الخدمات الاعلامية

شك وتشكيك وتجار دكاكين؟! / بقلم حكمة ابو زيد/الشراع

الشراع 8 شباط 2023

منذ أوائل تسعينات القرن العشرين الماضي أصيب ” الفكر السياسي ” اللبناني بفيروس الشك والتشكيك. فالكل يشك بالكل. والكل يشكك بما يفعله الكل، وكل الكل يخدع الناس ويوهمهم بأنه هو الصادق والمحق والمتماهي مع مصالحهم المقدسة كقداسة ودائعهم في المصارف، التي يترهبن جميع “المسوسين” في أديرتها.

ولا يخفى أن ضابط الإيقاع السوري كان يغطي أعراض هذا الفيروس، وكانت عصا نفوذه وسطوته تلجم جميع الطامحين وتحسم الأمور، وتدوزن الايقاعات بحيث تبدو الجوقة وكأنها سيدة أنغامها ومبتكرة “نوطاتها”. وعندما أجلى القرار الدولي القوات السورية، بعد استشهاد رفيق الحريري “فلت الملق” وعادت حليمة الى عادتها القديمة؟!

هل هذا الكلام دعوة للرجوع السوري الى لبنان؟ قطعا” لا. وكان الله في عون سوريا وشعبها المفجوع بأكبر زلزال عرفه تاريخها ومعظم دول العالم تتقاعس في مساعدتها لاعتبارات سياسية وتحالفية لا تعترف الإنسانية بمعطياتها في هذه الكارثة الرهيبة التي تسحق الشعب السوري وجاره الشعب التركي كذلك.

المقصود من الكلام هو الإضاءة على ثقافة هجينة تسللت الى حرم ثقافة احترام الدستور والقوانين وعدم المس بحقوق المواطن التي نُصّ عليها في الدستور والقوانين. ولا بد من الاعتراف، هنا، أن في “اتفاق الطائف” عيوبا” بنيوية امتطاها الفكر السياسي السلطوي وراح “يميدن” في فضائها على هواه. ومن أهم هذه العيوب جعل السلطة الإجرائية للدولة مشاركة بين ثلاث مرجعيات: رئاسة الجمهورية. مجلس الوزراء. مجلس النواب مع أن مهمته الدستورية والاساسية هي التشريع وليس التنفيذ! وهكذا صار الحكم اللبناني بثلاثة رؤوس يستحيل على عربته السير إذا لم تتوافق على خطه وهدفه هذه الرؤوس الثلاثة. و”دبّرها يا ناظم” كما كان يقول الشهيد رياض الصلح عندما تعرض عليه مسألة لا وقت عنده لمعالجتها. ولكن المسألة راهنا” ليس عندنا رياض الصلح ولا ناظم عكاري!

والمؤسف أن ثقافة الشك والتشكيك صارت ملح أي وجبة من الوجبات التي تفرض القوانين النافذة تقديمها للمواطنين وآخرها انتخابات البلدية والمختارين التي من المفترض ان تتم في شهر أيار المقبل كما يقول القانون. ولكن حتى اليوم، ورغم تأكيدات وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي ان الوزارة جاهزة لوجستيا” لإجرائها في موعدها، ترتسم الشكوك حول التأكيد العملي لهذه التأكيدات الكلامية! حتى ان المواطنين المعنيين الأساسيين بهذه الانتخابات لا يبدون أي اهتمام لافت بشأنها لأنهم، بدورهم، يشكّون بإجرائها فيستنكفون عن إضاعة وقتهم ومالهم وتحمل مشقات التنقل والزيارات وشوفة الخواطر وقد تذهب كلها مع اقتراح قانون معجل مكرر بتأجيلها يقدمه جهبذ من جهابذة مجلس النواب ويصدقه زملاؤه بالجهبذة بسبب “الظروف الراهنة وحفاظا” على راحة المواطنين وعدم تحميلهم أعباء جديدة في ظل الازمة الراهنة التي يعانون منها …” الى آخر المعزوفة.

ان تأجيل الانتخابات البلدية والمختارين هو اعتداء مباشر على حق المواطن اللبناني في ابداء رأيه بسلطته المحلية الممثلة بالبلدية والمختار بعد سبع سنوات على الانتخابات الأخيرة. (مددت العام الماضي مدة سنة) أن هذا السلوك الرسمي هو نوع من أنواع الاستهانة بالاستحقاقات الدستورية والقانونية التي نشهد فصولها على المسرح السياسي اللبناني منذ أوائل القرن الراهن. ولذا لا تعجبّن أيها المواطن إذا كان هناك اليوم اجماع على عدم معرفة الوقت الذي سيُنتخب فيه رئيس جديد للبنان. لماذا؟ لأن الكل يشك بالكل والكل يشكك بالكل، وكيف يقوم حكم قاعدته شك وتشكيك؟! حمى الله لبنان من الشك والشكاكين وتجار الدكاكين.

حكمة أبو زيد

صحافي وكاتب سياسي

مجلة الشراع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Here you can just take everything you need for efficient promotion and get the job done well. o’tishingiz Surprisingly, this is not the same as the circumstance with Mostbet. agar o’yinchi MostBet in Bangladesh offers a plethora of pre-match picks in over 20 different sports. o’yin boshlanishidan oldin This means you may use the mobile version to safely make deposits and withdrawals. dasturi