ميقاتي يتمسك بصلاحياته وجلسة تفجيرية الثلثاء.. المجلس يتحضّر: الموازنة لن تمر بسهولة

احتوى «الثنائي الشيعي» بعد مجلس الوزراء أمس، بعد تلقي الوزراء الخمسة تعليمات بإغلاق المواقف، وعدم الخوض بأي تعليقات ذات صلة بما حدث في جلسة مجلس الوزراء، والتي كادت ان تفجر أزمة جديدة، ولكن كبيرة بين هذا الثنائي والعهد وفريقه، وربما مع رئيس مجلس الوزراء.

وارتأى هذا الثنائي بعد مشاورات بين الرئيس نبيه برّي والأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله قضت باحتواء الموقف، وتكليف الرئيس نبيه برّي بتلاوة موقف على لسان الزوار.. في مواجهة مع عهد الرئيس ميشال عون، وهو يمضي إلى اشهره الأخيرة، إلا إذا…

وارتأت الجهة الأكثر تأثيرا داخل صف «الثنائي» بأن يمر هذا التصويب، ليس مباشرة، بل من خلال تنظيم حملة على الرئيس نجيب ميقاتي، واعتبار ان أداءه محكوم بضغوطات لإقرار موازنة العام 2022، وربما اشياء أخرى، بتناغم وتنسيق مع الرئيس ميشال عون.

ولكن كظم الغيض لم يدم طويلا، إذ أعطي ضوء آخر لوزراء الثنائي لإعادة التصويب على ما حصل في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء.. واصفة مصادر وزارية ما حصل بأنها كان «متشجناً» لآخر المطاف، الأمر الذي حمل الرئيس ميقاتي، وعبر مكتبه الإعلامي لإصدار بيان يُشدّد فيه على الصلاحيات الدستورية، رافضا ان يُحدّد له أحد جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء.

وجاء في بيان المكتب الاعلامي: يتم التداول، منذ ليل امس، بأخبار وتحليلات صحافية خاطئة بشأن التعيينات التي جرت في مجلس الوزراء يوم امس في القصر الجمهوري.

وفي هذا الاطار يجدد دولة رئيس مجلس الوزراء التأكيد، أن وضع جدول اعمال مجلس الوزراء هو حصرا من صلاحيته ويطلع فخامة رئيس الجمهورية عليه ، على ان يكون لفخامته حق طرح اي بند من خارج جدول الاعمال.

كما يؤكد رئيس مجلس الوزراء، ما سبق وكرره في أكثر من مناسبة وموقف، من انه لم يعقد اي اتفاق جانبي لقاء عودة الوزراء المعتكفين في حينه الى المشاركة في جلسات مجلس الوزراء ، ولا يقبل ان يحدد له احد جدول اعمال مجلس الوزراء او ان يتدخل في صلاحياته الدستورية او يحددها .

ويتمنى المكتب الاعلامي على السادة الزملاء عدم التداول بهكذا معلومات مغلوطة، لان الرئيس واضح في موقفه بأنه لا تسويات على حساب الصلاحيات الدستورية. فاقتضى التوضيح.

ونفت مصادر حكومية الروايات التي سُربت عن مداولات جلسة مجلس الوزراء امس ، واكدت ان الوزراء ناقشوا موازنات وزاراتهم تباعا ومنهم من عدّل في ارقام اعتمادات وزارته واضاف اليها او احدث تبديلا في اعتمادات الابواب ، وليس صحيحا بمن فيهم وزراء الثنائي الشيعي . واكدت ان النقاش تناول التفاصيل بعد عرض قدمه وزير المال يوسف الخليل الذي اوضح كل التساؤلات التي طرحها الوزراء من دون استثناء . حتى ان احد وزراء الثنائي دخل في تفاصيل اعتمادات ادارات اخرى ومنها الجامعة اللبنانية واقتطع من موازنة وزارته مبلغا من المال لصالح الجامعة. واستغربت المصادر ان يقال ان النقاش «سُلق سلقا» والدليل ان كل وقت الجلسة تركز على الموازنة فقط وعلى طلبات زيادة الاعتمادات . وعندما انتهى النقاش لم يعد لدى الوزراء ما يضيفونه لاسيما وان المدير العام للمالية بالوكالة جورج معراوي دوّن كل الملاحظات وطلبات الوزراء ، فتمت الموافقة على المشروع بعد التعديلات التي ادخلت عليه. ونفت المصادر كل ما قيل عن ان الوزراء لم يعرفوا باقرار الموازنة بدليل انه تقرر بعد الانتهاء من الموازنة تحديد جلسة الثلاثاء المقبل لدرس خطة الكهرباء على ان يوزعها وزير الطاقة على الوزراء في موعد اقصاه يوم الاحد. ورأت المصادر ان التصويب على الموازنة هو بقصد محاولة البعض التبرؤ منها لاعتبارات شعبوية علما ان وزير المال التي اعدها هو من الفريق السياسي الذي اعترض عليها!

