ثمانون سنة تقريبًا على هذه الصورة
ثمانون سنة تقريبًا على هذه الصورة أمام الرصيف الذي يقوم عليه اليوم قصر الميناء البلدي، تبدّلت الوجوه والأشياء والدروب.كانت الناس تغزو المفارق والساحات فغزتها اليوم السيارات الآليات.
سقط الشاطىء رويدًا رويدًا فالتقدّم سريع ولحظة الآن تصير بعد لحظة قديمة.
كانت القناطر الحجرية ترتفع بكبرياء فوق مطلّات البيوت والمحلات قبل هجوم الباطون، وكان الخشب يتعالى بغنج تحت الشرفات بحسب العمران التركي، فسقط الخشب ليرتفع الحديد لتختفي مهارة الحرفيين الذين بنوا ورفعوا جمالا عمرانيا فوق جمال.
كان القمر ينزل كل ليلة يسهر مع الصّيادين على ذلك الشاطىء الوارف ملحًا ورطوبة، ما عاد القمر يتعلّم السباحة في جورة “العبد” أو “المطران”، ولم يعد يستحم في “الحمام المقلوب” منذ انقلاب العالم الحضاري على الجبال والتلال والسهول والشواطىء.
هي ضريبة الحضارة المتداعية على إنسان اليوم. وحدهم أصحاب القلوب الملأى بهدايا ميلاد الذكريات باقية على شوقها إلى ما مضى.
تحمل فرحها إلى تلك الأيام الخوالي مقبلة على حياة اليوم بعفوية الذين رحلوا، وبساطة من عبّد الدروب حبًّا وعطرًا وقناديل بحر تضيء عتم الرحيل.