الاســــــــــــــــــتاذ / بقلم حسن صبرا مجلة الشــراع 30 نيسان 2020

الاســــــــــــــــــتاذ
بقلم حسن صبرا
مجلة الشــراع 30 نيسان 2020

عندما يعلن نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ليس هو المسؤول وحده عن أزمة البلد النقدية فانه وهو يرفض تحميل سلامة مسؤولية الكارثة المالية في لبنان وحده، يسقط أيضا كل محاولات تحميل حزب الله مسؤولية الخطة التي تقودها جماعة عـون للتخلص من رياض سلامة حاكماً لمصرف لبنان للمجيء بأحد أتباعهم الى هذا الموقع المالي الأول في لبنان.
انها السياسة اذاً في الحالتين… حزب الله يوسّع دائرة المسؤولين عن الكارثة المالية والجميع يقرأ في الدائرة التي يلقي الشيخ قاسم الضوء عليها، أسماء ووجوه طبقة سياسية مهترئة فاسدة جشعة عاهرة.. كما بعض أصحاب المصارف ممن باعوا ضمائرهم في سوق القطع لمزيد من الأرباح على حساب المودعين.
والذين يتطاولون على رياض سلامة لا يهمهم الوضع المالي ولا المودعين ولا المصارف.. همهم الأول ابعاد الرجل عن رئاسة الجمهورية وقد ثبت أهليته وحاجة لبنان لدوره ليجلبوا شخصاً من جماعة عون حاكماً لمصرف لبنان.
وهل لدينا اعتراض على أن يتولى عوني حاكمية مصرف لبنان؟

بالتأكيد لدينا اعتراض.. لماذا؟

لأن اللبنانيين يتحمّلون ظلماً ما يزيد عن نصف الدين العام أي نحو 50 مليار دولار بسبب سياسة وزراء عون في وزارة الطّاقة بدءًا من جبران باسيل وارثور ناظريان الى سيزار ابي خليل وندى بستاني..وليس في الأفق ما يشير الى تغيير في نهج وزيرهم الأخير ريمون غجر في الطّاقة.. النهج الذي راكم على اللبنانيين 50مليار دولار.. فلماذا لا نعترض على تولي عوني حاكمية مصرف لبنان؟!
ثمّ أن تولي عوني يعينه صهر الجنرال الصغير حاكمية مصرف لبنان تجعلنا نخشى على واحدة من مؤسساته الأنجح وهي شركة طيران الشرق الأوسط مع الجموح المندفع الذي تداول اخباره الاعلام لتفتيت الشركة الوطنية للطيران، باستحداث منصب مدير عام يعينه صهر الجنرال الصغير ونقل صلاحيات رئيس مجلس الادارة الناجح محمد الحوت الى موظف يعينه جبران باسيل.
وهكذا… بضربة واحدة تضرب جماعة عون عماد الوطن المالي بالتطاول على رياض سلامة وعماد الطيران الوطني الناجح بالتطاول على محمد الحوت..

والأغرب بعد هذا،

هي الحملة التي شنّها رئيس الحكومة حسّان دياب على حاكم مصرف لبنان وعلنيًّا ومن قصر بعبدا مطالباً اياه – من غير ايّ سند قانوني أو دستوري – بتقديم كشف حساب عن مصرف لبنان، ليفضح تصرّف دياب بوعيه او من دونه الطبقة السياسية كلها، ولاندري كيف تلقّى دياب والذين جاؤوا به وحتّى الذين عارضوه وقائع الاطلالة الاعلامية لسلامة الذي قال فيها للبنانيين ان كل ما تريد الطبقة السياسية أو خصومه معرفته عن احوال مصرف لبنان منشور في وثائق المصرف وتحت تصرّف كل من يريد فعلاً معرفة واقع حال مصرف لبنان المالي وكيف تصرف الأموال وآلية اتخاذ القرار والمؤسسات التي تمرّ عبرها القرارات…
قال سلامة ألف باء العمل المصرفي وبدا كأنه يعطي للسياسيين دروساً في آلية صرف الأموال من مصرف لبنان الى الدولة التي تتسلمها.. وهي التي تصرفها وليس هو، وهو يطبق القانون الذي يلزمه بأن ينفّذ طلبات الحكومات.. وهي وليس هو الذي ثبّت سعر صرف الليرة اللبنانية تجاه الدولار، وهي أي الحكومات وليس هو التي دولرة تعاملات الدورة الاقتصادية.. وكل نواب الأمة منذ العام 1992 يعلمون ذلك ويدافعوا عن بيانات الحكومات ويعطونها الثّقة.
كل حكومات لبنان المتعاقبة منذ عشر سنوات أي منذ بدء الثورة الشعبية في سورية ضد آل الأسد صامتة على حمل المليارات من الدولارات الى الأسرة التي ابتلى شعب سورية بقساوتها وتسلطها ووحشيّتها.. أي أن نقص 40 مليار دولار خلال هذه الفترة – أي أكثر مما يحتاجه لبنان للخروج من محنته بثلاثة أضعاف موجودة عند أسرة الأسد وهي هربتها الى الخارج.. والنهب مستمر وفقدان الدولار مستمروملاحقة الصّرافين الجشعين الواجبة لا تغني عن مطالبة آل الأسد باسترجاع المال المهرّب اليها… مع الفارق أن الصّرافين يلعبون بعشرات آلاف الدولارات بينما تسبح أسرة الأسد بمليارات الدولارات..
والمفارقة في اطلالة رياض سلامة أنه بدأ كأستاذ لطلّاب مدرسة ابتدائية يلقن تلامذتها ألف باء العمل المصرفي وفي الوقت نفسه يشير الى أخطر القضايا وأصعب الزوايا التي يمرّ بها مال اللبنانين على آل الأسد..
كان رياض سلامة هادئاً كعادته، متمكنناً كعادته واضحاً كعادته.. ولن يجد خصومه أي ثغرة يقفزون منها للتطاول المهني عليه..

لذا،

أخطأ حسّان دياب عندما وقف كمتراس يطلق من خلفه جماعة عون النّار على سلامة، وكان سلامة أكثر احترافاً في السيّاسة – اضافة الى مهنيته العالية- فلمّ يردّ على دياب، بل جلس في موقع الأستاذيّة ليلقّن الطلاب درساً.. لن ينســـوه.