من اوراق حسن صبرا / المقاومة بين جورج حاوي وعمر حرب/الشراع

مجلة الشراع 17 أيلول 2021
في السابع عشر من ايلول / سبتمبر 1982 ركبت وعائلتي سيارة الوزير السابق المرحوم د نجيب ابي حيدر عبر بصفته كطبيب وكوزير سابق وكشخصية مسيحية حواجز الجيش اللبناني والقوات اللبنانية والعدو الصهيوني ليخرجنا من بيروت الى الجبل فالبقاع الى دمشق
مررنا على مقربة من مخيم صبرا نحو طرقات الضاحية الجنوبية لبيروت.
كانت روائح الدماء المسالة من اجساد الفلسطينيين واللبنانيين تنبعث من المخيم ومن شاتيلا والداعوق ، وكانت معلوماتنا عن المجزرة التي ارتكبها العدو الصهيوني بعد الاجتياح واغتيال رئيس الجمهورية المنتخب بشير الجميل يوم14/9/1982 قليلة .. وكنا قبل ايام قليلة نراقب زحف اهالي من المخيمات الفلسطينية ومنطقة الطريق الجديدة في بيروت الى دار الزعيم صائب سلام في المصيطبة تطلب الحماية من هجمات العدو الصهيوني وقوات سعد حداد القادمة من الجنوب ..
هذه الوقائع التي تثير الرعب في النفوس خصوصاً بعد سيطرة العدو الصهيوني على العاصمة العربية الثانية بيروت بعد القدس دفعتنا لقبول مغادرتها الى دمشق يومها.
لكننا لا يمكن ان نترك ما حصل في بيروت مع تدنيسها من هذا العدو من دون ان نبرز بعض الوقائع التي تجعلنا نشعر بالفخر والكرامة كلما استحضرناها من الذاكرة :
١- كنت مع الاخ عمر حرب في غرفة عمليات الاتحاد الاشتراكي العربي العسكرية في مقر التنظيم الرئيسي في المصيطبة الذي استولى عليه عبد الرحيم مراد بعد ذلك … وطلبه احمد جبريل من دمشق على جهاز خاص يزايد عليه في الصمود ومواجهة العدو الصهيوني ويطالبه ان يخترق الجدران من هنا ومن هناك … وكنت ابتسم واسخر من تحريض لا مزايدات احمد جبريل حتى طلب جبريل من عمر حرب ان يرفع صوته لأنه بالكاد يسمعه … فإذا بعمر يرد على جبريل بصوت هامس حمل كل السخرية قائلاً : يا اخ ابو جهاد انا لااستطيع ان ارفع صوتي حتى لايسمعني الصهاينة فهم على بعد عدة امتار مني!!
كان جبريل الموجود في دمشق يحرض عمر حرب على الصمود وجنود العدو على مرمى حجر منه
٢-اطلعني الاخ عمر ابو حسين على رسالة من الكولونيل الصهيوني ايخمان يقول له فيها انك انت الموقع الوحيد الذي ما زال يقاتل في كل بيروت وان عليك ان تستسلم( نشرت صورة عن هذه الرسالة في كتابي عن الاجتياح الذي اصدرته الشراع تحت عنوان: بيروت – احتلال عاصمة عربية)
٣- ما ان اخلى عمر حرب الموقع الصامد حتى اللحظة الاخيرة واحتله الجيش الصهيوني حتى هجم اهالي في حي اللحى القريب من المقر عليه ليحملوا كل ما في داخله تحت سمع وبصر العدو الصهيوني.
٤-لم يغادر عمر حرب بيروت الا بعد خوضه وشباب الاتحاد الاشتراكي العربي اشرف معارك لبنان وبيروت عند جسر سليم سلام وفي نفقه حيث تم تدمير عدة آليات للعدو الصهيوني وايضاً نشرنا صوراً للآليات المحروقة في كتابنا نفسه.
الاهم هو قيام شباب من الاتحاد بقيادة محمود غنيم ومعه المرحوم محمد غندورة وكان يعمل معي بنسف راجمة طلب عمر حرب وضعها في منتصف نفق سليم سلام وانتظار وصول رتل من دبابات العدو اليها فلما تم النسف انهار قسم من الجسر وسقطت احدى دباباته على ظهرها
هنا نكشف ان العدو الصهيوني تحدث عن انه انهى احتلال بيروت من دون اية خسائر ونحن نشرنا في كتاب ؛ بيروت – احتلال عاصمة عربية صوراً لآكثر من سبع آليات العدو محترقة فوق جسر سلام وفي نفقه .
ماذا حصل في دمشق!
—————————–
كنا في فندق شيراتون عندما جاءنا امين عام الحزب الشيوعي اللبناني جورج حاوي رحمه الله ليقول لنا ؛
انتم في الاتحاد الاشتراكي العربي القوة اللبنانية الاساسية التي قاتلت العدو الصهيوني خلال حصاره بيروت وبعد احتلالها ، ونحن في الحزب الشيوعي اللبناني والرفاق في منظمة العمل الشيوعي قررنا انشاء جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ( التي عرفت بإسم جمول مختصرة التسمية الطويلة ) وبدأنا عمليات عسكرية لم نعلن عنها حتى الآن .. وانتم لديكم كوادركم العسكرية في الجنوب المحتل واقترح عليكم ان تكونوا جزءاً من هذه الجبهة التي ستأخذ على عاتقها مقاومة العدو وعدم السماح له بالاستقرار .
في هذا الوقت تبلغت من الاخ عمر حرب ان مجموعات من شباب الاتحاد الاشتراكي العربي في منطقة صور تقوم بعمليات عسكرية  ضد العدو وتنطلق من بساتين الحمضيات التي كانت تحيط بالمدينة المحتلة وكان منهم عدنان الراعي ( رجل اعمال الآن في احدى دول افريقيا )
واخبرني عمر حرب ان المناضل حسين حمدان وكان ابرز قياديي حزب العمل الاشتراكي العربي كان يقود مجموعات مقاومة ضد العدو في الجنوب وانه كان ينسق مع شباب الاتحاد في عمليات مقاومة ضد العدو
ولكل الشرف والفخر فإن هذا القيادي البطل حسين حمدان انصرف بعد دوره المقاوم ليعمل سائق اجرة كي يصرف على نفسه وعائلته!

مجلة الشراع