وعليه، رجحت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن  يكون مجلس الوزراء  المنوي انعقاده الثلاثاء المقبل ويناقش ملف الكهرباء أن يكون صاخبا لاسيما أن ترددات الجلسة السابقة ستكون حاضرة سواء في ما خص الموازنة والتعيينات،  مشيرة إلى ان النقاشات وحدها  تتحكم بمسار الجلسة.

وقالت أنه من السابق لأوانه الحديث عن رفض سلفة الكهرباء أو القبول بها، ملاحظة ان لا شيء يحول دون اللجوء إلى التصويت إذا وصلت الأمور الى حائط مسدود.

وأفادت أن وزير الطاقة سيقدم ملفا متكاملا عارضا فيه دوافع طلب السلفة والنقاط المتصلة بملف الكهرباء.

ورأت المصادر نفسها أن الجلسات الخاصة المنفصلة عن جلسات مجلس الوزراء العادية قد تكون  تفجيرية، لكن الأمر منوط بما يطرح وكيفية الرد والتلقف.

وكشف مصدر وزاري ان وزير الطاقة لم يخفِ ردا على سؤال ارتباط تأخر مشروع الكهرباء من الأردن والغاز من مصر بالضغوط لتمرير الاقتراح الأميركي في ما خص ترسيم الحدود.

وكان وزير العمل مصطفى بيرم علق على ما حصل في جلسة الموازنة أمس الاول، مشيرا الى أنه «لم يكن هناك استغفال لنا لأن لا أحد يمكن أن يستغفلنا، ونحن حاضرون والوحيدون الذين ندرس الموازنة مرتين مرة مع الحكومة ومرة مع خبراء خارج الدولة، وعدلنا في 8 جلسات العديد من الرسوم وغيرنا قوانين، وقدمنا بدائل لرسوم جديدة، ونقول لأهلنا وأحبائنا نحن أهل ثقة وثقتكم غالية علينا، أنا وحمية لدرجة أنه إذا اضطر أحدنا لشرب نقطة ماء أن يتابع الآخر».

وأضاف في تصريح لقناة المنار: «وُعدنا أن تكون جلسة الإقرار في قصر بعبدا على أساس أن تقدم لنا المواد والتعيينات وغيرها، وكنا ننتظر المناقشة الدقيقة كما فعلنا بالجلسات الثمانية التي مضت، وكنا نحاول أن نعيد تصويب النقاش وكنا بانتظار اقرار الموازنة مادة مادة وحرفا حرفا، ولم يكن لدينا النسخة النهائية على الإطلاق».

وأردف: «مع بدء مناقشة الموازنة حدث شيئ من خارج جدول الأعمال، كنا نستوضح عن هذا الأمر، بهذه اللحظة يتم رفع الجلسة من رئيس الجمهورية، ولست مخولا أن أقول ماذا حصل، ولم نعرف ما حصل، وتساءل الوزراء، في هذه الأثناء تفاجأنا بأن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قد خرج للإعلام».

وقال: «لم نناقش الموازنة ولم نستلم الأرقام وتفاجأنا أن ميقاتي خرج الى الإعلام ونستعلم ذلك عبر الواتساب، وهناك مخالفة خاطئة تماما ولأننا حريصون على البلد، وحريصون على ملفاتنا وملفات غيرنا».

وأعلن أنه «لم يحصل تصويت على الموازنة ونحن نعتبر أن الموازنة لم تُقر قانونا وسوف تعالج عبر أُطر أخرى، ونحن لا نخون الأمانة والثقة».

