اخبار لبنان

رئيس الجمهورية ترأس لقاء وطنيا ماليا وتوافق على ضرورة التخفيف من قلق المواطنين وانجاح الخطة وارتضاء التضحيات الأقل حدة من تداعيات انهيار شامل

اكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان “الإنقاذ الذي نسعى إليه ليس مسؤولية طرف واحد، أو جهة سياسية واحدة، أو سلطة واحدة؛ فالخروج من النفق المظلم الذي نعبر فيه، هو مسؤولية الجميع”، مشيرا الى ان “الوهن الكبير والخطير الذي اصاب بنية وطننا الاقتصادية والمالية والنقدية والاجتماعية يفرض علينا أقصى درجات الشفافية وأيضا أقصى درجات الاتحاد”، مشددا على أن “أحوج ما نكون إليه في أيامنا هذه هو تجاوز تصفية الحسابات والرهانات السياسية فنتحد للتغلب على أزمتنا المستفحلة وتغطية الخسائر المحققة في قطاعاتنا كافة، العامة والخاصة”.

ورأى الرئيس عون ان “خطة التعافي المالي التي وضعتها الحكومة، وهي خطة إنقاذية، واكبها طلب المؤازرة من صندوق النقد الدولي، وهو الممر الإلزامي للتعافي إن أحسنا التفاوض والتزمنا جميعنا المسار الإصلاحي الذي ينشده شعبنا أولا بأول من دون أي إملاء أو وصاية أو ولاية، فنضع حدأ لاستنفاد الاحتياطات الخارجية ونحمي أموال المودعين ونحاول بجد وتصميم احتواء عجز الموازنة ومعالجة تدني المستوى المعيشي للمواطنين اللبنانيين، لاسيما الأقل مناعة منهم والذين سدت في وجههم أساليب العيش الكريم”.

واعتبر رئيس الجمهورية ان “الخطة تهدف إلى تصحيح الاختلالات البنيوية في الاقتصاد والمال، وإلى تأمين شبكات الأمان الاجتماعية والمساعدة المباشرة لمن هم أكثر حاجة، وإلى استعادة الثقة بنظامنا الاقتصادي والمالي، كما تهدف إلى خفض الدين العام بشكل يقي لبنان المخاطر المستقبلية، ووضع المالية العامة على مسار مستدام، وتحقيق الشفافية من خلال التدقيق المالي، وإلى كشف الخسائر المتراكمة في مصرف لبنان وتصحيحها، وإلى إعادة الاعتبار إلى التسليفات للقطاعات الإنتاجية”.

وإذ اشار الى ان “الخطة لم تدرس بفكر سياسي، بل بفكر اقتصادي”، رأى “انه يبقى علينا البدء بإجراءات تنفيذية فورية تعيد الثقة بالدولة وبالقطاع المصرفي على الصعيدين الداخلي والخارجي، واعتماد خطوات تطبيقية سريعة وضرورية”، مشيرا الى ان “الهدف هو ان نتمكن من استعادة دور لبنان: واحة من الليبرالية الاقتصادية المسؤولة وغير المتوحشة، في ظل سيادة القانون ومنطق المحاسبة والشفافية والعدالة الاجتماعية والإنماء المتوازن والإصلاح المستدام”.

كلام رئيس الجمهورية جاء في خلال ترؤسه، قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا، اللقاء الوطني المالي لعرض خطة التعافي الوطني التي اقرتها الحكومة.

رئيس الحكومة
من جهته، اعتبر رئيس الحكومة الدكتور حسان دياب في كلمته “اننا وصلنا إلى اللحظة التي صار لزاما علينا فيها أن نبدأ بإصلاح الأضرار التي وقعت في البنية المالية والاقتصادية للبلد”، مشيرا ايضا الى انه “لا مجال للمزايدات اليوم، ولا مكان لتصفية الحسابات ولا يفترض فتح الدفاتر القديمة في السياسة”.

واعتبر الرئيس دياب ان “اللبنانيين أمسكوا زمام المبادرة، وهم أصبحوا شركاء في القرار، ويضغطون للمحاسبة، بل ويحاسبون على كل صغيرة وكبيرة”، مشيرا “اننا اليوم لدينا مسؤولية وطنية، إما أن نكون عند مستوى هذه المسؤولية، أو أن الشعب اللبناني سيحاسب كل الذين تقاعسوا أو أداروا ظهرهم”.

