كلمة مسؤول المؤتمر الشعبي اللبناني في طرابلس المحامي عبد الناصر المصري في اللقاء التضامني مع فلسطين الذي نظمته الحملة الأهلية لنصرة فلسطين وقضايا الأمة في دار الندوة الشمالية يوم السبت في ١٣ آب ٢٠٢٢

نلتقي مجدداً في طرابلس لنتضامن مع فلسطين، بل مع انفسنا لأن فلسطين قضيتنا الأولى وشعبها البطل يدافع عنها وعن كل الأمة.
منذ ايام تعرض قطاع غزة لعدوان صهيوني غادر سعى لتحقيق هدفين، اولهما احداث فتنة في صفوف الشعب الفلسطيني، بين الضفة وغزة، وبين فصائل المقاومة الفلسطينية عندما جرى الحديث عن عدوان على حركة الجهاد الاسلامي دون غيرها من الفصائل المقاومة، وثاني أهداف العدوان هو السعي لاضعاف حركة الجهاد وذراعها العسكري سرايا القدس.
ولكن النتيجة جاءت بعكس ما يشتهي العدو، فقد أحبط الشعب الفلسطيني أهداف العدوان، بدءاً من اطلاق اسم وحدة الساحات على المعركة، حيث تكامل الدم الفلسطيني في جنين ونابلس وغزة بما أعاد للاذهان مشهد الوحدة الذي تجسد في معركة سيف القدس يوم قدم الشعب الفلسطيني ملحمة في البطولة والوحدة الوطنية الشعبية، فشكلت وحدة الساحات امتدادا لسيف القدس.
وقد فشل العدو ايضا في تحقيق هدفه الثاني وهو اضعاف حركة الجهاد الاسلامي رغم تمكنه من اغتيال قائدين كبيرين هما تيسير الجعبري وخالد منصور وعشرات الشهداء من الأطفال والنساء، وهذا الفشل ظهر في قدرة المقاومة على اطلاق أكثر من الف صاروخ في خمسين ساعة تقريبا واستمرارها في اطلاق الصواريخ حتى اللحظة الاخيرة قبل دخول وقف اطلاق النار حيز التنفيذ.
ولعله من المفيد التأكيد أن المعركة مع العدو هي معركة ارادات، والشعب الفلسطيني الذي يمتلك مخزونا كبيرا من الايمان والعقيدة والروح الوطنية الثائرة على الظلم والاحتلال، يمتلك ارادة مستمدة من ارادة الله سبحانه وتعالى، وهو المنتصر في النهاية مهما غلت التضحيات.
إن استشهاد قائد شهداء الأقصى في نابلس ابراهيم النابلسي ورفاقه بعد مواجهات بطولية مع العدو يؤكد ان ارادة القتال ما زالت تتقدم على خيار التفاوض والسلام المزعوم، ووصية الشهيد النابلسي لرفاقه ان لا تتركوا السلاح يثبت ان الجيل الذي نشأ في ظل اتفاقية اوسلو ليس أقل شجاعة وفداء وثورية من أولئك الذين اطلقوا الرصاصة الأولى عام ١٩٦٥ ولا أقل استعدادا من اولئك الذين يسكنون الانفاق في غزة ويطلقون الصواريخ على المستوطنات والمدن والقرى المحتلة.
إن مشهد الكبرياء الذي اطلت به والدة الشهيد ابراهيم وهي تزف ابنها يثبت مجددا ان امهات فلسطين لا يلدن الا الأبطال، فكل التحية لهن على شجاعتهن وتضحياتهن وصمودهن.
وبالعودة الى أحد المشاهد الملفتة والمفارقات المهمة، نستحضر مسيرة تشييع القادة الشهداء في غزة حيث خرج الآلاف بلا خوف يحملون النعوش رغم استمرار القصف والعدوان الصهيوني وتحليق الطائرات العسكرية والاستطلاعية، في حين يهرع قطعان المستوطنين في تل أبيب الى الملاجئ عند صدور صفارات الانذار، انها فعلا مفارقة تؤكد ان اصحاب الحق لا يخافون الموت بل يقبلون على الاستشهاد دفاعا عن الأرض والمقدسات في حين يخاف المحتل الجبان ويهرع قطعان المستوطنين كالفئران الى الملاجئ بمجرد شعورهم بخطر ما.
وهنا نناشد الادارة المصرية أن تتخذ موقفاً صارماً من العدو بعد أن غدر بها ولم يلتزم بما اتفق عليه لجهة اطلاق الأسيرين بسام السعدي وخالد الواوي رغم مرور أيام على وقف اطلاق النار، ونناشدها تقديم كل أشكال الدعم لأهل غزة بما يخفف عنهم مآسي الحصار الظالم.
إن القضية الفلسطينية قضية حق وستنتصر في النهاية، وطالما هناك مقاومة وشعب لا يستسلم للمحتل الغاصب فلا بد ان يبزغ فجر الحرية والتحرير، فالتحية للشهداء والاسرى والمقاومين الذين أطلقوا الصواريخ من تحت الأرض وفوقها وللمرابطين في القدس والمسجد الأقصى ولشباب قرى وبلدات الضفة الغربية الذين يلتحمون مع العدو وينفذون العمليات الفدائية، إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم…النصر لفلسطين والهزيمة للصهاينة الغاصبين.