*كتب الإعلامي د. باسم عساف في جريدة الشرق – بيروت :* *الخماسية …تحافظ على قواعد اللعبة …*

*كتب الإعلامي د. باسم عساف في جريدة الشرق – بيروت :*

*الخماسية …تحافظ على قواعد اللعبة …*

*رئآسة الجمهورية في لبنان ، باتت عقدةً متأصلةً في نفوس العديد من الطامحين المسترئسين ، وباتت من أهداف الكتل النيابية المعكوسة على التيارات والأحزاب والعائلات ، التي تجد فيها ضالتها ، لتعزيز مراكز القوى لديها ، ولزيادة الأحجام الشعبية والمالية ، والإمساك بمواقع القرار ، حيث يرسمون من خلالها خارطة الطريق ، التي تبرز سلطتهم وما تجنيه أياديهم على الحاشية والأنصار والموالي ، ثم ما تجسِّده سياستهم على الوطن وأبنائه سلباً أم إيجاباً ، حتى يُدَوَّن على صفحات التاريخ بالإنجازات والإنماء المتوازن ، أو بالمحاصصات والمنافع الشخصية التي تسيء للوطن والمواطن …*
لذا نرى التنافس الشديد بين المتسلقين لإثبات النوايا والشعارات والعناوين المرفوعة عن الإلتزام بما يُفرح القلوب، من آمالٍ عريضةٍ وتمنيَّاتٍ تدغدغ النفوس ، للوصول إلى الإنماء والإعمار ، وإلى المشاريع الكبرى ، التي تعوِّض على المواطنين ما حرموا منه في عهودٍ سابقة ، لم يتم العمل بها أو الإقدام عليها لأسباب يعلّلونها بمبررات الحقد السياسي أو الطائفي ، على مبدا : *(لكل إمرئ من دهره ما تعود )* ، وأن طروحات التغيير والتطوير والتعميير ، ما هي إلا حبراً على ورق ، والمشهد يتكرر مع كل عهد وولاية كل رئيس ، حيث يتركون بصماتهم في التعيير والتجيير …
*إن رئآسة الجمهورية وصلاحياتها من بعد مقررات مؤتمر الطائف ، باتت جزءاً لا يتجزأ من مؤسسات الدولة ، المنوط بها مسؤولياتٌ ومهماتٌ مرتبطةٌ بالسلطات الأخرى التشريعية والتنفيذية ، وفق آلية عملٍ وإرتباطٌ دستوريٌ ، محدَّد الصلاحيات لكل منها ، ضمن مبدأ فصل السلطات والرقابة عليها ، مع بعض المميِّزات المنوطة برئيس الجمهورية حصراً ، كما وردت في الدستور اللبناني ، وهي التي تشجِّع على هذا التنافس ، الذي يصل في بعض الأوقات إلى التنابذ بالألقاب والفضائح ، التي تظهر مدى تمسُّكهم بالمنصب ومنافعه ، وليس بالإنجازات والبرامج التي تؤهلهم للإمساك بزمام الأمور حتى تستعيد الرئآسة هيبتها التاريخية….*
ما يقارب السنتين من تعطيل الرئآسة الأولى حالياً وما جرى لها من تعطيلٍ لأكثر من سنتين ونيف ، عند الإستحقاق الإنتخابي السابق ، وأيضاً للإنتخاب الأسبق ، الذي تمَّ عبر التوافق بمؤتمر الدوحة خارج لبنان ، وما سبقه أيضاً من لعبة التمديد أو التجديد ، حيث إغراءآت هذا المنصب تميل بمن إستولى عليه ، إلى الجنوح برغبة المصالح الشخصية ، أو العائلية أو الحزبية ، ونادراً جداً ما تغلِب المصالح الوطنية ، أو مصالح الوطن العامة ، التي تفيد التنمية والتطوير والتحديث ، ليكون هذا البلد على سيرته الأولى الممَّيزة بالتنافس الإيجابي ، الذي يرتقي لمصاف الدول المتقدمة …