وإذ اشار الى ان “ما تطرحه الحكومة في هذه الخطة ليس كتابا منزلا، وهو قابل للتطوير”، اكد “أنها ليست ملكا لحكومة أو حكم، وإنما هي برنامج عمل للدولة هدفه عبور لبنان مرحلة صعبة، وإعادة التوازن في المسار المالي”، داعيا “كل القوى السياسية والكتل النيابية والأحزاب والهيئات والفاعليات والهيئات الاقتصادية والمصارف إلى “التوقف عن السجالات والتخلص من الأوهام المصلحية التي لا تدوم وإلى وقفة مع الذات”، متسائلا: “ماذا تنفع كل هذه الاختلافات وكل هذه الحساسيات وكل الحسابات والمصالح إذا انهار لبنان لا سمح الله؟”.

وقال: “أدعوكم إلى شراكة وطنية في ورشة الإنقاذ، من دون أحكام مسبقة، ومن دون غايات، ومن دون خلفيات مبطنة. هذا اللبنان لنا جميعا، فإما أن يرتقي الجميع إلى مستوى حماية هذا الوطن أو أن الخسارة ستقع على الجميع”.

وكان اللقاء عقد عند الحادية عشرة قبل ظهر اليوم، في حضور كل من: رئيسي مجلسي النواب نبيه بري والوزراء الدكتور حسان دياب، رئيس “كتلة ضمانة الجبل” النائب طلال أرسلان، رئيس “الكتلة القومية الاجتماعية” النائب أسعد حردان، رئيس “كتلة لبنان القوي” النائب جبران باسيل، ممثل “كتلة اللقاء التشاوري” النائب فيصل كرامي، رئيس “كتلة نواب الأرمن” النائب أغوب بقرادونيان، رئيس “كتلة الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد ورئيس “كتلة الجمهورية القوية” الدكتور سمير جعجع.

وشارك في اللقاء كل من: وزيري المالية العامة غازي وزني والاقتصاد والتجارة راوول نعمة، الوزير السابق سليم جريصاتي، المدير العام لرئاسة الجمهورية الدكتور انطوان شقير، المدير العام لوزارة المالية آلان بيفاني، المستشار الاعلامي في رئاسة الجمهورية الاستاذ رفيق شلالا، مستشار الشؤون المالية في الرئاسة الدكتور شربل قرداحي ومستشار رئيس الحكومة للشؤون المالية جورج شلهوب.

وكانت الجلسة افتتحت بكلمة للرئيس عون، تلتها كلمة لرئيس مجلس الوزراء، بعدها كلمة لوزير المالية، وشهدت بعدها مناقشات وطرح للآراء حول البنود التي تتألف منها الخطة.

رئيس الجمهورية
وفي ما يلي نص كلمة الرئيس عون: “أيها الحضور الكريم، أهلا وسهلا بكم في القصر الجمهوري. هذا اللقاء ليس الأول من نوعه، بل سبق ودعوت إلى لقاءات مماثلة، عندما واجهتنا قضايا وتحديات أساسية، احتاجت مقاربتها إلى توافق وطني. وهل من مراحل وحقبات عاشها لبنان أشد إلحاحا وحاجة إلى مثل هذا التوافق، كما هي الحال اليوم؟

ليس الإنقاذ الذي نسعى إليه مسؤولية طرف واحد، أو جهة سياسية واحدة، أو سلطة واحدة؛ فالخروج من النفق المظلم الذي نعبر فيه، هو مسؤولية الجميع.

أقول هذا الكلام بداية لأن الوهن الكبير والخطير الذي اصاب بنية وطننا الاقتصادية والمالية والنقدية والاجتماعية يفرض علينا أقصى درجات الشفافية وأيضا أقصى درجات الاتحاد، في ظل أزمة نزوح طالت من دون أفق وتفاقمت تداعياتها على المستويات كافة، وفيروس “كورونا” استجد وزاد من انسداد شرايين اقتصادنا ونمونا العليل، وانكماش اقتصادي قاس، وتراجع الطلب الداخلي والاستيراد، كما التصنيع وتصدير المواد والخدمات، ونقص حاد في العملات الأجنبية المتداولة، وارتفاع مخيف لمعدلات البطالة والفقر، وارتفاع متفلت من أي ضابط لأسعار السلع على أنواعها، وتهاوي سعر صرف عملتنا الوطنية، وتراجع الإيرادات الضريبية وانحسار ضماناتنا الاجتماعية.

