنا كهلا  تراه من  السنين العجاف شيخا عتيا .

استوقفتنا بوابة مدججة بكافة الأسحلة ،و سيارات حالكة السواد عند مدخل سرت الشرقي( جزيرة أبوهادي)،  و أقترب منا ملثم تتراقص عيناه مثل ما تتراقص عيون البومة في الظلام، منظره لا يبعث على طمأنينة، و لا يعبر عن رسالة رجل الأمن، بل على العكس تماما، يتحدث بلهجة عرب الشرق، و لكن نحن كما أسلفت بلغنا من العمر أكثر من  خمسة عقود، و لا نحمل معنا أي ممنوعات أو محرمات ،أو إي شي يخل بالأمن و سيمانا على وجوهنا،  لو كان من أهل سرت عرف،  من نحن ؟

سألنا سؤال مركب من أين أنتم قادمون؟  و أين أنتم ذاهبون؟؟

أبلغناه مكاننا الذي انطلاقنا منه  و مقصدنا ،

ثم قال أنتم من أي قبيلة يا حجاج ؟؟

قلناه له قذاذفة ؟؟

ردد بنبرة فيها شي من الحده كلكم قذاذفة ؟؟؟

نعم كلنا قذاذفة  بلغة الواثق المعتز بشهامته و نبل أصله ، بعدكم قذاذفة درسوا على اليمين ؟

و أعطونا أوراقكم الثبوتية وهواتفكم الشخصية .

أقترب منا ملثم أخر يحمل صفة ضابط  ،لم يكترث بالأوراق الشخصية،

قال أعطيني الهاتف مخاطباً  السائق

،منحه الهاتف دون إي خجل أو خوف أو تردد ..

فتح  ذلك الملثم على الصور فإذا بأول  صورة تقابله هي صورة المظلومين  القائد معمر القذافي و رفيقة الخويلدي الحميدي ،

تسمر وجه الرجل وأرجع الهاتف ،و هو يتمتم بصوت خافت الله يرحمهم الله يرحمهم ، تحية للأوفياء من نهار غاب ما رأينا خير.

أكملنا طريقنا و صمت الجميع برهة ،و درات في رأسي ألف حكاية و حكاية:

لماذا كل هذا يحدث في بلادي؟

و لماذا يتم تفتيشنا على النسب ؟؟

لماذا لا توجه هذه الجحافل لحماية الوطن من اللصوص و الارعاب  و قاعدة القرضابية تتحدث بالروسي على مرمى حجر منهم؟؟

و الوطية  تتحدث باللغة التركية و قاعدة مصراتة الجوية تتحدث الايطالية ، و  قاعدة الخروبة اختلطت بها اللهجات  المصرية و الخليجية و الجنوب تعددت به اللهجات و اللغات فرنسية إنجليزية بلكنه أمريكية و لهجات الهوسة و الطوارق مالي .

تذكرت قول الشاعر  الذي  يبكي دمًا على بلاده:

( كانوا ركايز … وين طاحوا طحتي .. كانوا دليلك … وين ماحوا محتي……… )

سالم بن عبد الله القذافي
الجماهيرية العربية الليبية

مجلةالشراع