تعالوا إلى كلمة سواء… /بقلم الدكتور باسم عساف

تمر المنطقة العربية الوسطى ، والتي تُعنوَنُ بإسم (منطقة الشرق الأوسط) ضمن مفهوم إستعماري أطلق عليها بعد الحرب العالمية الأولى ، من ضمن تقسيمات المستعمرات للمحتلين أو المستغلين الإنكليز ، فكانت البلاد تقسم الى : شرق أدنى ، وشرق أوسط ، وشرق أقصى … نسبة الى موقع بريطانيا ومستعمراتها…
أما في التاريخ الحديث وتسمية الشرق الأوسط ، فتدخل ضمن المنظومة السياسية للمصالح الأميركية (وريثة الإنكليز ) ، ؛
حيث تتولى هي من بعد الحرب العالمية الثانية.. الإستعمار الجديد بالوسائل الحديثة ، إلكترونياً ..،
وبأسلحة الدمار الشامل ، عسكرياً .. ،
وبالشبكة العنكبوتية ، إعلامياً.. ،
وبشبكة التواصل ، إجتماعياً.. ،
وبصندوق النقد الدولي ، مالياً .. ،
وبمنظمة التجارة العالمية ، إقتصادياً.. ،
وبهيئة الأمم المتحدة والفيتو ، سياسياً .. ،
وبمجلس الأمن والأطلسي ، أمنياً …