الأزمة المعقدة هذه ليست وليدة اللحظة، وهي نتاج تراكمات متتالية في الزمن، وسياسات وممارسات خاطئة اعتمدت اقتصاد الريع وأغفلت اقتصاد الإنتاج، كما حذرنا منه في 48 موقف علني منذ تولي سدة الرئاسة، كما فضلت الربح السريع على الربح المألوف ولكن الدائم، والذي يأتي من قطاعات الإنتاج والخدمات والمعرفة. لا بد أن نضيف إلى عامل سوء إدارة شؤوننا العامة عوامل أخرى فاقمت حالتنا المرضية، كتغير المحيط من حولنا، وتأثير الحروب المتنقلة في منطقتنا، فضلا عن أزماتنا الوطنية الناجمة عن تبعثر قرارنا السياسي التوافقي في مفاصل واستحقاقات مهمة من حياتنا العامة.
نحن نشخص كي نستخلص العبر والعلاجات، ذلك أن أحوج ما نكون إليه في أيامنا هذه هو تجاوز تصفية الحسابات والرهانات السياسية فنتحد للتغلب على أزمتنا المستفحلة وتغطية الخسائر المحققة في قطاعاتنا كافة، العامة والخاصة.

أيها الحضور الكريم، في اجتماع سابق في الثاني من أيلول 2019 في القصر الجمهوري، قررنا إعلان حالة طوارئ اقتصادية ووضع إطار مالي متوسط المدى لمعالجة ما تعاني منه ماليتنا العامة، والإسراع في إطلاق المشاريع الاستثمارية المقررة ضمن إطار مؤتمر CEDRE، والتوافق على تقرير “ماكينزي” ورسم خريطة طريق لتنفيذ التوصيات القطاعية الواردة فيه.

وفي حين كنا نأمل أن يساهم ما اتفقنا عليه حينها بتفادي حصول أزمة حادة في ميزان المدفوعات، أو على صعيد سعر صرف الليرة اللبنانية أو تمويل ماليتنا العامة، وبالتالي تحفيز الإنتاج وتزخيم الحيوية في القطاعات الاقتصادية كافة، تلاحقت الأزمات والانتكاسات منذ تشرين الأول 2019، بعد أن توقفت المصارف عن تلبية طلبات مودعيها في تموز 2019، ودخلنا مرحلة شديدة التقلبات، فأصبحت المعالجات أكثر إلحاحا.

من هنا أتت خطة التعافي المالي التي وضعتها الحكومة وفقا لصلاحيتها المنصوص عنها في المادة 65 من الدستور، وهي خطة إنقاذية واكبها طلب المؤازرة من صندوق النقد الدولي، وهو الممر الإلزامي للتعافي إن أحسنا التفاوض والتزمنا جميعنا المسار الإصلاحي الذي ينشده شعبنا أولا بأول من دون أي إملاء أو وصاية أو ولاية، فنضع حدأ لاستنفاد الاحتياطات الخارجية ونحمي أموال المودعين ونحاول بجد وتصميم احتواء عجز الموازنة ومعالجة تدني المستوى المعيشي للمواطنين اللبنانيين، لاسيما الأقل مناعة منهم والذين سدت في وجههم أساليب العيش الكريم.

بالإضافة إلى الإصلاحات الهيكلية والتي سعت إلى قسم منها الحكومات المتعاقبة، تهدف الخطة إلى تصحيح الاختلالات البنيوية في الاقتصاد والمال، وإلى تأمين شبكات الأمان الاجتماعية والمساعدة المباشرة لمن هم أكثر حاجة، وإلى استعادة الثقة بنظامنا الاقتصادي والمالي، كما تهدف إلى خفض الدين العام بشكل يقي لبنان المخاطر المستقبلية، ووضع المالية العامة على مسار مستدام، وتحقيق الشفافية من خلال التدقيق المالي، وإلى كشف الخسائر المتراكمة في مصرف لبنان وتصحيحها، وإلى إعادة الاعتبار إلى التسليفات للقطاعات الإنتاجية.

كما ترمي إلى تطبيق تدابير إصلاحية لتعزيز النمو وزيادة الإنتاجية، بالإضافة إلى تصحيح ميزان المدفوعات وتحسين القدرة التنافسية للاقتصاد، بالتوازي مع إصلاح مالي يركز على استئصال الفساد وتحسين الامتثال الضريبي وضبط الهدر وحسن إدارة القطاع العام.

كذلك تسعى الخطة، في كل مراحلها، إلى تجنيب الفئات الأقل مناعة من شعبنا تداعيات الأزمة وإلى تعزيز شبكات الأمان الاجتماعي، من ضمان وصحة وتربية وغيرها من الحاجات الحيوية.

