كيلوباترا أكبر عاشقة عرفها التاريخ / بقلم: عبد الهادي محيسن/الشراع

مجلة الشراع 18 تشرين أول 2021

ملكة مصر وساحرة النيل توفيت لإكثر من ألفي عام ولكن شهرتها لم تزل تلمع وهّاجة عبر الأجيال الطويلة المظلمة ، انتحرت هذه الملكة المصرية وهي في التاسعة والثلاثين من عمرها إلا أنها في حياتها القصيرة الصاخبة ، سيطرت على مشاعر رجلين من أعظم الرجال في التاريخ البشري ، وأحبت قائدين عسكريين من أبرز القادة هما يوليوس قيصر ومارك أنطونيو .

قال عنها الكاتب باسكال الذي عاش بين سنة 1623 وسنة 1662 في كتابه الخواطر : ” لوكان أنف كيلوباترا أقصر مما كان عليه لكان غير وجه العالم ” …. فتح يوليوس قيصر معظم البلدان التي كانت معروفة آنذاك واحتلها إحتلالا تاما ، سوى أن حسناء وادي النيل استطاعت أن تتغلب عليه وتحتل فؤاده بسهولة وسرعة .

كان القيصر الروماني زير نساء ، يفخر بأنه خبير ببنات حواء وبأنه من سلالة عشتروت إلاهة الحب ، وعندما بدأت علاقتهما الغرامية كان في الرابعة والخمسين من عمره ، وأخبرته أن أخاها يريد الفتك بها فما كان منه إلا أن مشى بجحافله الرومانية الجرارة لمحاربة الجيش المصري ، فإنتصر عليه وظل يطارد الأخ حتى اضطره الى الموت غرقا في النيل عندئذ أصبحت كيلو باترا ملكة مصر من غير منازع وسيدة بلاد الفراعنة .

وأنجبت كيلوباتره ليوليوس قيصر طفلا ذكرا ، وهو الإبن الوحيد الذي رُزقه قيصر طوال حياته ، ولما كان قيصر متزوجا وكانت زوجته في روما فلم يكن في الإمكان اقترانه بكيلوباتره ، ولكي تخنق كيلوباتره الفضيحة في المهد ، وتجعل طفلها إبنا شرعيا أمرت الكهنة بأن يعلنوا أن يوليوس قيصر ليس إنسانا بل إله .

فهو الإله آمون إله الشمس ، وقد عاد الى الأرض في جسد قيصر ليهب الملكة ولدا ، وأعلن ذلك فصدقه الشعب المصري على علاته ، ولم يمض وقت طويل على ذلك حتى توفي قيصر وخلفه القائد مارك أنطونيو ، وأصبح أقوى رجل في الأمبراطورية الرومانية وأسكرته خمرة  النصر ونشوته ، وقاد جيوشه الجرارة الى الشرق وبلغ من هيام أنطونيو بكيلوباتره أنه أهداها ساحل فينيقيا بكامله .

وأتبعه بمقاطعة أريحا وجزيرتي قبرص وتكريت ، ولم يتورع أن يهديها آسيا بأسرها ، مما أقام روما وأقعدها ورأى الرومان أن لا مفر من القتال للتخلص من هذه الحالة ، وأعلنت الحرب ودارت الدائرة على أنطونيو وكيلوباتره اللذين تحطمت سفنهما وتشتت جيوشهما أيدي سبأ ، وعرفا أن تلك نهايتهما فطعن أنطونيو نفسه طعنة مميتة ولفظ أنفاسه الأخيرة في أحضان كيلوباتره .

أما كيلوباتره فخشيت أن تقاد الى روما مقيدة بالسلاسل ليطاف بها في الشوارع وتصبح هدفا للهزء والسخرية ، فانتحرت بالسم دون أن تعرف الطريقة التي لجات إليها لإدخال السم الى جسدها ، فالذين رؤوها بعد موتها بعشرين دقيقة مختلفون في ذلك فمنهم من يقدر أنها عضت نفسها ثم أفرغت في الجرح سم أفعى .

ومنهم من يجزم بأنها طلبت أن تُحمل إليها أفعى داخل سلة مملوءة زهورا ، وأنها جعلت هذه الأفعى تلسعها في صدرها ، وكيلو باترا ومارك أنطونيو يرقدان اليوم جنبا الى جنب في مكان ما من أرض مصر ، وقد جرى الإنتحار في الثلاثين من آب من سنة 30 قبل الميلاد .

عبد الهادي محيسن …. كاتب وباحث

 

مجلة الشراع