متفرقات

مصارف الزكاة الثمانية / بقلم الشيخ أسامة السيد/ الشراع

مصارف الزكاة الثمانية
بقلم الشيخ أسامة السيد

الشراع 21 نيسان 2022

الحمد لله وكفى وسلامٌ على عباده الذين اصطفى.

قال الله تعالى في القرآن الكريم: {إنما الصدقات للفقرآء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قُلُوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضةً من الله والله عليمٌ حكيم} سورة التوبة.

لا يعرف كثيرٌ من الناس المعيار الشرعي للفقر ولا للمسكنة ولا يدركون المعنى المراد من ذكر الأصناف الثمانية في كتاب الله، ولذلك ينبغي لمريد إخراج الزكاة أن يرجع إلى أهل العلم الثقات للسؤال عمَّا يحتاج إلى معرفته لتقع صدقته موقع القَبُول فإنه ليس كل من تزيَّا بزي أهل العلم أو نال شهرةً بالمشيخة صار أهلًا للسؤال، وكم من أناسٍ راحوا يفتون بدفع الزكاة لغير الأصناف المذكورين في القرآن الكريم بدعوى أن قوله تعالى “وفي سبيل الله” شاملٌ لما يقولونه وأن هذا عنوان عريض يندرج تحته كذا وكذا مما يرون، وليس الأمر هكذا، والحقيقة كما نبهنا سابقًا ونكرر أن الخوض في تأويل آيات كتاب الله بغير علمٍ خَطِرٌ جدًا فعلى مريد السلامة أن يقف عند حدِّ الشرع ولا يدخلن في التأويل برأيه السقيم فإن شرع الله تعالى ليس ثوبًا يُحاك بمقاس فلانٍ أو فلان.

وقد سبق وأفتى يوسف القرضاوي بدفع أموال الزكاة لما يسمى عنده بالمراكز الإسلامية التي خَرَّجت الذئاب التكفيريين الذين استباحوا دماء وأعراض وأموال الناس وعاثوا في الأرض فسادًا كبيرًا. ويناسب جدًا بيان التفسير الصحيح للأصناف الثمانية ليتَّضح للناس حقيقة المعاني المرادة.

الأصناف الثمانية
نقول إنه لا يجوز ولا يصح دفع الزكاة لغير الأصناف الثمانية المذكورين في الآية أعلاه. وكلمة “الفقراء” جمع فقيرٍ وهو من لا نفقة على غيره واجبةٌ له ولا يجد شيئًا أو لا يجد إلا أقل من نصف كفايته كالذي يحتاج لعشرة ولا يجد إلا أربعة فأقل فمن كان مكتفيًا بنفقة ولده فليس بفقيرٍ لأن الولد يجب عليه أن ينفق على والديه الفقيرين.

وأما “المساكين” فالمسكين هو الذي له ما يسدُّ مسدًّا من حاجته فيجد نصف كفايته أو أكثر ولكن لا يجد كل الكفاية كمن يحتاج لعشرة فيجد خمسة أو تسعة، فالمسكين أرفع حالًا من الفقير ويُحتجُّ لهذا بقوله تعالى:

{أما السَّفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر} سورة الكهف، فلقد وصفهم بالمسكنة مع أن لهم سفينةً تُساوي مالًا، وهذا مذهب الشافعي.

أما الحنفية فقد ذهبوا إلى أن المسكين دون الفقير، فالفقير عندهم من له أدنى شىءٍ فاضلًا عن حاجاته الأصلية أما المسكين فمن لا شىء له ومن أدلتهم على ذلك قوله تعالى:

{أو مسكينًا ذا مَتْربة} سورة البلد. وهو المطروح على التراب لشدة حاجته، وأوّلوا قولَ الله تعالى في سورة الكهف:

{أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر} بأن ذلك إضافة تصرُّف لا إضافة ملك أي كانوا أُجَرَاء يتصرَّفون فيها وهذا كقوله تعالى {لا تدخلوا بيوت النبي} سورة الأحزاب، وقال تعالى في موضعٍ آخر {وَقَرْنَ في بيوتكن} سورة الأحزاب، فأضاف البيوت تارةً إلى النبي صلى الله عليه وسلم وتارةً إلى أزواجه لملازمتهنَّ لها وليست ملكًا لهن.

ويجوز في مذهب الحنفية أن يُعطي شخصٌ الزكاة لامرأةٍ فقيرةٍ ولو كانت مكتفيةً بنفقة زوجها ولكن لولا نفقة الزوج لاحتاجت لأن نفقة الزوج لا تخرجها من صفة الفقر.