لذلك، وبالإضافة إلى الدعم المالي الخارجي المطلوب، فإن نجاح الخطة وارتضاء التضحيات التي تستلزم، والتي تبقى، على صعوبتها، أقل حدة من تداعيات انهيار اقتصادي ومالي شامل، إنما يتطلبان اتحادا وطنيا ووعيا عميقا لما يهدد وجودنا وكياننا وهوية لبنان. وهي، وإن حددت الأهداف، فيبقى علينا البدء بإجراءات تنفيذية فورية تعيد الثقة بالدولة وبالقطاع المصرفي على الصعيدين الداخلي والخارجي، واعتماد خطوات تطبيقية سريعة وضرورية.

أيها الحضور الكريم،
إن هذه الخطة لم تدرس بفكر سياسي، بل بفكر اقتصادي. لذلك، أدعوكم كقيادات سياسية تتمتع بتمثيل شعبي أوصلها إلى الندوة البرلمانية، إلى مقاربتها من هذا المنطلق لعلنا نتمكن من استعادة دور لبنان: واحة من الليبرالية الاقتصادية المسؤولة وغير المتوحشة، في ظل سيادة القانون ومنطق المحاسبة والشفافية والعدالة الاجتماعية والإنماء المتوازن والإصلاح المستدام.

وفقنا الله جميعا في مسعانا واتحادنا لما فيه خير وطننا وشعبنا.
عشتم وعاش لبنان”.

رئيس الحكومة
بعد ذلك، القى الرئيس دياب كلمة جاء فيها: “لطالما كان الحوار هو الوسيلة الأسلم لتفكيك المشكلات، ولإزالة الالتباسات، وتعبيد الطرقات وفتح الجسور. أما عندما تكون هناك قضايا وطنية، فإن الحوار يصبح ضروريا لتوحيد الرؤية وتمتين الصفوف في مواجهة التحديات الوطنية.

نحن اليوم نعبر نفقا طويلا، يمكننا بالحوار أن نجعله مضيئا، فيخفف عن اللبنانيين ظلام الظروف الصعبة التي يعيشونها. ويمكننا أن نلعن العتمة، لكن شيئا لن يتغير في معاناة اللبنانيين.

لقد خاضت الحكومة في ثلاثة أشهر، تحديات كبيرة وضخمة، لكنها كانت مصرة على معالجة الواقع المالي والاقتصادي، خصوصا في ظل واقع ضاغط على كل المستويات. فاللبنانيون صاروا عاجزين عن الحصول على أموالهم في المصارف، في حين تمكن محظيون من تحويل أموالهم إلى الخارج، بينما كان سقف الدين العام قد بلغ مستوى لا يمكن للدولة أن تستمر بالتعامل معه بمنطق التأجيل وقذف المشكلة إلى الأمام. لقد كنا أمام مفترق طريق حاسم، وقررنا التصدي لهذه المعضلة المالية وعدم تأجيلها. ثم جاء وباء كورونا ليزيد الضغوط على الواقع الداخلي، وفي ظل قدرات محدودة جدا للدولة.

مع ذلك، تجاوزنا هذا التحدي، وأستطيع القول أن الحكومة نجحت في تأمين الهبوط الآمن بأقل الأضرار.

اليوم، وصلنا إلى اللحظة التي صار لزاما علينا فيها أن نبدأ بإصلاح الأضرار التي وقعت في البنية المالية والاقتصادية للبلد. وهي أضرار كبيرة وبنيوية ومتجذرة، تحتاج معالجتها إلى زخم وطني يخفف قوة الآلام التي بدأ اللبنانيون يشعرون بها. لا مجال للمزايدات اليوم. ولا مكان لتصفية الحسابات. ولا يفترض فتح الدفاتر القديمة في السياسة.

اليوم نحن هنا، في هذا الواقع المظلم، سيكون تبادل الاتهامات مكلفا للجميع، وعلى وجه الخصوص للبنانيين الذين ينتظرون من قياداتهم السياسية أن تتحمل مسؤولياتها، ويطالبون الحكومة بوضع خطة لإخراجهم من هذا النفق. الوقت ضيق، واللبنانيون يراقبون كل خطوة.
لم يعد اللبنانيون يتفاعلون مع الأحداث فقط، بل أصبحوا هم الذين يصنعون الحدث. أمسك اللبنانيون زمام المبادرة، وهم أصبحوا شركاء في القرار، ويضغطون للمحاسبة، بل ويحاسبون على كل صغيرة وكبيرة.

