مقدمة نشرة اخبار “تلفزيون ام تي في”

مقدمة نشرة اخبار “تلفزيون ام تي في”

رأس الدولة اللبنانية حلق فوق البئر الغازية -النفطية المفترضة، بفخر واعتزاز واصفا هذا اليوم الذي شهد بدء الحفر في المنطقة الاقتصادية الخالصة بالتاريخي. كيف لا وهو الذي لم يخف فخره واعتزازه بالانجاز، وقد سجله لنفسه وللوزير جبران باسيل لإدخالهما لبنان نادي الدول النفطية.

وبعيدا من الاستفراد بالانجاز الذي أثار ردات فعل ناقدة، لأن ما جرى هو نتاج عمل جماعي لا فردي، فإن ما بهت الاحتفالية أن بدء الحفر حصل في زمن يرتفع فيه قلق الناس على صحتهم من الكورونا، وعلى جيوبهم من الفقر المتكالب، وعلى بطونهم من جوع محقق، وعلى مستقبلهم من سنين عجاف آتية. هذه الهموم لم يبددها الحديث عن نفط دفين، أشبه بالسمك في البحر، لن تبدأ عائداته بالتدفق قبل عشر سنوات، هذا إن كان من عائدات.

والقلق ليس تطيرا أو وسواسا بل هو مبرر وحقيقي، يلمسه الناس العاديون كما الخبراء المحليون والدوليون لمس الأيدي، ذاك أن الحكومة لم تنجز حتى الساعة برنامج النهوض المالي والاقتصادي، إما لعجز تقني وهذا مستبعد، إما لرضوخها لضغوط المعترضين بقيادة حزب الله، على ما يعتبرونه انصياعا لإملاءات صندوق النقد والولايات المتحدة.

في التفصيلي، لبنان الرسمي وبعيدا من الاحتفاليات، لا يزال يتخبط على جبهتين، منفصلتين ظاهرا، مترابطتين فعلا. الأولى، عنوانها البحث العقيم عن مخرج للأزمة المالية -الاقتصادية، والدوران في الحلقة المفرغة مرده الى أن الحكومة التي تعج بالخبراء استسلمت للفريق السياسي الذي خلقها، والذي قرر تعريتها من فضيلتي الاختصاص والاستقلالية وأعلن انتماءها الى خط الممانعة بقيادة حزب الله.

هذا الانتماء العقائدي الفاقع جعلها تستنكف عن إعداد برنامج النهوض العلمي المطلوب الذي يضع لبنان على سكة الخلاص بحسب نصائح صندوق النقد وكل الخبراء المتجردين، ما أقفل باب المساعدات العربية والدولية ووسع الحصار الأميركي على لبنان ليشمل كل مؤسساته ومواطنيه بعدما كان ينحصر في حزب الله.

الجبهة الثانية، وباء كورونا الذي فشل الإنكار والاختزال والكذب والمكابرة في علاجه ومنع انتشاره، فقد اعلن اليوم عن إصابة ثالثة بالفيروس لإيراني في مستشفى الحريري، في مؤشر على تصاعد مطرد في أعداد المصابين يتم تقنين الاعلان عنهم لامتصاص الخوف والنقمة . وهنا نشير الى ثلاثة حوادث مقلقة جدا :الأول، عودة المزيد من اللبنانيين الأسبوع المقبل من إيران ما سيؤدي حكما الى ارتفاع ملحوظ في عدد المصابين. الثاني، إعلان نقيب الأطباء شرف أبو شرف عدم رضاه عن التدابير التي تتخذها الجهات الصحية الرسمية لمكافحة كورونا. الثالث، إقفال أبواب السعودية في وجه اللبنانيين لانتشار كورونا في لبنان، وسط خشية من توسع دائرة منع اللبنانيين لتشمل دولا أخرى.