وأوضحت مصادر وزارية ان الوزراء لم يتسلموا حتى النسخة الورقية ولا حتى للابتوب لم يحمل بالنسخة، وأشارت إلى ان الرئيس ميقاتي كان همه إقرار الموازنة، واخراجها من مجلس الوزراء إلى مجلس النواب وأخذ على رئيس الحكومة، حسب مصادر الثنائي، ان صدّ وزير التربية عندما تحدث ع موضوع اعتصام الأساتذة.

وعندما طرح وزير الاشغال علي حمية الوضع في مطار رفيق الحريري الدولي، وان لا كهرباء فيه، وقد نكون امام كارثة وان سلامة الطيران في خطر، حوّل الرئيس ميقاتي الكلام إلى وزير الطاقة..

ونقل عن نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي قوله في بداية الجلسة: اننا يمكن أن نناقش بشكل علمي، ومن كل شيء صندوق نقد، وهيدا مش قدر مسلط..

ولما طرح الرئيس عون الإسمين اللذين عينا في المجلس الأعلى للدفاع، قيل له ان التعيينات تحتاج إلى تأجيل إلى الثلاثاء ريثما يتم الاطلاع على نبذات شخصية عن كل مَن يجب ان يعين في أي منصب.

قللت مصادر وزارية من تأثير ما صدر من معلومات واخبار مضخمة عن وقائع جلسة مجلس الوزراء الاخيرة، ولاسيما، ما تردد عن اقرار مشروع الموازنة من دون موافقة الوزراء،وقالت ان المشروع قد اشبع درسا في الجلسات التي عقدت بالسراي الحكومي، وكانت الجلسة الاخيرة لوضع اللمسات الاخيرة عليها. ولذلك تم اقرارها بسرعة.

اما بخصوص الاعتراض على التعيينات التي جرت من خارج جدول الأعمال، فاشارت الى انها لم تكن مخالفة للدستور، وقالت ان تضخيم موضوع التعيينات مرده الى مطلب بتعيين نائب رئيس جهاز أمن الدولة، وهذا سيتم الاسبوع المقبل.

من جهة ثانية، اعتبرت مصادر سياسية الانتقادات والملاحظات التي وردت في بيان كتلة التنمية والتحرير على مشروع الموازنة، هي في غير محلها، وهدفها شعبوي على ابواب الانتخابات النيابية المقبلة، بينما يعلم الجميع أن من وضع المشروع هو وزير المال محسوب على حركة أمل، وهناك وزير ثان للحركة بالحكومة، ما يعني انها مشاركة بالكامل ومسؤولة عن وضع المشروع.

وحسب “الديار” اذا كان ثمة من يعتقد ان جلسات الحكومة طارت الى غير رجعة، بحسب ما بدأ التسويق له فان مصادر مطلعة جزمت ان العودة الى تعطيل مجلس الوزراء ليس واردا عند الثنائي الشيعي، وان ثمة اتصالات بدأت لحل العقدة التي استجدت، وان كانت دخلت على الخط بعض العوامل والشروط، التي اوحت بان ما يحصل «تكبير للحجر» اكثر منه «مشكل حقيقي».

وفيما تعود كلمة الفصل في مشروع الموازنة الى المجلس النيابي، إلا انّ أجواء الفوضى والغموض التي واكبت إقرار الموازنة معدّلة في مجلس الوزراء أمس الاول، لا تبشّر بالخير، ولا توحي بأن المشروع سيصل بسلاسة الى اللجان النيابية ببنود متّفق عليها مسبقاً من قبل الاحزاب الممثلة في الحكومة والبرلمان، كما ورد في “الجمهورية”.

تلوح في الأفق اجواء مواجهة في ملف الموازنة، شبيهة بالمعركة التي خاضها النواب عند مناقشة خطة حكومة حساب دياب الاصلاحية. ومن المرجّح ان تندلع المعركة مجددا في المجلس النيابي لدى مناقشة موازنة 2022. اجراءات مختلفة تم اعتمادها لزيادة الايرادات وخفض العجز من 10 آلاف مليار ليرة الى 7 آلاف مليار ليرة. ورغم ان تلك الاجراءات لا تزال غير واضحة، إلا انه أصبح معلوما ان «لا كهرباء ولا اتصالات ببلاش» بعد اليوم، وان الرسوم الجمركية والضرائب على سعر صرف منصة صيرفة، وان البن والشاي والسلع الغذائية الاساسية والادوية معفية من تلك الرسوم.