نحن اليوم لدينا مسؤولية وطنية، إما أن نكون عند مستوى هذه المسؤولية، أو أن الشعب اللبناني سيحاسب كل الذين تقاعسوا أو أداروا ظهرهم.

في كل الأحوال، الحكومة وضعت رؤيتها للإصلاح المالي والاقتصادي، وهذه الرؤية ستشكل فرصة للتفاوض مع الدائنين، وكذلك للحوار مع صندوق النقد الدولي. ما نطرحه في هذه الخطة ليس كتابا منزلا، وهو قابل للتطوير، وقد أطلقنا حوارا شمل مختلف شرائح الشعب اللبناني، وأخذنا بالعديد من الملاحظات التي سمعناها.

اليوم نعرض هذه الخطة أمامكم، لأن هذه الخطة ليست ملكا لحكومة أو حكم، وإنما هي برنامج عمل للدولة هدفه عبور لبنان مرحلة صعبة، وإعادة التوازن في المسار المالي.

أيها السادة،
لقد تجاوز اللبنانيون، عبر التاريخ، كثيرا من الأزمات الوطنية والكيانية والوجودية. واليوم، يتطلعون إلى الخروج من هذه الأزمة، بمعزل عن الاختلافات السياسية، وبرفض منطق السلبية في التعامل مع أي خطة إنقاذية. لا يجوز إدارة الظهر لحوار منطقي وعقلاني وموضوعي تحت عنوان إصلاحي إنقاذي.

نحن محكومون بالتعامل مع الظروف بمنطق إيجابي منفتح، وبتآلف وطني، وبتعاون مخلص بين جميع القوى السياسية والنيابية، وبالتفاعل مع اللبنانيين الذين لن يغفروا لأحد تقاعسه عن المشاركة الفاعلة في إنقاذهم من براثن الأزمة الحادة التي تعصف بالبلد، وتهدد لقمة عيش اللبنانيين.

أتوجه اليوم بنداء، إلى كل القوى السياسية، إلى الكتل النيابية والأحزاب والهيئات، إلى الفاعليات، إلى الهيئات الاقتصادية، إلى المصارف…

أدعوكم بصدق وإخلاص، إلى التوقف عن السجالات، وإلى التخلص من الأوهام المصلحية التي لا تدوم، وإلى وقفة مع الذات: ماذا تنفع كل هذه الاختلافات، وكل هذه الحساسيات، وكل الحسابات والمصالح، إذا انهار لبنان لا سمح الله؟

أدعوكم إلى وعي خطورة المرحلة، وإلى إدراك حجم معاناة اللبنانيين، وإلى تقدير الظروف الصعبة التي يمر بها البلد. ماذا تنفع الطموحات السياسية والشخصية والتسابق والتنافس على السلطة والحكم إذا سقط هيكل الدولة؟

أدعوكم إلى تدعيم أعمدة الدولة، لحماية البلد، وتخفيف الأعباء على اللبنانيين. من حق اللبنانيين أن يقلقوا على مستقبل البلد، ومستقبلهم، ومستقبل أبنائهم.

أدعوكم إلى شراكة وطنية في ورشة الإنقاذ، من دون أحكام مسبقة، ومن دون غايات، ومن دون خلفيات مبطنة.

هذا اللبنان لنا جميعا، فإما أن يرتقي الجميع إلى مستوى حماية هذا الوطن، أو أن الخسارة ستقع على الجميع.

أيها السادة،
الوقت ثمين جدا، والخسائر المتراكمة كبيرة جدا، والواقع مؤلم جدا… وفرصة الاستدراك لن تنتظر طويلا. اللهم فاشهد أني قد بلغت. عشتم وعاش لبنان”.

وزير المالية
ثم القى الوزير وزني كلمة، عرض فيها مختلف اقسام خطة التعافي. وجاء في كلمته: “اليوم هو يوم حوار وطني للكلام على خطة التعافي المالية وهو يوم تاريخي للبنان، لأن السنوات القادمة هي التي ستحدد مصير مستقبل لبنان الاقتصادي. لقد أقرت الحكومة خطة التعافي المالية الشاملة لمدى خمس سنوات (2020-2025) في جلستها في 30 نيسان 2020 لمواجهة أزمات متعددة إقتصادية ومالية ونقدية واجتماعية غير مسبوقة تظهر من خلال المؤشرات التالية:

– إنكماش اقتصادي يقارب 13%
– تفاقم معدل التضخم ليصل الى اكثر من 50%
– تدهور كبير لسعر صرف الليرة
– شلل تام في القطاع المصرفي
– تزايد كبير في معدلات الفقر ليتجاوز 45% من المواطنين وفي البطالة ليفوق 35%
– عجز مرتفع في المالية العامة ودين مرتفع غير مستدام.