وغيرها من المنظمات الدولية والسرية التي تتحكم بمفاصل توزيع الثروات المالية ، والمغانم ، والمواد الطبيعية : الأولية منها ، والنهائية…
أميركا اليوم … تقودها الإدارة السرية ، التي سيطرت على إتخاذ القرار الدولي والمحلي ، أكان مباشرة من أشخاص وقادة يهود منخرطون في الصهيونية العالمية وباتوا يحتلون مراكز هامة بالإدارة الأميركية …
أم من أشخاص وقادة ليسوا من اليهود… وإنما يعملون لصالحهم ، وهم منخرطون في المنظمات السرية ، الموصولة بالصهيونية ومخططاتها التوسعية والإستعمارية الجديدة…
لذا فإن المنطقة العربية الوسطى ( أي من المحيط الى الخليج) تخضع لعمليات خارطة الطريق..ولعمليات التغيير الذي بدأ مع إطلاق الربيع العربي ..ونشر الديموقراطية بمفهومها الغربي على الشرق الأوسط الجديد… وهو الذي وضع بأيدي الطباخين المهرة من الصهيونية العالمية لوضع وليمة جديدة يأكلون من خلالها الأخضر واليابس من غنائم المنطقة …
وكان لزاماً عليهم توزيع المكاسب من جديد كنتائج للحرب العالمية الثالثة ، القائمة على شعوب هذه المنطقة بشتى الوسائل والأسلحة العسكرية والمدنية مما ذكر آنفاً ، فشرعوا الى تقسيم الدول والأراضي الى كيانات ، وإلى تفتيت وتشريد الشعوب وفق المخطط التقسيمي الى كانتونات على أساس : عرقي وديني وطائفي ومذهبي …
حتى تكون الدويلة اليهودية (المسماة إسرائيل ) هي الأقوى من بينها، والمسيطرة على المنطقة …ومنها على العالم ككل برعاية الإدارة الأميركية ، ومعها كل الدول الكبرى المعنية بالفيتو على قرارات الأمم المتحدة …
من هنا ننطلق لنقول لكل المعنيين بقلوب مفتوحة للجميع أكانوا في المنطقة العربية الوسطى ، أم بالشرق الأوسط الجديد ، وخاصة لمن سار على دربه.. بمعاهدات الصلح ، أم بالأرض مقابل السلام ، أم بالتطبيع ، أم بالترسيم للحدود البرية والبحرية …
تعالوا الى كلمة سواء…
نستخلص منها العبر ، ونستلهم منها المصلحة العليا للأمة وشعوبها ، ونستشرف منها مستقبل الأجيال القادمة ، ونستوضح من خلال التشاور الأخوي الذي دامت عليه الأمة في تاريخها الناصع والأبيض ، ما كانت عليه من عزٍّ وإباءٍ وعلوِّ شأنٍ دوليٍ ومحلّيٍّ أمام كل الهجمات من المتربصين والحاقدين ، الذين كانوا يطمعون أيضاً بما يطمع به اليهود في أرضنا ومياهنا وسمائنا ، وما فيها من خيراتٍ ومنافعَ للشعوب قاطبةً…
فهل أن الأمر يرعى إهتماماً ممن يحمل المسؤولية في قيادة الأمة ودولها وشعوبها …وعلى كل المستويات وفي أي منصبٍ ومركزٍ يمثل من خلاله مَن يتكلم بإسمهم ومن كُلِّ الفئآت القومية والدينية والطائفية والمذهبية…
وليكن المثلُ الأَولى بذلك ، ما تشهده الساحة اللبنانية من تجاذبات ومناكفات تتعدى حدود العلاقات الأخوية أو الوحدةالوطنية ، أو التعايش المشترك ، وتنعكس جميعها لتصب في صالح المخطط التقسيمي للمنطقة ، والذي يقضي بالنهاية على الجميع دون إستثناء…على ذكر المَثلِ القائل (أٌكِلت يوم أُكِل الثور الأبيض )..
إن ما يدور على الساحة اللبنانية…هو نفسه الذي يتمحور على الساحة العربية أو الشرق أوسطية في مشاهد مختلفة ومسائل متنوعة …ولكنها متساوية في مصب خارطة الطريق …والكل في الهوى سوى ..أو :(وكلٌ في فلكٍ يسبحون ) …
– ماذا ينفع التقاتل وإستخدام الأسلحة الثقيلة للتدمير بين أبناء الصف الواحد ؟؟؟؟
– ماذا يفيدنا أن نتبادل التهم والفضائح ، في ظل الهجمة الشرسةعلى مصالح الأمة وشعوبها …؟؟؟
– لماذا تنبش المساوئ والأزمات وتتكاثر التهم ووضع الغيتو على الآخرين ، في الوقت الأحوج للتضامن والترابط في وجه الأعداء المتربصين..؟؟؟
– من هو المستفيد من التشرذم والتباعد والتباغض الفتنوي ، في هذه الظروف الحرجة وهذه الضغوط الكابسة على رؤوس الجميع..؟؟؟
– ما الفائدة من التجريح والتهديد وإطلاق النعوت المسيئة للأخوة أو من جلدتنا أمام أعدائنا والكاسرين علينا …؟؟؟
– من يستفيد من تأجيج الصراع الإقليمي ويمعن بالقتل والتدمير وتقسيم البلاد والعباد ، بحجج واهية ، وأسباب غابرة لاهية..؟؟؟؟
– ماذا لو وضع كل مسؤول المصلحة العامة ، والمسؤولية العليا ، والواجب الأخوي والوطني أمام كل هذه الحبائل التي تدور حولنا ، وتدبر المكائد لوقوعنا بأفخاخها ، تنفيذاً لمآربهم ومشاربهم اللئيمة ، وفعلهم الجريمة ، لشمولنا بالسقيمة ، التي تتصدر فيها الغيبة والنميمة ، لنفقد معها صفاتنا وسمعتنا الكريمة …
تعالوا الى كلمة سواء … لقد جاءت بالقرآن الكريم للمتخاصمين الأعداء…فكيف إذا أطلقناها للأخوة الأصدقاء… أو الى الأخوة والأشقاء…
قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين … ولن تسلموا منها الى يوم الدين …حين تخدموا مصالح الأعداء المستبدين … وهم ليسوا إلا مستغلين … ولأراضي المنطقة محتلين… فيكفينا موعظة في فلسطين… وتدنيسهم مقدسات النصارى والمسلمين…
وهذا نداء الى كل المسؤولين… وخاصة منهم المتخاصمين …
اللهم إني قد بلغت…اللهم فإشهد ..اللهم آمين…

الإعلامي الدكتور باسم عساف…