وأما”العاملون عليها” فهم الذين نصبهم الخليفة أو السلطان لأخذ الزكوات من أصحاب الأموال ولم يجعل لهم أجرةً من بيت المال فإن جعل لهم أجرةً فلا يُعطون وقد سقط هذا السهم في زماننا فلا يدخل فيه الموظفون في نحو مؤسسة أو شركةٍ أو صندوق الزكاة.

وأما “المؤلفة قلوبهم” فهم من كان ضعيف النية في أهل الإسلام بأن يكون أسلم من قريبٍ وفي نفسه وحشة فيُعطى حتى تقوى نيته، أو كان شريفًا في قومه يُتوقَّع بإعطائه إسلام نُظرائه فهذا يدخل أيضًا في المؤلفة قلوبهم.

وأما “الرقاب” فهم الأرقاء المكاتَبُون كتابةً صحيحة أي تشارطوا مع مالكيهم على أن يدفعوا كذا من المال ليصيروا أحرارًا وهذا من سماحة الإسلام إذ فيه ترغيبٌ بالعتق والتحرير ولا رقاب في بلادنا اليوم.

وأما “الغارمون” فهم المدينون العاجزون عن ردِّ الدَّين وذلك كالذي استدان لنفسه وصرفه في غير معصية أو صرفه في معصيةٍ لكن تاب وظهرت علامات صدقه.

والمراد بقوله تعالى {وفي سبيل الله} الغزاة المتطوعون للجهاد في سبيل الله لإعلاء دينه تعالى ولا تُصرف لفظة في سبيل الله لمعنى آخر بغير قرينة والنصوص في ذلك كثيرة، فمن حملها على كل عملٍ خيري كما ظن بعض الناس فقد صرفها عمَّا تقتضيه اللغة لغير دليل فلا يصح.

ثم إن العطف بالواو كما هو معروف في علم العربية يفيد المغايرة، والله تعالى يقول {للفقرآء والمساكين والعاملين عليها} الآية فدل العطف بالواو على أن هذا الصنف غير الذي قبله وهذا الصنف غير الآخر وهكذا، والقول بأن {وفي سبيل الله} شامل لكل عملٍ خيري خلاف ما يقتضيه العطف بالواو إذ لو كان المراد هكذا فلماذا ذُكرت بقية الأصناف ولم يُكتف بكلمة “وفي سبيل الله” وكلُّ ذلك في سبيل الله.

وأي تأويلٍ لكتاب الله على خلاف اللغة العربية باطل لقوله تعالى: {بلسانٍ عربيٍ مبين} سورة الشعراء وغيرها من الآيات.

ومعلوم في نصوص القرآن والحديث أن “في سبيل الله” عند الإطلاق تنصرف إلى الجهاد.

وقد نقل القاضي أبو بكر بن العربي في “أحكام القرآن” عن الإمام مالك الإجماع على أن المراد بسبيل الله في الآية الغزو.

وأما المراد بكلمة “ابن السبيل” المسافر أو مريد السفر المحتاج بأن لم يكن معه ما يكفيه لسفره فيُعطى من الزكاة بشرط أن يكون سفره في غير معصيةٍ، فمن سافر لفعلٍ حرام لا يعطى من الزكاة فإن تاب من المعصية أُعطي ما يحتاجه لبقية سفره، وكذلك يدخل في ابن السبيل من كان غريبًا فنفد ماله فاحتاج إلى ما يرده لوطنه لأنه لم يجد مالًا ولو كان في بلده غنيًا لكن بَعُد مالُه عنه بسبب السفر فلم يتمكن منه فيُعطى ما يكفيه ليرجع إلى بلده.

هذا وللزكاة أحكامٌ وتفاصيل مهمَّة وما ذكرناه إنما هو اقتصارٌ على تعريف الأصناف الثمانية فحسب ولكن يتعلَّق بذلك مسائل أخرى يطول بيانها فعلى مريد السلامة أن يرجع فيما احتاج إليه إلى أهل العلم ليتأتى له العمل صحيحًا.
والحمد لله أولًا وآخرًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Here you can just take everything you need for efficient promotion and get the job done well. o’tishingiz Surprisingly, this is not the same as the circumstance with Mostbet. agar o’yinchi MostBet in Bangladesh offers a plethora of pre-match picks in over 20 different sports. o’yin boshlanishidan oldin This means you may use the mobile version to safely make deposits and withdrawals. dasturi