وتعتبر الخطة مخرجا للأزمة، إصلاحية، شفافة، ذات مصداقية، تقدم لأول مرة ارقاما واضحة عن الخسائر المتراكمة وخاصة في القطاع المالي مع تحديد دقيق لتوزيعها ومسبباتها. وتهدف الى استعادة الثقة، رفع النمو الاقتصادي، تعزيز نظام مالي صحي وتحقيق استدامة المالية العامة في لبنان. وتقوم الخطة على تسعة ركائز ابرزها:
1- في سياسة سعر الصرف والسياسة النقدية : تعتمد الخطة سياسة سعر الصرف المرن في المرحلة المقبلة بشكل متدرج ومدروس.

فإن تحرير سعر صرف الليرة قبل استعادة الثقة، وتحصين المناخ الاقتصادي والمالي والحصول على الدعم الدولي من صندوق النقد الدولي والدول المانحة يؤدي الى فلتان شامل لأسعار السلع، وتدهور كبير لسعر صرف الليرة كما يؤدي الى تعثر كبير للمؤسسات المقترضة بالدولار.
2- في المالية العامة: تخفض الخطة العجز في الموازنة العامة من 11.3% من الناتج المحلي عام 2019 الى 5.3 % عام 2020 ثم الى 0.7% عام 2024 من خلال خاصة خفض النفقات العامة (إصلاح الكهرباء، إصلاح نظام التقاعد، ترشيد النفقات الجارية) وفي الإيرادات محاربة الهدر وتحسين الجباية في الجمرك والضريبة على القيمة المضافة ومكافحة التهرب الضريبي.
3- في الحساب الجاري أو الدعم الخارجي : تقدر الاحتياجات التمويلية الخارجية في فترة 2020-2024 بحوالي 28 مليار دولار لتمويل العجز في الميزان التجاري والخدماتي.
تحاول الخطة تأمين الدعم من مصادر خارجية متعددة منها صندوق النقد الدولي 10 مليار دولار ، مؤتمر سيدر 11 مليار دولار ومن موارد أخرى مثل قروض وهبات ثنائية مع الدول والصناديق والمؤسسات المانحة.
4- في اعادة هيكلة الدين العام : يبلغ الدين العام 90.2 مليار دولار في العام 2019 موزعة بنسبة 63% للدين بالليرة و37% للدين بالعملات الاجنبية.

تهدف الخطة الى خفض الدين العام للناتج المحلي من 175 % عام 2019 الى 99% عام 2024من خلال إعادة هيكلة الدين العام المحرر بالليرة اللبنانية وبالعملات الاجنبية.
5- في إعادة هيكلة مصرف لبنان:
تقدر الخسائر المتراكمة في ميزانية مصرف لبنان بحوالي 63.6 مليار دولار ناتجة عن كلفة التثبيت النقدي، وعمليات الهندسات المالية، وتغطية عجز ميزان المدفوعات والعجز المالي لا سيما الكهرباء والديون المتراكمة للدولة وتتوزع بالشكل التالي:
الخسائر المتراكمة في الماضي لمصرف لبنان 40.9 مليار دولار وأثر إعادة هيكلة الديون السيادية بقيمة 20.8 مليار دولار.

تتضمن الخطة انشاء الشركة الوطنية لادارة الاصول العامة والتي تحتوي حصص الاسهم في الشركات الرئيسية المملوكة من الدولة والأصول العقارية بهدف تحقيق ارباح الشركة لتمويل زيادة راس مال مصرف لبنان وتجهيز ضمانة الدولة لإعادة هيكلة مصرف لبنان بالتوازي مع زيادة تقييم هذه الاصول بعد تحسين أدائها مما يوفر غطاء وضمانة فعلية لإجراء تلك الزيادة في الرأسمال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Here you can just take everything you need for efficient promotion and get the job done well. o’tishingiz Surprisingly, this is not the same as the circumstance with Mostbet. agar o’yinchi MostBet in Bangladesh offers a plethora of pre-match picks in over 20 different sports. o’yin boshlanishidan oldin This means you may use the mobile version to safely make deposits and withdrawals. dasturi