الشراع 27 كانون ثاني 2023
عندما تسقط العدالة والكرامة في البلاد وعندما تعظم السياسة والطائفية وعندما يصبح المال الحرام رزق الجالسين خلف مكاتبهم ينطقون احكامهم بإسم الشعب ،تتناطح الناس فيما بينها حتى الموت.
عندما يشنّ تيار الفاسدين واللصوص والشبيحة هجوماً مضاداً في الدولة بإسم التصدّي للتدخّل الخارجي وتعجز الناس عن التعبير عن سخطها يصبح الموت المفاجىء وباء لطيفاً يمتدّ وينتشر بهدوء في المدينة وفي الريف.
عندما يتوحّد الاوغاد والانذال والقتلة السابقون والحاليون دفاعا عن مالهم الحرام وعن جرائمهم تصبح الحرب احتمالا كبيرا كآخر رصاصة يطلقونها قبل الفضيحة.
المدافعون عن احد الاطراف المتصارعة ،بين من يُطالب بإكمال التحقيق وبين من يطالب بطيّه واقفاله لا يبنون اراءهم على قاعدة المنطق والوضوح بل يبنونها وقف مصالحهم و وفق أهوائهم و وفق احقادهم الدفينة.
هي ازمة اخلاق .
عادة ما تكون أزمة الاخلاق آخر نهايات وجود ناس او شعب او مجتمع او بلد او وطن او دولة.
نحن تخطينا في انهياراتنا ازمات الاخلاق.
أصبحنا في آخر ارتدادات انهيارها.
مع آخر إنهيارات الاخلاق تقفل الملائكة في السماء هواتفها وترميها في قعر جهنم غير معتذرة من تلقي اي دعاوى او أية طلبات رحمة جديدة.
صارت الحرب مطلب كل المهزومين لعلهم يعيدون من جديد رسم خطوط تماس طبقية جديدة.
الحمقى هم الذين لا يرون الا الناس المزدحمة في مطاعم الاثرياء ولا يرون عمال البناء المربوطين المدندلين بحبل وهم يعملون عند الطابق الخامس عشر لشراء ربطة خبز.
سابقا كتبنا ليأتي الانهيار والآن نكتب لتأتي الحرب الشعواء.
عندما يتناطح القضاة تنهار العدالة ما يجعل الفوضى الذكية المنظمة تتقدّم لتؤم كل المنتقين قريبا.
د احمد عياش
طبيب نفسي واجتماعي.
مجلة الشراع