*مع دخول المنطقة العربية الوسطى في مشروع الشرق الأوسط الجديد ، تطبيقاً لما يدبَّر لها من خارطة الطريق ، الهادفة إلى توزيعٍ جديدٍ في المناطق والبلدان و على أسسِ كانتوناتٍ فيدراليةٍ طائفيةٍ ومذهبيةٍ وعنصريةٍ ، لتكون إلى جانب الكيان اليهودي وبإشرافه ، على نمط ما تمَّ توزيعه بإتفاق سايكس – بيكو ، وعلى مثال مؤتمر يالطا ، بتوزيع الأوطان على قياس الأتباع والأنصاب والأزلام ، والجديد منها اليوم على ألنمط الإثنِي والعِرقي للمنطقة ككل ، ومنها لبنان ، الذي يتهيأ لهذه التسوية قولاً وفعلاً …*
لبنان منذ ما قبل الجمهورية الأولى ، التي ولدت سنة/ ١٩٤٣ من رحِم المحتلّ الفرنسي ، الذي ساهم في *(إتفاقية سايكس – بيكو)* وإقتسم لبنان وسوريا وضمَّها إلى غنائمه في المنطقة العربية ، ولبنان يعيش على التغذية الغربية ، وقرار أمنه وإستقراره وسياسته ، يأتي من الخارج ، خاصةً من فرنسا الراعية لمعظم العائلات ، والكتل التي تناديها بالأم الحنون ، وتسير في دربها على السراء والضراء ، إلى أن تسلمت هذا الإرث التاريخي ، الإدارة الأميركية ، حيث باتت مايسترو الفرقة التي تعزف على أوتار الفيدرالية ، التي تدغدغ شعبوية البعض ، وتدفع بهم نحو تحقيق المآرب الشيطانية ، ومع ما يتبع ذلك من هدر أموالٍ باهرة تفوق الخيال ، في سبيل أخذ العفو العام ورفع الحصار حتى تتكلل مسيرتها بالرضى والقبول …
*(رئآسة الجمهورية) ، هل هي الهدف بحد ذاته من عدم إجراء إستحقاقه ، أم أن الهيمنة على البلاد ، ومنح السلطة التي تتحكم بمسار الأمور ، لتنفيذ خارطة الطريق نحو الفيدرالية وتوزيع الكانتونات ، على من يلعب أو يخوض في هذه اللعبة ، كرمى الأسياد الذين يلهمونهم بما يفعلون ، وكيفية تسويف الأمور وهدر الأوقات و حتى تستوي الطبخة وتكتمل فصول التسوية بالمنطقة ، والتي أخَّرت تطبيقها عملية طوفان الأقصى ، وجعلتهم يغرقون في رمالها المتحركة ، دونما إيجاد المخرج الملائم الذي يجعلهم يكملون درب التسوية لشرق أوسط جديد ، بعدما إنقلب السحر على الساحر …*
لهذا جاءت فكرة إنشاء لجنة خماسبة ، وهي تتشكل بعضويتها ، من الدول المعنية بإيجاد المخرج اللازم لحرب غزة ، وهي نفسها التي تخوض المفاوضات وتتوزع الأدوار فيما بينها ، لإنهاء نتائج طوفان الأقصى بأقل الخسائر ، والحفاظ على ماء الوجه للكيان والجيش الذي لا يقهر …
*وعلى ذلك فقد إرتبط الإستحقاق الرئآسي اللبناني ، بصورة طبيعية مع المشاهد والمآسي لحرب غزة ، والحل هنا مرتبط عضوياً بالحل هناك ، ولا أمل بالحوار أو بالمشاورات حول الرئآسة ، ما لم تتوضح صورة المفاوضات ، والوصول إلى نتيجة وقف الحرب والإنسحاب ، وتبادل الأسرى ، وإعادة الإعمار وعودة النازحين إلى ديارهم ، وهي تمثل شروط المقاومة التي تعتمد وحدة الساحات …*
لقد باتت قواعد اللعبة واضحة في الإجراءآت ، وفي الترتيبات المتخذة هنا وهناك ، وكلها مرتبطةٌ بالحل الواحد المسيَّس وفق خارطة الطريق ، فلا خروج عن الدرب ، الذي رسم من الخارج لجميع اللاعبين في الداخل ، مهما كان دور كل لاعب ، فالجميع في فلكٍ واحدٍ يسبحون …
*وعليه فلا رئآسةً للجمهورية ، ما لم تنته اللعبة ، بإيجاد الحلِّ الذي تخوضه الخماسية في المنطقة و أو في لبنان وفلسطين ، والمخرَج المنتظر لحرب غزة وتداعياتها ، لذا فالخماسية تسير بحذر شديد لإدارة قواعد اللعبة ، خوفاً من أن تفلت زمام الأمور و وتصبح الخارطة في طريق خبر كان ….*